خبر القافز من دمشق -يديعوت

الساعة 09:03 ص|27 ديسمبر 2009

بقلم: سميدار بيري

تخيلوا بينكم وبين انفسكم الوضع التالي: رئيس احد التنظيمات اليهودية في الولايات المتحدة يصر على استخدام الفيتو ضد قرار اتخذه المجلس السياسي الامني او طاقم وزراء السباعية. لنفترض مثلا ان وزراء الحكومة عندنا يجتمعون للبحث في قضية حساسة جدا ولكن صوتا يأتي من الاف الكيلومترات يصر على رفض هذا القرار ويطالب بادخال تعديلات مشكلا خطرا على صفقة ضرورية وحيوية. وعلى طريق احداق الصفقة بالخطر يهددون ايضا بالتوقف عن تحويل الاموال وايقاف خطط الدعم ليحكموا على سكان الدولة بالبؤس وعظائم الامور.

هذا ما يحدث الان بين غزة ودمشق. لا جدل بان غزة تريد التخلص من هذا الكابوس وانهاء الصفقة التي ستقود ليس فقط باطلاق سراح السجناء وانما لفتح المعابر الحدودية ورفع مكانة حماس على الارض على حساب ابو مازن. ولكن خالد مشعل يقلم اظافره حتى يتمكن من رفع اشارة النصر الكبيرة امام عدسات الكاميرا. وعلى طريق الوصول الى عدسات الكاميرا لا يهمه كثيرا ما الذي يوصي به السياسيون وقادة الاجهزة في غزة.

مشعل يريد (تقريبا) كل شيء والا فانه سيحرق العالم. ليس هناك اي شيء مستعجل بالنسبة له فشليت على ما يرام والسجناء لا يموتون من الجوع. العائلات تضغط؟ ليس عليه. هو ليس في متناول اليد. من الممكن ايضا ارهاق الوسيط الالماني بعض الشيء. ماذا عن المليون ونصف غزاوي الذين يرزحون تحت الحصار في مدينة الانفاق (هذا ايضا سينتهي عما قريب بفضل الجدار الفولاذي المصري)؟ حقا ماذا بالنسبة لهم؟ مشعل يهتم فقط لكرامة مشعل. هو يحلم بالصفقة التي ستجلب له المجد والفخار. في خطابه سيقول لقد انتصرنا والعناد يؤتي أُكله، ويحرص على اطلاق تهديده الملتهب بمواصلة اختطاف اسرائيليين.

خالد مشعل هو قائد عابر مسافر قفز بالصدفة على صهوة الظروف. أزعر جاء من مكان ما وبدأ مشواره كموظف لينجح بطريقة ما بالحفاظ على بقائه والقفز للاعلى. ليست لديه كاريزما وثروته اللغوية محدودة وهو يفتقد للقدرة على التحليق وليس لديه سجل ديني. ليست لديه حتى تجربة مؤكدة في الارهاب. لولا محاولة تصفيته الفاشلة من قبل عملاء الموساد لما سمع اي واحد باسمه.

مشعل لم يبذل جهده ايضا في اية مرة من المرات بشم رائحة غزة عن قرب. وهو مثل ثلة مستشاريه يعرف المنطقة فقط من مقعده عبر شاشات التلفاز. هذه الثلة التي تضع علامات على اسماء السجناء لم تدخل السجن حتى. اعضاءها اعتادوا الحياة الهانئة المريحة في الكويت والاردن وقطر. والضيافة في دمشق ايضا ليست سيئة شريطة ان يحترموا قواعد اللعبة. طالما لم تتدخل حماس في شؤون سوريا لن يقوم بشار بازعاجهم.

الان هم مجتمعون تماما مثلما اجتمعت السباعية الاسرائيلية عندنا ويدخلون المستشارين والخبراء (بما في ذلك ممثلي الاستخبارات الايرانية) لاعداد ردهم. ومثلما هو الحال عندهم – ليس هناك تصويت او احصاء للاصوات. الوفد القادم من غزة يشارك الا ان الصوت الذي سيحسم هو صوت مشعل والذي تقف طهران وراءه صارخة في أذنيه. فلتبتز المزيد من الاسماء ولا تتنازل ولتحذف بند الابعاد لتدخل مقابله الابعاد المحدود.

مشعل من تجربته الشخصية يعرف الابعاد ضمن شروطه المفتخرة: الاردن طرده مرتين ولكن كان هناك من حرص على ان تكون حياته في قطر قابلة للتحمل حتى يجلس هادئا. لو انهم غرسوه في غزة لفقد الصلة مع العائلة ولحاولت اسرائيل تصفيته مرة اخرى. وان حافظ على بقاؤه فان القيادة المحلية كانت ستزيحه. ومن يكون اصلا.

ليس من الواضح لماذا تقوم بالتحديد عصابة ثرثارة في الشتات لتحديد مصير الصفقة وليس القيادة المحلية – وليس من المهم ما الذي نظنه بشأنها – التي تواجه الشارع. مشعل مثل نصر الله يخطط كيف يبتز المزيد من الوسيط. ان لم ينجح ذلك فسيقومون بابعاد المصورين. غزة ستعود الى غزة والجدار الفولاذي المصري سيعمق الاحباط والغضب.

في هذه الاثناء لا يتجرأ اي احد في غزة على طرح السؤال لماذا يتوجب عليهم عموما تلقي الاوامر من هذا الشخص.