خبر اقصفوا ولننتهي من ذلك- هآرتس

الساعة 09:53 ص|20 ديسمبر 2009

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون:  اذا كانت ايران هي دولة عقلانية فان الحوار الامريكي معها، وليس فقط في الموضوع النووي، هو الرافعة المناسبة: الاعتراف بها كقوة عظمى اقليمية، وليس فقط كـ "تهديد شيعي نووي"، كفيل بأن يحدث تغييرا في سياستها. ولكن من يظن ان ايران مجنونة، اذن الى الامام، وخسارة على الكلام – فليقصف منذ الان ولننتهي من هذا - المصدر).

 

ثناء كبير تلقته سوريا من رئيس شعبة الاستخبارات اللواء عاموس يدلين. "سوريا هي دولة علمانية لا ترفض، خلافا لايران، حزب الله وحماس، الفرصة للتوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل". وهو يود القول، انه لان سوريا هي دولة علمانية لا يحتمل ان تكون لها علاقة نفسية عميقة مع ايران الدينية، الشيعية. وها هو تشويش طفيف. ايران الشيعية، المتزمتة، لا تعارض ابدا الحوار السوري – الاسرائيلي، شريطة، بالطبع، ان تستعيد سوريا هضبة الجولان. ايران الشيعية تدير علاقات سلام كاملة وكثيرة التمويل مع دولة سنية مثل الباكستان، مع دولة هندية مثل الهند، مع دول مسيحية مثل المانيا وفرنسا، وحتى قبل نحو سنتين ادارت قصة غرام غير ناجحة حتى مع مصر، المجرمة الكبرى التي وقعت في خطيئة السلام مع اسرائيل.

        ايران هي دولة عقلانية، بمعنى انها تعمل حسب المصالح التي ترشد الدول بشكل عام وهكذا ايضا جدير الحكم على سعيها نحو النووي. ولكن، النووي الايراني اصبح شيطانا مهددا ليس بسبب مجرد تطوير القدرة النووية بل بسبب نوعية النظام وتصريحاته الكفاحية. فايران كانت مركزا "لمحور الشر" قبل ان ينشغل العالم بقدرتها النووية فالثورة الاسلامية التي هزت العالم، اسر الرهائن الامريكيين، تنمية منظمات مثل حزب الله وبعد ذلك حماس، وهذر عنيف للزعيم، الذي بنفسه اثار حركة معارضة مثيرة للاهتمام – هي التي بنت صورتها المهددة.

        النتيجة هي ان كل تطوير تكنولوجي ايراني، سواء كان هذا صاروخا حديثا، غواصة او حتى سيارة متطورة – يثير الرعد فورا. هكذا ايضا رد الفعل التلقائي في الغرب ولا سيما في اسرائيل: اما القصف او الكارثة ومن هنا ايضا النقاش الجماهيري المشوه: هل يمكن القصف؟ اين القصف؟ هل كانت او لم تكن فرصة لتصفية معامل انتاج اليورانيوم المخصب؟ هل اسرائيل يمكنها/ من حقها ان تقصف وحدها؟ ماذا ستكون اثار هذا على علاقاتها مع الولايات المتحدة؟ كله يدور حول جذر ق.ص.ف.

        النقاش العالمي على ما يدور في ايران قبل نحو نصف سنة فقط دحر الى زاوية مظلمة. الانتخابات، الهزة التي تلقتها القيادة الايرانية، الحركة الخضراء لمير حسين موسوي، خط الانكسار بين القيادة والجمهور والذي اخذ في الاتساع، استمرار  المظاهرات في الشوارع رغم الاعتقالات، التعذيبات، اعمال الاغتصاب – كلها تعتبر الان موضوعا هامشيا. الطاقة الكامنة للتغيير، تلك الكفيلة بأن تؤدي الى خط سياسي جديد في ايران، لم تعد اعتبارات استراتيجية. الادارة الامريكية لم تعد تتحدث حتى عن ان مسيرة السلام بين اسرائيل والفلسطينيين كفيلة بأن تخلق جبهة عربية موحدة ضد ايران.

        صحيح ان هذا المفهوم لم يصمد منذ البداية لان ايران تعمل حسب مصالحها، ولكنه ميز تغيير النهج الامريكي ذا الاسس الصلبة: خطوة سياسية وليست عسكرية كفيلة باحداث التغيير في الدافعية الايرانية. والدافعية هي لب لباب المشكلة الايرانية. وذلك لان التهديد الايراني يعتمد على القدرة والدافعية. القدرة على تهديد اسرائيل او الدول في الغرب، موجودة لدى العديد من الدول ولكن دون دافعية فان مثل هذه القدرة لا معنى لها.

        المساعي التي تمت حتى الان كانت باتجاه شل او على الاقل تأجيل القدرة النووية بواسطة التهديدات، العقوبات، او الاغراءات الاقتصادية. وهي لم تنجح حتى الان. ايران ليست مستعدة لقبول المبدأ الذي بموجبه محظور عليها تطوير قدرة مسموح بها للباكستان، الهند، او اسرائيل، حسب منشورات اجنبية.

        المساعي اللازمة لتغيير الدافعية الايرانية لم تبدأ بعد. عقوبات جارفة على توريد البنزين الى ايران ربما يمكنها ان تهدىء محبي القنبلة لزمن ما ولكنها لن تساعد في احداث تغيير في ايران. من شأنها فقط ان توثق التضامن بين المعارضة والنظام. اذا كانت ايران هي دولة عقلانية فان الحوار الامريكي معها، وليس فقط في الموضوع النووي، هو الرافعة المناسبة: الاعتراف بها كقوة عظمى اقليمية، وليس فقط كـ "تهديد شيعي نووي"، كفيل بأن يحدث تغييرا في سياستها. ولكن من يظن ان ايران مجنونة، اذن الى الامام، وخسارة على الكلام – فليقصف منذ الان ولننتهي من هذا.