خبر « إذاعة القدس » خمسة أعوام من التميز.. محن قاسية.. وانقسام وعدوان مريرين

الساعة 10:37 ص|22 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم – "خاص" رامي أبو قمر 

"هنا صوت القدس" من غزة 102.7 fm بهذه الكلمات انطلقت إذاعة القدس قبل خمسة أعوام، حاملةً داخل أهدافها حلماً فلسطينياً بتحرير الإنسان والأرض، ودعم مقاومة شعب عانى سنوات طويلة من الاحتلال، لتعايش همومه ونكباته وتشدد من أزره وتواصل معه مشوار التحرير.

 

إنها إذاعة القدس حاضنة الهم الفلسطيني ورافعة شعار "الإعلام الإسلامي المقاوم"، توقد اليوم شمعتها السادسة، في وسط امتلأ بوسائل الإعلام المختلفة، لتضيف هي نوعاً على الأرض، وليس كماً يضاف إلى باقي المؤسسات الصحفية.

 

بعد خمسة أعوام على الانطلاقة ما هي أهم المراحل التي مرت بها إذاعة القدس، وكيف يقيم القائمون على الإذاعة والموظفين بداخلها عمل إذاعتهم، وما هي رؤيتهم المستقبلية لهذا الصرح الإعلامي؟؟؟ أسئلة نحاول الإجابة عليها من خلال تقريرنا التالي.

 

حضور مميز

المهندس رائد عبيد مدير البرامج في صوت القدس بدأ حديثه معنا عن اللحظات الأولى لانطلاقة إذاعة القدس، وأنها جاءت ضمن مجموعة كبيرة من الإذاعات المحلية، إلا أنها وفي وقت قصير من عمرها أن يكون لها حضورها، وأن تكون رقماً مميزاً من بين الأرقام الموجودة في الساحة الإعلامية، بتقييم المستمعين أنفسهم.

 

وأضاف عبيد أن إذاعة القدس مرت بعدة مراحل هامة منذ انطلاقتها، حيث بدأت بإمكانات محدودة، وتقنيات فنية بسيطة، مشيراً إلى أن نطاق بثها كان يغطي قطاع غزة فقط، وهي مساحة جغرافية صغيرة، استطاعت إذاعة القدس تخطيها عبر توسيع نطاق البث ليصل إلى مناطق وسط وجنوب الضفة المحتلة، الأمر الذي زاد من مستمعيها، فأصبح لازماً عليها تغطية أوسع لكافة المجريات والأحداث على الأرض وتقديم البرامج الاجتماعية المختلفة لمحاكاة هموم شعبنا في كافة أماكن تواجده في أرضه المحتلة.

 

وأوضح المهندس عبيد أن ما ميز إذاعة القدس ويميزها إلى يومنا هذا هو اللون الوطني، المحايد ومهني، حيث قدمت رؤية التيار الوطني الإسلامي من خلال التعامل مع التراث الفلسطيني بايجابية، وتقديم الفن الإسلامي بطريقة معاصرة، تدعم روح المقاومة في فلسطين.

 

مساحة حرة

كما جهدت إذاعة القدس كما يقول مدير البرامج فيها على معايشة هموم المواطنين، ومشاكلهم جنباً إلى جنب مع تغطية العدوان الإسرائيلي المتواصل داخل الأرض الفلسطينية، وحافظت الإذاعة على السياسة التي انطلقت بها للتعاطي مع كافة ألوان المجتمع الفلسطيني، تاركةً مساحة حرة للتعايش مع الجميع.

 

وحول المرحلة الحالية التي تعيشها إذاعة القدس قال المهندس عبيد إن إنشاء إذاعة صوت الأسرى، كان انجازاً كبيراً يحسب للقائمين على إذاعة القدس، كونها أول إذاعة متخصصة تعني بشؤون الأسرى، وتحاكي همومهم وآلامهم عن قرب.

 

وأضاف أن فكرة إنشاء إذاعة الأسرى، جاءت للإدراك من خلال العمل الإعلامي بأهمية قضية الأسرى وقدسيتها، ومساهمة إعلامية في تقديم الجزء البسيط لدعم هذه القضية ومساندتها.

 

وأشار عبيد إلى أن المراحل السالفة الذكر التي مرت بها إذاعة القدس، لم تكن موجودة لولا وجود الكادر الإعلامي المهني، الذي تمتع بكفاءة ومهنية عاليتين، وهو ما ساعد في انتقال الإذاعة من مرحلة إلى أخرى.

 

محن صعبة

وعن أهم المحن التي عايشتها إذاعة القدس أوضح عبيد أن مرحلة الانقسام تعد من المراحل الصعبة التي انعكست على المجتمع الفلسطيني بما فيه الإعلام، حيث عمدت الإذاعة في ظل المتغيرات التي أحدثها الانقسام على الأرض، على التعامل بشكل حذر مع المصطلحات والمسميات، وعدم الانزلاق في متاهات الانقسام، ولعبت بذلك دوراً وحدوياً ووطنياً من خلال تقديم البرامج التي تنادي في مجملها بتوحيد الصف الفلسطيني، وإعادة البوصلة إلى قضية فلسطين الأساسية ألا وهي الاحتلال.

 

وفيما يتعلق بتجربة العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، كشف عبيد النقاب عن أن إذاعة القدس وضعت لنفسها خطة للتعامل مع أي تصعيد إسرائيلي على الأرض، ولكنها فوجئت كباقي شرائح شعبنا بحجم العدوان الإسرائيلي وخطورته، وبالرغم من ذلك استطاعت الإذاعة ترتيب الأوراق بعد أن وجدت نفسها منذ اليوم الأول للعدوان جزءً من معادلة الصمود الفلسطيني، وأصبحت مطالبة بتغطية العدوان، ومواكبة أحداثه رغم كافة المعيقات والمخاطر التي كانت تحوم حولها.

 

 

وأشار عبيد إلى أن إذاعة القدس كانت جزءً من شبكة الإسعافات والدفاع المدني والصليب الأحمر، لكافة المواطنين خلال فترة العدوان، رغم المعوقات الفنية والتقنية التي عانت منها، وتعذر عدد كبير من الموظفين من الوصول للعمل أو التواصل عبر الهاتف، وشبكة الانترنت.

 

ورأى عبيد أن العمل داخل الإذاعة خلال الأعوام الخمسة كان مبنياً على الخبرات والجهد المحلي، وكان حاضراً بقوة، إلا أنه أكد أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى الانتقال إلى مرحلة الاحتراف، خاصة لما تمتلكه الإذاعة من كادراً لديه الخبرات لخوض هذه المرحلة، بالإضافة إلى مواكبة التطور التكنولوجي في المجالين التقني والفني.

 

نقلة نوعية

من جانبه رأى الصحفي أكرم دلول المذيع ومقدم البرامج في صوت القدس أن الفترة السابقة من عمر الإذاعة شهدت تطوراً ونقلة نوعية في العمل الإذاعي، مؤكداً أن الإذاعة كانت إضافة نوعية وليست عددية من بين الإذاعات المحلية الأخرى.

 

وأضاف أن الرسالة التي حملتها إذاعة القدس استطاعت من خلالها أن تصل إلى قلوب وعقول مستمعيها ، رغم نشأتها الحديثة مقارنة بباقي الإذاعات الأخرى.

 

ونوه دلول إلى أن الإذاعة مرت بعدة مراحل صعبة في تاريخها، من بينها مرحلة الانقسام والعدوان الإسرائيلي على القطاع، مشدداً على أنها استطاعت من خلال مهنية كادرها الإعلامي وبإرشادات إدارتها أن تتخطى هذه المراحل وأن تسجل لنفسها أرقاماً جديدة في التميز الإعلامي، والوصول إلى رضا المستمعين واهتماماتهم.

 

ويشير دلول إلى أن إذاعة القدس كانت أول من ابتكر مصطلح حكومة غزة وحكومة الضفة، والأجهزة الأمنية في غزة والضفة، وهي مصطلحات تشكل مخرجاً من الواقع الجديد الذي أحدثه الانقسام وأصبحت المؤسسات الإعلامية الكبرى تستخدم ذات المصطلحات.

 

وأكد دلول أن الإذاعة وهي توقد شمعتها السادسة تعي جيداً أن الكمال لله عز وجل أن تخطئ وتصيب لكن مواضع الخطأ فيها أقل بكثير من مواضع الصواب، وأنها ستستمر بنفس المستمعين في مسيرة العطاء الإعلامي الهادف.