خبر التنازلات كعقبة للسلام.. هآرتس

الساعة 10:52 ص|12 يناير 2010

بقلم: موشيه أرنس

مر نحو من 17 سنة منذ قرار اسرائيل البائس على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة شرعية للشعب الفلسطيني وعلى التوقيع على اتفاقات اوسلو. فبرغم الاتفاقات، وربما بسببها، سفك دم كثير منذ ذلك الحين ولم يحرز ايضا تقدم حقيقي نحو السلام.

لم تكن تنقص الجانب الاسرائيلي نيات خيرة. لكن ذلك ليس كافيا كما تم البرهان مرة بعد اخرى. بل العكس، منعت مقترحات اسرائيلية في حالات كثيرة تقدم التفاوض. ان التنازلات البعيدة المدى التي تقترحها اسرائيل تقوي عند الفلسطينيين افتراض ان هذه ستكون نقطة بدء اي تفاوض منذ الان – برغم انهم يرفضون هذه المقترحات. وبهذا تصبح التنازلات عقبات في طريق السلام. ان التنازلات التي اقترحها ايهود باراك في محادثات كامب ديفيد في سنة 2000 والمقترحات البائسة للوفد الاسرائيلي في محادثات طابا كانت عقبات في طريق السلام فقط.

لماذا تصبح التنازلات عقبات؟ السبب بسيط: اذا لم يكن يوجد لها تأييد من أكثر الجمهور الاسرائيلي فلن يمكن تطبيقها. أما طلب الفلسطينيين ان تكون التنازلات المقترحة نقطة بدء أي تفاوض في المستقبل فيمنع تجديدها. ان رئيس حكومة او حكومة يقترحان تنازلات كهذه يمكن ان يزعما انهما انتخبا انتخابا ديمقراطيا وان لهما حقا كاملا في اقتراح تنازلات. هذا حق لكن يجب عليهما ان يعلما انه اذا لم يؤيد الجمهور هذه التنازلات فلن يمكن تحقيقها. ولهذا باقتراحهما اياها يخدمان المسيرة السلمية خدمة الدب وهي التي يزعمان عنايتهما بها.

قرر ايهود اولمرت وتسيبي لفني خطأ باراك. فقد اقترحا على الفلسطينيين تنازلات بعد ست سنين لم يؤيدها الجمهور ورفضها الفلسطينيون. لكن تجدد التفاوض يعوقه ان الفلسطينيين يطلبون ان يبدأ من النقطة التي وقف عندها.

علم باراك جيدا ان اقتراحاته لا يؤيدها اكثر الجمهور. وفي تلك الفترة فقد تأييد مجلسه الوزاري المصغر بل لم يكن له اكثرية في الكنيست. وهكذا لم تترك انتخابات شباط 2001 محلا للشك في رأي الجمهور في اقتراحه على الفلسطينيين.

كان اولمرت ولفني في موقف أقوى عندما بدآ التفاوض، لكن عندما اقترح اولمرت على محمود عباس تنازلات كانت بعيدة المدى جدا كما قال، كان قد اصبح في طريقه الى الخارج. الان وعباس يواجه حكومة اسرائيلية جديدة، يطلب ان يجمد التفاوض من المكان الذي وقف عنده. وهذا حاجز يبدو انه لا يجتاز في الطريق الى السلام.

كيف ستستطيع حكومة ما ان تعلم ان التنازلات التي تقترحها ستحظى بتأييد الجمهور ولن تصبح حاجزا في الطريق الى السلام؟ أيكفيها ان تملك اكثرية في الكنيست؟ او ربما يعتقد مسؤولوها الكبار انهم سينجحون بواسطة "تكتيك الميتسوبيشي" في اغراء عدد من اعضاء الكنيست بتجاوز خطوط الاحزاب وتأييد اقتراحاتهم؟ لن تستطيع اكثرية عارضة موقوتة في الكنيست، تؤيد التنازلات التي تقترحها الحكومة ان تأتي المنطقة بالسلام.

لقد أثير اقتراح ان تجاز تنازلات واسعة على الارض باستفتاء شعبي فقط. ان تأييدا كهذا سيمنح أي اقتراح تقدمه الحكومة الشرعية والبقاء ويمنع اقتراحات غير موزونة. يمكن في نظام حكم برلماني ايضا الاتيان بشؤون مهمة ليقرر فيها الجمهور. فقد أتت حكومات برلمانية في اوروبا باقتراح الانضمام الى الاتحاد الاوروبي ليقرر فيه مواطنوها، ولم تعتقد ان هذه خطوة غير ديمقراطية. على اية حال لن يحرز السلام مع الفلسطينيين بأكثرية عارضة او متكلَفة في الكنيست.