خبر نصف دولة شريعة.. هآرتس

الساعة 01:00 م|10 ديسمبر 2009

بقلم: جدعون ليفي

العاصفة حول كلام وزير العدل، يعقوب نئمان، هي من جوانب ما عاصفة في كأس ماء، الماء الذي اصبح منذ زمن اكثر قداسة مما يبدو. يريد نئمان قانون توراة، لكن أيريد بعبارة اخرى ان تصبح اسرائيل دولة شريعة؟ ان اسرائيل في الاصل قد اصبحت نصف دولة شريعة. ان الاسرائيليين الذين اخافتهم اقوال الوزير، والذين يحبون كثيرا ان يروا دولتهم ليبرالية وغربية وعلمانية، ينسون ان حياتنا ها هنا هي حياة دينية وتقليدية وشرعية اكثر مما نحن مستعدون للاعتراف به.

 ان اسرائيل اكثر قربا الى طهران من قربها الى ستوكهولم في 2009. من الولادة الى الوفاة، ومن الختان الى الجنازة، ومن اقامة الدولة الى اقامة آخر بؤرة استيطانية في الضفة، ندبر شؤوننا في ظل الاوامر الدينية. يجب ان نكون مستقيمين مع انفسنا وان نعترف بأن الحديث عن دولة متدينة جدا. اراد نئمان فقط ان يخطو خطوة اخرى فقط الى الامام – يحل ويجب ان نثور عليه – لكن الحملة الدينية – القومانية بدأت منذ زمن وهي في ذروتها.

 يبدأ هذا بطبيعة الامر في مجرد وجودنا ها هنا، فهو يقوم من جملة ما يقوم عليه على حجج لاهوتية. فأبونا ابراهيم كان هنا ولهذا نحن هنا. اشترى مغارة المخبيلا ولهذا فنحن في الخليل الفلسطينية ايضا. ويستعمل العلمانيون المطلقون ايضا حججا دينية وتوراتية لتفسير الصلة بين الشعب اليهودي وارض اسرائيل. بل اننا لا  نعلم كيف نجيب هل اليهودية دين ام قومية، وعلى اية حال لا توجد دولة اخرى في الغرب يقيد بها الدين الدولة بقيود حديدية من القداسة كاسرائيل.

لا نحتاج الى نئمان: لانه لا يوجد زواج وطلاق مدنيان، ولا تكاد توجد جنائز مدنية. كذلك قانون العودة وتعريف من هو اليهودي، والاوامر الاساسية الاشد عمقا ومعنا في اسرائيل، تعتمد على الشريعة حتى بغير وزير العدل المتدين.

ان 44 في المائة فقط من الاسرائيليين يعرفون انفسهم على انهم علمانيون، في مقابلة 64 في المائة من السويديين يعرفون انفسهم على انهم ملحدون – وهذا الامر ملحوظ في جميع امورنا. فهنالك صلاة العضاضة على عضاضة كل بيت تقريبا، وتقبيل كل صلاة عضاضة تقريبا، في مراسم وثنية من جميع جوانبها؛ ويحتفل 85 في المائة من الاسرائيليين في ليل الفصح، ويصوم 67 في المائة في يوم الغفران وهو يوم يراه الغربيون يوما شديد الغرابة. ثم هنالك عدم وجود حافلات وقطارات في  السبت، والطعام الحلال في كل مؤسسة عامة و "مصعد السبت" في كل فندق ومستشفى – وليس كل هذا بالضبط من رؤى الدولة العلمانية. يوجد احتفال بالبلوغ لكل ولد تقريبا، والخبز الفطير في الفصح في كل بيت تقريبا، والتقديس لكل شيء.

 يقرر "حكماء التوراة" على اختلافهم في قضايا سياسية مصيرية، وعند صانعي المعجزات، والعرافين وموزعي التعويذات تستطيل الصفوف وهي مؤلفة في الاساس من اولئك الذين يزعمون انهم علمانيون تماما. انهم يكذبون انفسهم وغيرهم. كذلك مظاهر العنصرية والتكبر تقوم على مقالة "انت اخترتنا" و "الشعب المختار"؛ وبيننا من لا يؤمن (قليلا) بذلك. لا يحتاج الى التائبين ومن يجعلونهم يتوبون، لان جزءا كبيرا من العلمانيين ايضا "محافظون" وهذا أمر يعني في العبرية انهم متدينون لكن قليلا.

في دروس التوراة في طفولتنا اعتمرنا القبعات الدينية، وعندما كان الكتاب يسقط على الارض كنا نقبله بتقوى عظيمة، نحن العلمانيين في الظاهر؛ وماذا كان يحدث في الصفوف الصباحية في المدرسة؟ قراءة فصول من التوراة. لم نسمع بالعهد الجديد، لم يجرؤ احد على ان يدرسنا اياه في اطار الثفافة التي نحاول التمدح بها، كذلك كنا نخشى دخول الكنيسة.

 الحائط الغربي مقدس للجميع، من لم يدس فيه ورقة أماني؛ ويعلل اكثر  الاسرائيليين استمرار الاحتلال في القدس الشرقية "المقدسة" بالاعتقادات الدينية. فليس شبان التلال وحدهم يقدسون كل حجر، ولا تؤمن "غوش ايمونيم" وحدها بالصلة الداحضة بين القدسية والسيادة – فاكثرنا يؤمن بذلك، هلم نعترف بذلك حقا.

هلم نعترف بأننا نعيش في دولة ذات شعارات دينية وشرعية كثيرة؛ هلم نسقط القناع العلماني المتكلف الذي وضعناه على وجوهنا. أنحن مزعزعون لكلام نئمان؟ انه ليس بعيدا كثيرا عن واقع حياتنا. فليست اسرائيل كما تعتقدون – وليست على التحقيق ما نحاول ان نظهره لانفسنا وللعالم.