خبر من يخاف مدارس التسوية .. معاريف

الساعة 09:17 ص|14 ديسمبر 2009

بقلم: عوفر شيلح

تاريخ علاقات جهاز الامن ومدارس التسوية في العقود الاخيرة هو قصة ازدواجية، تضليل ودحرجة حبة البطاطا الساخنة من يد الى يد. ولا غرو أن وزير الدفاع باراك بعث بنائبه متان فيلنائي الى اللقاء مع الحاخام اليعيزر ميلاميد من هار براخا: باراك يعرف متى يمتنع عن لقاء لن يخرج منه خير. وفيلنائي هو آخر السذج المستعدين لان يتولوا المهمة فيما أن الاخرين يتلوون بعيونهم.

خط الانكسار كان في حدثين، مرتبطين، بفك الارتباط، الذي رفع بذاته الى الذروة الاستخدام المتهكم للجيش الاسرائيلي ومكانته. في الحدث الاول تجلد الجيش على المس بكرامة ضباطه وبزاته في مدرسة "توراة هحاييم" للحاخام طل في غوش قطيف. العميد غيرشون هكوهين وضباط آخرون تعرضوا للاعتداء من تلاميذ المدرسة، ومزقت بزاتهم ونزعت رتبهم. وبدلا من الاصرار على اعتقال المشاغبين، فورا او في وقت لاحق، عقد معهم اتفاق مهين في اطاره تظاهر جهاز الامن وكأن شيء لم يحدث. ومع أن "عيتس هحاييم" لم تكن مدرسة تسوية، الا ان تلاميذها جاءوا من ذات الاماكن، واستوعبت الرسالة فيها بوضوح.

بعد ذلك جاء قول رئيس الاركان حلوتس بانه يجب الغاء التسوية مع مدرسة الحاخام الياكيم لفنون في الون موريه؛ شيء لم يحصل بالطبع وحتى اليوم يتنازعون داخل الجهاز حول من كان حقا الرجل الذي بدد ما وصف بانه طلب قاطع لا لبس فيه. الحقيقة هي أن الجميع فعل ذلك. من المريح تصوير الوضع وكأن السياسيين الضعفاء في وزارة لدفاع يوافقون على أن يهان الجيش، على الا يتنازعوا مع  المستوطنين. هذا وصف حقيقي لجبن القيادة العليا – من موفاز، عبر بيرتس وباراك، كلهم فروا من الامر كالنار وتركوا مكانة الجيش لمصيرها – ولكن هذا لا يعفي لابسي البزات ايضا الذين اظهروا جبنا لا يقل عن ذلك.

عندما يريد الجيش طلب شيء ما، فهو يعرف جيدا كيف. كما يشهد كل موظف في المالية دخل ذات مرة في جدال مع الجنرالات على الميزانية. ولكن في مكاتب وزراء الدفاع لا ينجح احد في ان يتذكر حتى ولا حالة واحدة تحولت فيها التهديدات العلنية الى طلب لا لبس فيه في أن تلغى حقا التسوية مع المدرسة في الون موريه او في هار براخا. من المريح للضباط ان يظهروا بان موقفهم المحق رد لاعتبارات سياسية، ويبتلع السياسيون الضرر القليل في صالح مواصلة علاقاتهم مع اليمين الديني.

لو اراد أحد ما ان يتصدى حقا لمدارس التسوية المتحدية، لما كان شيء اسهل من ذلك. فالتسوية ليست فقط تخفيضا كبيرا للخدمة، بل ايضا عملا تجاريا غير صغير: يوجد اليوم اكثر من خمسين مدرسة كهذه لان التمويل الحكومي يساعد جيدا على الاحتفاظ بتلاميذ كثيرين. ويمكن قطعه بثانية، ويمكن الغاء التسوية مع كل من يتخذ موقفا غير شرعي. ولكن كما أسلفنا، الضباط لا يريدون حقا، والسياسيون حتى لا يتظاهرون بانهم يكترثون.

لا احد يقصد حقا، باستثناء بضعة ضباط لسبب ما لا يفهمون اللعبة. ابرزهم في السنوات الاخيرة كان رئيس قسم المصادر البشرية اليعيزر شتيرن، الذي طالب بالغاء مدارس التسوية لاعتبار مغاير تماما: المعارضة المبدئية لكل تسوية خدمة تفصيلية، تسوية مثل "الناحل" (الشبيبة المقاتلة) التي تمس بمبدأ الخدمة المتساوية للجميع.

رؤساء الاركان فوقه لم يحلموا حتى بعمل شيء ما. موقفهم وجد تعبيره بقدر أكبر في مساعي المصالحة مع الجمهور الديني – الوطني بعد فك الارتباط، والتي كلف بها العميد (في حينه) تل روسو. في غوش قطيف بصقوا على الجنود، ولكن كان مهما للقيادة العسكرية القول بان هذا ليس مجرد مطر، بل مطر مبارك.

واضح جدا لماذا، وليس فقط لانه في جعبة الجنرال الاسرائيلي توجد عصا السياسي المستقبلي. الوحدات المقاتلة في الجيش، ولا سيما ألوية المشاة مليئة بالجنود والضباط المتدينين، بمعدل يفوق بكثير معدلهم بين السكان. بعض من مدارس التسوية هي اليوم ما كانت عليه ذات يوم الكيبوتسات والمدارس الداخلية العسكرية. الجيش يعرف جيدا بانه مع أن قلة فقط من الحاخامين يتحدثون مثل لفنون وميلاميد ولكن المس بهم سيدفع الاخرين الى الوقوف الى جانبهم ويعرض للخطر ارضية الارتفاع في معدلهم في اوساط الضباط الشباب ولهذا فانه يفضل التزلف اليهم، بتشجيع حماسي من القيادة السياسية المسؤولة.

في اطار اللعبة المتفق عليها يطرح الجيش بين الحين والاخر مطلب الدفاع عن كرامته، ويجلس بصمت حين تصبح مثابة حجيج من نائب وزير الدفاع نحو الحاخام ، الذي وصف قيادة الجيش بانها كريهة. عميقا في الداخل، الجنرالات انفسهم يعرفون كم هو محق.