خبر غزة: التنقيب عن الحصمة أسفل الطرق المجرفة أحدث المهن المبتكرة!

الساعة 06:43 ص|15 يناير 2010

فلسطين اليوم-غزة

يحدق الخطر بهم ولا يكترثون بالموت، بمحاذاة الجدار المحيط بقطاع غزة شمالاً، وأسفل المواقع العسكرية الإسرائيلية المنتشرة على امتداد هذا الجدار.

يبحثون وينقبون عن رزقهم غير مبالين بالأخطار، يستخدمون الفؤوس والمعاول للتنقيب أسفل الطرق المعبدة التي دمرت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، بحثاً عن الحصمة التي تستخدم في تعبيد الطرق.

الشاب صديق مقاط (25 عاما) اعتبر أن جديد المهن الخطيرة في قطاع غزة في ظل الحصار والبطالة لم يتوقف عند العمل في حفر الأنفاق وجمع مخلفات الدمار لإعادة تصنيعها من جديد، فثمة مهنة أخرى تتضمن جمع الحصمة التي تستخدم في تعبيد الطرق، موضحا أنه يتم فرز الصغير من الحصمة عن الكبير، قبل بيعها لشركات المقاولات التي وجدت في المهنة الجديدة دافعاً آخر لتعبيد عدد من الطرق التي مضى عليها أكثر من أربع سنوات دون إتمام وتعبيد.

وأشار في حديثه لصحيفة "الأيام" المحلية إلى أن العديد من المواطنين العاطلين عن العمل في قطاع غزة المحاصر لجؤوا إلى مزاولة حرف ومهن جديدة يمكن أن تعرضهم للخطر أو الموت، وكان آخرها التنقيب عن الحصمة أسفل الطرق المجاورة للشريط الحدودي في المنطقة الصناعية "إيرز" التي دمرتها جرافات الاحتلال، مؤكداً أن سبب لجوئهم لهذه الأعمال الخطيرة هو الهروب من نار البطالة والفقر المتواصل في القطاع، وتوفير المتطلبات الأسرية من لقمة العيش ومصاريف الأبناء.

مقاط المتزوج والأب لطفل والمسؤول عن والديه عانى قلة العمل خلال السنوات الأربع الماضية، بعد فرض الحصار على قطاع غزة، يخرج يوميا من منزله عند الساعة السادسة والنصف صباحاً مع الخيوط الأولى للشمس، إلى المنطقة الصناعية للتنقيب عن الحصمة وفرزها إلى قسمين، الكبيرة التي تستخدم في تعبيد الشوارع، والصغيرة التي تستخدم في البناء.

الشاب أبو علاء (28 عاما) يمتلك عربة "كارو" يحمل عليها ما يتم جمعه من حصمة، بعد ندرة المهن في قطاع غزة، ويقول إنه عمل في شهر رمضان بائعا للخروب، ثم عمل في الأنفاق التي تركها أمام تعاظم مخاطرها، معتبرا أن الحصمة التي يستخرجها من أسفل الطرق المجرفة تشبه "ذهب الحصار"، التي يسعده أن يعثر على المزيد منها.

وأوضح أنه بالرغم من التهديدات التي يطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يدهمون العمال في أوقات مختلفة يصر كثيرون منهم على مواصلة عملهم بحثاً عن لقمة العيش.

وقال سمير زقوت مسؤول دائرة البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان بغزة، إن الحصار والإجراءات المرتبطة به حولت قطاع غزة إلى سجن كبير لسكانه، مترافقا مع انهيار اقتصادي شمل كافة القطاعات الصناعية والخدمية والإنشائية والزراعية، ما نتج عنه تزايد في مظاهر الفقر والبطالة والمعاناة والحرمان.

حال الشاب خالد أبو عاصي (24 عاما) لا يقل سوءا عن حال مقاط، فهو أيضاً يعاني من وضع مادي صعب، ويحاول الزواج منذ العامين، ولجأ إلى امتهان عمل قاس ضمن المجموعة التي يشرف عليها مقاط، بالرغم من حصوله على شهادة جامعية لكن دون جدوى.

وأوضح أبو عاصي أن جنود الاحتلال يوجهون كل يوم للعاملين هناك تهديدات جديدة ويطلقون الرصاص بمحاذاتهم ويتهمونهم بحفر الأنفاق، منوها إلى أنهم يواصلون عملهم تحت رحمة فوهات البنادق وفي مرمى الموت.

بعد مضي نحو ست ساعات على الأقل، يبدأ أبو عاصي بتعبئة عربته الخشبية بالحصمة، مقابل 120 شيكلا يتلقاها من شركات المقاولات مقابل كل طن منها.

وكانت وزارة الأشغال العامة والإسكان في حكومة غزة عملت على تدوير الركام واستخدامه في ردم حفر ومطبات الشوارع، واستخلاص الحديد وبيعه من أجل التصنيع، كما استخلصت نوعا من الحصمة تستخدمه في الطرق الزراعية.

والى أن يسدل الستار على قضية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت المأسور لدى فصائل فلسطينية منذ صيف حزيران 2006، والذي تربط إسرائيل إدخال المواد الخام بقضيته، فإن الغزيين لن يترددوا في ابتكار الوسائل المختلفة للعمل والحياة والتحايل على الحصار الإسرائيلي الظالم.