خبر من الشمال سيأتي الامر.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:29 ص|17 يناير 2010

بقلم: ايزي لبلر

وزير الخارجية النرويجي يوناس غار ستورا، الذي يزور البلاد اليوم، يمثل حكومة تعمل اليوم كاحدى الهيئات التي تشهر باسرائيل بالشكل الاشد في اوروبا. ستورا نفسه يدعو الى محادثات مباشرة مع حماس، وحكومته تندد باسرائيل المرة تلو الاخرى على أنها عملت ظاهرا بانعدام توازن وبوحشية في غزة.

لا حاجة الى الاشارة بان الحديث يدور عن معايير مزدوجة. النرويج تشارك في الناتو، ولكنها لم تنتقده عندما نفذ "قصف منهاجي" للصرب، في ظل قتل مدنيين كثيرين، في محاولة لاطاحة الرئيس سلوفودين ميلوشفتس. النرويج لا تحتج رغم مشاركة جنودها، عندما يقتل مدنيون ابرياء حين يعمل الناتو على تدمير شبكات الارهاب في افغانستان والباكستان. ولكن اسرائيل؟ هذه قصة اخرى. واذا كان هناك حاجة للاضافة فان النرويج كان احدى الدول الاوروبية التي ايدت تبني قرارات مؤتمر دربن الثاني، حتى بعد أن كان واضحا ان المؤتمر اصبح مهرجان كراهية.

وهاكم نموذجا عن النهج النرويجي العادي. في بداية 2009 ارسلت ترين ليلنغ، الموظفة الادارية في السفارة النرويجية في العربية السعودية، من بريدها الالكتروني صورا فظيعة عن ضحايا المواجهة في غزة، الى جانب صور ضحايا الكارثة. وقد حاولت أن تقايس بين الكارثة وبين ما يجري في غزة لوصم اسرائيل تحت اسم حقوق الانسان. الى أن تبين بان الصور ملفقة. وزير الخارجية النرويجي شرح معقبا بان ليلنغ لم تعد تعمل في السفارة النرويجية ولكن بعد اشهر قليلة من ذلك عندما اتصل صحافي اسرائيلي بالسفارة فهم بانها لا تزال في منصبها.

هذا لا ينتهي هنا. في السنة الماضية وظفت حكومة النرويج 30 مليون دولار لاجراء احتفال على شرف كنوت هامسون، الكاتب الذي كرس جائزة نوبل التي حصل عليها لبوبلس ومجد هتلر.

والحالة الاخيرة ترتبط بكتاب نشره طبيبان نرويجيان، مادس غلبرس واريك بوسه، زارا غزة وعرضا قصص خيالية عن جنود اسرائيليين يجمعون النساء والاطفال داخل المباني ومن ثمّ يقصفونها. هذا الكتاب البائس قد لا يكون جديرا برد الفعل، ولكن ما جعله ذا أهمية هو ان رئيس الوزراء النرويجي وصف الكاتبان كمقاتلي حرية شجاعين يقاتلان "في سبيل العالم".

وزير الخارجية النرويجي، الذي كما اسلفنا يزور اسرائيل الان، اعرب عن تقديره للكتاب وكاتبيه في الاهداء الذي كتبه على الغلاف الخلفي. حكومة اسرائيل احتجت ونائب وزير الخارجية داني ايالون وصف الكتاب بانه "يتشكل من زور وبهتان"، بل ووصف ثناء وزير الخارجية له بانه "اشكالي". من وزارة الخارجية النرويجية جاء رد فعل متملص يقول ان وزير الخارجية أعرب فقط عن تقديره لعمل الطبيبين الانساني.

في الاسابيع الاخيرة صرح وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بان على اسرائيل أن تكف عن اعطاء خدها الاخر عندما تتلقى اهانات من جانب ممثلي دول اخرى. وسيكون من المناسب تطبيق هذه السياسة عندما يلتقي نظيره النرويجي في القدس اليوم. ومع ذلك، ينبغي الامل في أن يعرب عن غضبه بشكل اكثر ذكاء من الشكل المتخلف وعديم المنفعة الذي عبر به عن احتجاجه الشرعي امام السفير التركي.

مع ذلك، من المهم أن نميز بين الشعب النرويجي وحكومته. لاسفنا، 26 صديق لاسرائيل في البرلمان يوجدون في المعارضة، ولكن يجب الامل في أن يكونوا يمثلون الكثيرين من مواطني النرويج. في هذه الاثناء النقطة الايجابية هي انه حتى الصحيفة اليومية المناهضة لاسرائيل "افتنفوستون" نشرت هذا الشهر مقالا افتتاحيا يندد باللاسامية السائدة في الدولة ونسب الكراهية المتعاظمة تجاه اليهود للتهجمات على اسرائيل وللمهاجرين المسلمين اللاساميين.

الى أن تتعامل حكومة النرويج مع اسرائيل دون تحيز، علينا أن نمتنع عن كل وهم. حكومة النرويج ليست حيادية، ويجب التعامل معها بناء على ذلك.