خبر فتاوى هامة

الساعة 12:01 م|06 يناير 2010

فتاوى هامة

فلسطين اليوم- غزة

يجيب عنها الدكتور/ ماهر حامد الحولي، عميد كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية

 

* رجل كانت له زوجتان. توفي الرجل وبيد الزوجتين حلي من الذهب كان الرجل قد سلمه إليهما من دون أن يجعله مهرا لهما. لكنهما كانتا تستعملانه في حياته. والسؤال: ما حكم هذا الحلي بعد وفاة الرجل؟. هل يكون من جملة التركة؟ أو هو حق خاص للزوجتين.

 

 

 

هذا السؤال تتوقف إجابته على بيان واضح لحالة وملك الذهب لدى كل واحدة من الزوجتين.

أولاً: قد حسمت الأمر من البداية بأنه ليس من المهر وبالتالي هو ليس مهراً ولا يعامل معاملة المهر.

ثانياً: إذا كان الزوج رحمه الله قد أعطى هذا الذهب في حال حياته لكل واحدة من الزوجتين على أنه حلي للزينة خاص بها فإنه يعامل كحلى زينة فلا زكاة عليه.

ثالثاً: إذا أعطى الزوج رحمه الله لكل واحدة من الزوجتين الذهب الذي معها على أنه عطية أو هبة أو مال خاص بها فهو مال لها ويزكى زكاة المال في حال توافر الشروط من بلوغ النصاب وحولان الحول.

رابعاً: إذا أعطى الزوج رحمه الله لكل واحدة من الزوجتين الذهب الذي معها على أنه أمانة عندها أو مال لأولاده ولهن فهو مال يتركه ويوزع على الورثة المستحقين له. والله أعلم.

 

*صديقي  توفي بحادث سير، عندما كان يقود سيارته بسرعة فائقة، فهل يعد ذلك الحادث  نوعاً من الانتحار لأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة كونه يعلم أن السرعة الزائدة قد تؤدي إلى الوفاة  مع العلم انه لا ينوي قتل نفسه.؟

 

لقد شدد الاسلام في المحافظة على النفس وجعل النفس من الكليات الخمس الضرورية وحرم كل الوسائل التي تؤدي إلى هلاكها أو الاضرار بها ومن هذه الوسائل التي تؤدي إلى هلاك النفس الاستهتار و الاستهانة في السياقة و السرعة المجنونة. و السرعة الزائدة ليست محمودة ، لما يترتب عليها من حوادث ومخاطر ، ولهذا شدد أهل العلم في شأنها ، واعتبروا أن الزيادة على السرعة المحددة تعتبر تفريطا من السائق ، فيضمن ما تلف بسبب ذلك من نفس أو مال ، والقتل المترتب على ذلك يندرج تحت القتل الخطأ ، تلزم فيه الدية والكفارة. وعليه فإن هذا ليس بانتحار ، لكنه قتل  للنفس خطأً ،هذا إذا كانت السرعة هذه هي سبب الحادث فقد قتل نفسه خطأً ، لأنه لو سُئل : هل أنت أسرعت لتموت ؟ لقال : لا ، فهذا ليس بمنتحر ، ولكن يقال : إنه قتل نفسه خطأ. والله أعلم.

 

* أنا أشتغل أشغالا فنية بعظام الحيوانات هل في ذلك حرمة أم لا ؟ وما حكم قتل الحشرات بالماء الساخن كالنمل والصرصور؟.

 

 هذا السؤال يشتمل على شقين الأول هو في حكم استعمال عظام الحيوانات الميتة فنقول :

إن استعمال عظم الحيوان المذكى بغرض التعليم، أو زينة البيوت والأماكن العامة. لم يرد بخصوصه نص شرعي يحرمه، أو يبيحه، والقاعدة هي: أن الأصل في الأشياء الإباحة، فلا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل خاص.

 

وإذا كان غير مذكى فيجري فيه الخلاف في الانتفاع بعظام الميتة، وقد ذهب الحنفية وابن وهب من المالكية وأحمد في رواية عنه إلى طهارة عظم الميتة، وجواز الانتفاع به، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وذلك لأنها أجسام منتفع بها، غير متعرضة للتعفن والفساد، فوجب أن يقضى بطهارتها كالجلود المدبوغة، ولأن نجاسة الميتات ليست لأعيانها، بل لما فيها من الدماء السائلة، والرطوبات النجسة، وهذه الأمور ليست موجودة في العظام.

 

و الشق الثاني من السؤال في بيان حكم قتل الحشرات بالنار فنقول :

 

 إن الحشرات المؤذية يباح قتلها، ولكن ينبغي أن يكون قتلها بأحسن قتلة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن تقتل بالنار، فقد روى الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يعذب بالنار إلا رب النار). والقتل بالماء الساخن من هذا القبيل، فهو قتل بالنار، وتعذيب يتنافى مع حسن القتلة، ولذلك لا يجوز. والله أعلم.

 

 * امرأة طلقها زوجها طلقة واحدة وهذا يجيز له إرجاعها شرعا بدون عقد جديد في عدتها، ولكن الزوج توفي قبل أن يرجعها إلى عصمته والمرأة في عدتها، فهل عليها أن تعتد عدة وفاة الزوج أربعة أشهر وعشرة أيام أم لا؟.

 

إذا كانت المرأة في عدة طلاق رجعي ثم توفي عنها زوجها وهي مازالت في العدة، تحولت عدتها من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة وذلك لأن الطلاق الرجعي لا يزيل الزوجية، فتكون وفاة الرجل قد حدثت وهو زوجها، ربما إذا كان الطلاق بائنا فلا تتحول العدة إلى الأشهر بوفاة الزوج في أثناء العدة بالقروء . والله أعلم.

 

 

* قطعة أرض فيها قبران اشتريناها لبناء مسجد فيها، ووافق أصحابها على نقل القبور فهل يحل لنا ذلك؟.

 

 

إن الله تعالى جعل حرمة المسلم من أكبر الحُرمات ، و أوجبها صوناً على المسلمين و المسلمات ، و هذا ما فهمه السلف قبل الخلف ؛ فقد روى ابن حبان و الترمذي بإسنادٍ حسن أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نظر يوماً إلى الكعبة فقال : ( ما أعظمَكِ و أعظمَ حُرمتِكِ ! و المؤمنُ أعظم حُرْمةً مِنْكِ ) .

 

و حرمة المسلم غير مقيدة بحياته ، بل هي باقية في الحياة و بعد الممات و يجب صونها و الذب عنها في كلّ حال ، و على كلّ حال .

 

و حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته ، و فيه حديث ( كسْرُ عَظْمِ المؤمن ميْتاً كَكَسرِهِ حياً )

 

و لا شك أن في نبش القبور و نقل ما فضل من آثار الموتى في الألحاد ، انتهاك حرمةٍ أوجب الله تعالى حفظها و صيانتها و الدفاع عنها .

 

و عليه فإن التحريم هو الأصل في نبش قبور المسلمين ، و لا يُعدَل عن هذا الأصل إلا في حالات بيّنها أهل العلم و هي على نوعين :

 

النوع الأول :

 

 نبش القبر لغاية محددة لا يجوز التوسع فيها عن مقدار الضرورة ، و يجب إعادة دفن رفاة الميت في نفس الموضع الذي نُبِشَ فور بلوغ الغاية المبرِّرَة لنبشه .

 

النوع الثاني:

 

 نبش القبر بقصد نقل ما فيه من جثمان أو رفاة إلى موضعٍ آخر مغاير لمدفنه الأصلي ، لمصلحة شرعية تتعلّق بالميت نفسه ، أو بغيره من الأحياء ، و يتضح هذا القسم في ثلاث صور ذكرها أهل العلم ، و هي :

 

أوّلاً :

 

 إذا كان نقل الرفاة من قبرٍ إلى قبرٍ آخر لمصلحة الميت نفسه ، كأن يكون في أرضٍ سبخةٍ أو ذات مفاوِزَ و أغوار ، أو مجرى لنجاسة و نحوها ، أو عرضة لنبش السباع الضارية ، أو للتوسعة على الميت في لحده أو قبره .

 

ثانياً :

 

 أن تكون الأرض التي دُفن فيها الميت مغصوبة ، فيجب إزالة القبر منها بنقله إلى مكان آخر ، و تمكين صاحبها الأصلي منها إلاّ أن يصّدَّق ( يتنازل ) عن طيب نفس .

 

ثالثاً :

 

 إذا كانت القبور عاديةً ( دارسةً ) و كان في نقلها مصلحة راجحة لعامّة المسلمين ، كتوسعة مسجدٍ أو شق طريق لا بديل عنه ، أو بناء سدٍ في وجه سيل عارمٍ أو ريحٍ عاتية ، أو نحو ذلك من الضروريات المتحتمات .

 

و يدل على مشروعية هذا الأمر في حدود ما تُلجِئُ إليه الضرورة ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة بناء مسجد النبي صلى الله عليه و سلَّم في المدينة ، و فيه أنه صلى الله عليه و سلّم ( أمر ببناء المسجد ؛ فأرسل إلى ملأ بني النجار فقال : يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا . قالوا : و الله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى . فقال أنس : فكان فيه ما أقول لكم : قبور المشركين ، و فيه خِرَب ، و فيه نخلٌ ؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنُبِشَت ، ثُم بالخِرَب فسُوِّيَتْ ، و بالنخل فقطع ، فصفوا النخل قبلة المسجد ، و جعلوا عَضادَتَيْهِ الحجارة ... ) الحديث .والله أعلم.