خبر عندما يصدق ليبرمان .. هآرتس

الساعة 12:29 م|06 يناير 2010

بقلم: ألوف بن

وزير الخارجية افيغدور ليبرمان على حق: ففي السنتين القريبتين لن يحرز اتفاق دائم مع الفلسطينيين. وليبرمان على حق ايضا في الاهمية التي يوليها الكرامة الوطنية. فانا ايضا مثل وزير الخارجية، استشيط غضبا عندما يهاجمون دولتي في وسائل الاعلام الاجنبية، وافخر بالاسرائيليين الذي يفوزون بجوائز نوبل او بميداليات اولمبية.

يمكن تفسير هجوم العناوين الموسمي لليبرمان على أنه تحرش بخصمه وشريكه السياسي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فليبرمان يعرض نتنياهو على انه غبي يأسره سحر تعتعات "تجديد التفاوض السياسي"، وعلى أنه خرقة تعبر اسفاره الى مصر عن "استخذاء ومهانة قومية" امام الرئيس حسني مبارك الذي يرفض زيارة اسرائيل. وقد تكون هذه خيبة أمل لوزير خارجية مضعضع المكانة.

لكن اقوال ليبرمان ليست منشورا فهي تعبر عن حقيقة عميقة وهي ان النزاع الاسرائيلي – العربي قد استمر منذ فجر الصهيونية ولن ينتهي سريعا ولا حتى بمراسم التوقيع على الاتفاق الدائم. ليست هذه ظاهرة متميزة فاقامة الدول الجديدة تثير نزاعات تستمر اجيال. استمر توحيد المانيا 120 سنة، وصحبته حرب اقليمية كبيرة، وحربان عالميتان، واحتلال وحرب باردة. وكان تقسيم الهند في 1847 مصحوبا بعنف شديد استمر الى اليوم في كشمير. كذلك لا توجد حلول دائمة في البلقان وفي ايرلندا وقبرص.

اذا كان هذا هو الوضع فما هي النتيجة المشتقة منه؟ يدعوا ليبرمان ورفاقه في اليمين الى ثبات مصمم. يجب على اسرائيل الامتناع من اي تنازل عن مناطق، وان تقنع العالم بأن المستوطنات قانونية وان العرب اشرار، وان ترد على كل نقد بمعابة مضادة ومواعظ اخلاقية. ويقولون ان من الحقائق اننا جربنا "حلول اليسار" من اوسلو الى كامب ديفيد، ثم الانفصال وانابوليس ولم نحرز سلاما. هلم نغير التوجه ونكف عن الاوهام الى ان يقتنع العالم وتخلد سيطرتنا على الضفة الغربية والقدس الشرقية.

يتجاهل توجه اليمين كبر اسرائيل ومكانتها في عائلة الامم. فليست اسرائيل قوة عظمى كروسيا او الصين، ولا دولة حصن معزولة مثل كوريا الشمالية، بل ان هذه الدول متعلقة بدول اخرى. اسرائيل متعلقة على نحو خاص: فاقتصادها يعتمد على التصدير والاستثمارات من الخارج، ويحب مواطنوها السفر في العالم، ويقوم أمنها على دعم عسكري ودبلوماسي من الولايات المتحدة (ومن الاتحاد السوفياتي وفرنسا في الماضي). عوض ذلك يتوقع "العالم" من اسرائيل ان تنطوي في حدود متفق عليها وان تضائل الاحتكاك بجاراتها. لا يهمه ان يقتل عدد من المسلمين على أيدي مسلمين آخرين مما يقتله اليهود.

ان مسيرة السلام الاسرائيلية – العربية، التي بدأت بعد حرب يوم الغفران، لم تنه النزاع ولم تنشىء شرق اوسط جديدا. كذلك لم يفتر العنف، وزيد آلاف الضحايا الجدد على المقابر في اسرائيل والمناطق ولبنان وسورية بل السودان. لكن امتحان النتيجة ليس في خط واحد. اما "انهاء النزاع ونهاية المطالب" واما نفض الايدي وحرب ابدية. فالحياة رمادية اللون. كانت اسرائيل التي نشأت فيها سجنا محاصرا مع منفذ هرب صغير في مطار بن غوريون. منحت مسيرة السلام الاسرائيليين، اكثر من كل عامل اخر، توجها الى الاسواق والى المواقع السياحية في الخارج، وربطت الاقتصاد الاسرائيلي بالاقتصاد العالمي، وافضت الى قبول اسرائيل البطيء على انها جارة شرعية في الشرق الاوسط. ليس هذا مسارا خطيا بل انه رقص معقد لخطوات الى الامام والى الخلف. ان أسفار نتنياهو المتوالية الى القاهرة تخدم المصلحة الاسرائيلية بغير زيارة مبارك ايضا.

لا يؤمن نتنياهو بتسوية دائمة سريعة اكثر من وزير الخارجية. لكنه يدرك مثل اسلافه في رئاسة الحكومة ان مصير اسرائيل متعلق "بقوتها وعدالتها"، كما قال دافيد بن غوريون، ويعلم ان هذه مفاهيم نسبية لا مطلقة. فقوة دولة ما تقاس الى قوة اعدائها، وعدالتها تقرر في الوعي الدولي. ضعفت اسرائيل بسبب قوة ايران، واهتزت عدالتها بسبب "الرصاص المصبوب" والمستوطنات. ليبرمان على حق في تقدير  الوضع ويخطىء في النتيجة: فبسبب استطالة النزاع خاصة، تحتاج اسرائيل الى اعتراف وتأييد – ولذلك يجب عليها ان ترضي العالم وان تتقدم بالتدريج في المسيرة السلمية بدل ان تتحرش بغير حاجة بالاغيار.