خبر لا تقولوا « ابارتهايد » .. هآرتس

الساعة 10:33 ص|04 يناير 2010

بقلم: عكيفا الدار

غداة قتل المستوطن مئير حاي قبل نحو 10 ايام، طلب من اللواء احتياط عاموس جلعاد ان يتناول زعم رؤساء المستوطنين الذين قالوا ان العملية اتيحت بسبب رفع الحاجز عن الطريق. المنسق الامني – السياسي في وزارة الدفاع اجاب الصحفية التي تجري  اللقاء معه في الاذاعة بأن سياسة تخفيف الحواجز الداخلية ساهمت كثيرا في نمو اقتصادي مثير للانطباع في الضفة الغربية. وحسب جلعاد، الذي عمل حتى وقت اخير مضى كمنسق لاعمال الحكومة في المناطق، فان التحسن في الوضع الاقتصادي للفلسطينيين ادى الى تحسن كبير في الوضع الامني للاسرائيليين.

رجل  عسكري، ليس مشبوها بعضوية منظمة حقوق انسان، يسحب اذن الارض من تحت الصيغة التبسيطية والاكثر قبولا – المزيد من القيود على العرب يساوي المزيد من الامن لليهود. ومن قرار محكمة العدل العليا، الذي أمر الاسبوع الماضي بالغاء الحظر على حركة الفلسطينيين في طريق 443، يمكن التعرف على انه في الهيئة القضائية ايضا لا يقفون صامتين كلما سمعوا الكلمة السحرية "أمن". ولكن، الجهاز القضائي، مثل الساحة السياسية والاعلامية، تجد صعوبة في الاشفاء من الادمان على هذا التعبير الباعث على الشلل. وليس صدفة: اذا لم يكن التمييز واجبا أمنيا، ينبع من تهديدات ا لارهاب الفلسطيني – فكيف سنشخص نظام الفصل؟ واذا لم نشخص – فلا حاجة الى المعالجة.

جمعية حقوق المواطن، الملتمسة في قضية طريق 443، تجرأت على أن تعرض تعبير "ابارتهايد" فتلقت توبيخا خطيرا. في قرار المحكمة كتبت رئيسة المحكمة العليا دوريت بينش ان "المسافة الواسعة التي بين وسائل الامن التي تتخذها دولة اسرائيل لغرض الدفاع ضد هجمات الارهاب، وبين الممارسات المرفوضة لسياسة الابارتهايد – تفترض الامتناع عن كل تشبيه او استخدام لهذا التعبير الخطير". حجة مشابهة طرحت في عهد الحكم العسكري في اسرائيل، والذي الغي في 1966 ويعتبر اليوم فترة مظلمة في تاريخ الدولة.

بينش نفسها شريكة في نحو دزينة قرارات قضائية كشفت سوء الاستخدام في نظام الفصل، بهدف السيطرة على اراض فلسطينية. في بعض الحالات، البارزة بينها هي مقطع الجدار قرب بلعين، قضت بأن المسار الغازي الذي وضعه الجيش متدن من ناحية أمنية عن المسار الذي اقترحه خبراء مجلس السلام والامن. في حالة اخرى، اعترفت الدولة بأن المسؤول عن تخطيط الجدار لم يرو للنيابة العامة بأنه تم تنسيق المسار مع خطة توسيع مستوطنة تسوفين. ولولا منظمات حقوق الانسان ومحامين ذوي ضمير، فمن كان سيمنع السياسيين قصيري النظر من ان يضموا المزيد فالمزيد من المناطق "لغرض الدفاع ضد الارهاب"، على حد قول بينش؟

احدى الافكار السائدة في اوساط البيض في جنوب افريقيا كانت "السود يريدون القاءنا في البحر". ممارسات عديدة للابارتهايد كانت تستند، رسميا، على اعتبارات أمنية، وبينها بالاساس تلك المتعلقة بقيود الحركة. هكذا، مثلا، ابتداء من مرحلة مبكرة جدا، كانت حركة المواطنين السود تخضع فقط للتصاريح. في السنوات الاخيرة للابارتهايد، حين تعاظم كفاح السود ومعه الارهاب ايضا، فان ممارسات الابارتهايد اصبحت اكثر تشددا.

من اجل صد الكلمة الفظة "ابارتهايد" امتشقت بينش الحجة المعروفة، بأن الابارتهايد هي "سياسة فصل وتمييز على اساس العرق والقومية، يستند الى سلسلة ممارسات تمييزية، هدفها خلق تفوق لابناء عرق معين، وقمع ابناء اعراق اخرى". بالفعل، الفصل (الابارتهايد) والتمييز المنهاجي في جنوب افريقيا كانا يرميان الى الحفاظ على تفوق مجموعة عرقية ما على المجموعات الاخرى. عندنا، بالمقابل،التمييز المؤسساتي يرمي الى الحفاظ على تفوق مجموعة المستوطنين اليهود على العرب الفلسطينيين. في كل ما يتعلق بالنشاطات التميزية، من الصعب العثور على فوارق بين الحكم الابيض في جنوب افريقيا والحكم الاسرائيلي في المناطق، مثلا مناطق معيشة منفصلة وقوانين مختلفة لليهود وللفلسطينيين.

يوم الاربعاء الماضي، اغلق شرطة اسرائيليون الطريق الرئيس من نابلس الى طولكرم، عشرات السيارات العمومية الصفراء المحملة بالعمال الفلسطينيين والذين كانوا في طريقهم الى بيوتهم بعد يوم عمل اخر في المستوطنات، وجهوا الى هوامش الطريق. السيارات التي تحمل اللوحات الصفراء مرت بطرفة عين. لا، لم يكن هذا حاجزا لغرض فحص أمني: كان هذا احياء لذكرى الحاخام حاي. المهم الا تقولوا ابارتهايد.