خبر عام على محرقة غزة!../ نواف الزرو

الساعة 10:42 ص|29 ديسمبر 2009

عام على محرقة غزة! نواف الزرو

 

- المحرقة كانت تبث من هناك.. من كل مدينة وبلدة وقرية فلسطينية في القطاع بالبث الحي والمباشر..!.

- مشاهد وصور جثث الأطفال والنساء والشيوخ والشبان الفلسطينيين المحترقين بالفوسفور الإسرائيلي دوت في أنحاء العالم...!.

- المدارس والجامعات ومؤسسات الاونروا والجوامع والمباني العامة المدمرة تدميرا شاملا ماحقا لم تتأخر أيضا...!

- وكانت تقتحم كل الدول والمجتمعات والهيئات الأممية... وكل البيوت والأسر...!.

- الجميع –صغيرا وكبيرا ..مسؤولا ومدنيا- شاهدها وتابعها بمنتهى الذهول والاستنكار..!.

- العالم لم يتحرك ولم يهتز..!.

-الأمم المتحدة كانت متفرجة ولم تستحضر مواثيقها وقوانينها وأدبياتها الأخلاقية الإنسانية لوقف المحرقة..!.

-كما لم تتحرك قبل أو بعد المحرقة..!.

-بل ووفق وثائق ومعطيات وشهادات عديدة كانت منحازة إلى حد كبير لصالح"إسرائيل" على مدى عمر تلك الدولة..!.

وعلى نحو غير متوقع يأتي تقرير غولدستون رئيس اللجنة الأممية ليتحدث عن جرائم حرب وجرائم إسرائيلية ضد الإنسانية...!

ثم تأتي نيكول غولدستون ابنة ريتشارد غولدستون رئيس اللجنة الأممية لتعلن "أن والدها صهيوني ويحب إسرائيل/ إذاعة الجيش الاسرائيلي /2009/9/17"، ورغم كل ذلك تقوم قيامة إسرائيل ولا تقعد...!.

 

فتلك الدولة لم تعتد على مدى عمرها اتهامها هكذا باقتراف جرائم حرب ومساواتها ولأول مرة بالضحية...!

فــ:

"شعبها شعب الله المختار"...!

- ودماء أبنائها اليهود نقية طاهرة ترقى على دماء الأغيار..!.

- وجيشها نظيف طاهر أخلاقي إنساني هو الأرقى عالميا...!

- وبلادها هي الأرض الموعودة لهم من الله عز وجل....!

 

فكيف يجرؤ غولدستون الصهيوني على اتهامها بهكذا تهم من شأنها لو جد جد العالم والأمم المتحدة أن تجلب تلك الدولة بكاملها ..بجيشها وجنرالاتها وقادتها الى المحاكم الدولية..!

 

ففي الساعة الحادية عشر من صباح السبت الموافق 27/12/2008 شنت "إسرائيل" غارة جوية مفاجئة على المراكز الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة، وكانت هذه الغارة إيذانا ببدء الحرب العدوانية ضد شعبنا في القطاع وأطلقت"إسرائيل" عليها اسم" الرصاص المسكوب"، ولم تنته هذه الحرب إلا بعد مرور 22 يوما أي في صباح يوم 18/1/2009 بعد جهود عربية ودولية، كان ثمرتها المبادرة المصرية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860 والذي صدر يوم 8/1/2009.

 

الحقيقة الساطعة السافرة ونحن اليوم أمام عام كامل على المحرقة الإسرائيلية في غزة، وأمام تقرير غولدستون رئيس اللجنة الأممية للتحقيق الذي حقق بالجرائم المشار إليها، إن ما جرى في غزة ربما يرتقي إلى مستوى زلزالي.. أو نكبوي ان جاز القول، فكافة مفردات المحرقة/الكارثة المجازرية مهما بلغت درجات ومقاييس وشدة وقعها لن يكون بمقدورها أن تعبر تعبيرا حقيقيا عما حدث ولن يكون بمقدورها أن تختصر ما جرى بعبارات الألم والمأساة والوجع الكبير.

 

فقد جاء في تقرير غولدستون للتحقيق في الانتهاكات وخروقات القانون الدولي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة: "أن الجيش الإسرائيلي ارتكب أفعالا تصل إلى جرائم حرب وربما بشكل أو بآخر جرائم ضد الإنسانية." وذلك استنادا إلى شهادات 188 شخصا وحوالي 10 آلاف وثيقة، و 1200 صورة بما فيها صور التقطت عن طريق الأقمار الصناعية/16/9/2009 ".

 

وحسب ما خلص إليه تقرير أعلنت عنه "مجموعة الباحثين حول الأسلحة الجديدة"، وهي مجموعة مستقلة من العلماء والأطباء مركزها إيطاليا، وتهتمّ بدراسة تأثيرات الأسلحة غير التقليدية على سكان المناطق المتأثرة بالنزاعات المسلحة فانه وبالاستناد إلى ما ذكرته مجلة ديفنس نيوز" فأن إسرائيل ألقت على غزة خلال العدوان 3500 قذيفة فوسفورية/وكالات / السبت 19 / 12 / 2009 ".

 

"ناعوم تشومسكي" عالم اللغويات والمفكر اليهودي الأمريكي الشهير قال عن محرقة غزة المتواصلة: "إن بشاعة العدوان الإسرائيلي على غزة جعلت لساني عاجزا عن وصف دقيق لما يحدث هناك.. بحثت في القاموس عن لفظة تجسد هول ما يحدث، فلم أجد.. حتى مفردة (الإرهاب) أو (العدوان) غير معبرة عن حقيقة المأساة"، واصفا "دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في عدوانها بأنه دعم للانحطاط الأخلاقي".

 

بعد كل هذا الكم الهائل من المعطيات والحقائق الصارخة حول محرقة غزة، تعلن الحكومة الإسرائيلية أنها ترفض نتائج التقرير، وقد بدأت ب شن هجمة إعلامية ودبلوماسية مضادة تحول دون تقديم الضباط والسياسيين الإسرائيليين إلى المحكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وبمعزل عن الواقع، لا يتوانى المسؤولون الإسرائيليون عن وصف جيش الاحتلال الذي قام على السلب والقتل والتهجير بأنه "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم/ 17/9/2009"، ويتركز الاهتمام الإسرائيلي على محاولات "قبر" التقرير، وعدم وصوله إلى مجلس الأمن الدولي أو محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.

 

دوري غولد يحذر"إسرائيل" من التداعيات، إذ يقول في مقال تحت عنوان "تأثير تقرير غولدستون"

نشر في "إسرائيل اليوم الجمعة 25 / 12 / 2009"، "رغم أنه يبدو أن العاصفة الإعلامية حول تقرير غولدستون قد تلاشت إلا أنه من الخطأ الاعتقاد بأن المسألة قد زالت عن جدول الأعمال، وتوصية التقرير الصريحة هي استخدام الصلاحيات القضائية الشمولية ضد إسرائيل – وليس ضد حماس".

 

حينما تتجمع مثل هذه الاعترافات والوثائق فإنها تضاف إلى جملة أخرى طويلة من الشهادات والوثائق ومن ضمنها شهادات ضباط آخرين في الجيش الإسرائيلي في مقابلات أجريت معهم، والذين قاموا بالكشف عن المجازر التي نفذت ضد جنود مصريين في العام 1956 وفي العام 1967 ، فانه لا يبقى عمليا سوى أن تتحرك العدالة الدولية /الغائبة المغيبة حتى اليوم/ وان تتحرك محكمة الجنايات الدولية الفعالة على نحو يحقق العدالة الدولية المعتقلة لصالح الدولة الصهيونية...!.

 

والاهم – أن يتحرك الفلسطينيون والعرب على هذه الجبهة في إطار خطة استراتيجية موحدة وجادة ...!

فهل يتحرك العرب يا ترى في هذا الاتجاه الذي تعتبره المؤسسة الإسرائيلية بمثابة "جبهة رابعة بمنتهى الخطورة على إسرائيل"....؟!