خبر أعطوهم كتباً .. هآرتس

الساعة 09:57 ص|09 ديسمبر 2009

بقلم: أبيرما غولان

ان معارضة وزير الخزانة العامة، يوفال شتاينتس، مقترح قانون "منع تحريم استيراد الكتب وترجمتها"، الذي قدمه اعضاء الكنيست يولي تامير، وزئيف بيلسكي وياريف لفين، هو ابراز بائس للعضلات. يبين شتاينتس للعرب في اسرائيل بواسطة قانون انتدابي من 1939 يحظر الاستيراد من "البلدان المعادية" انهم فضلا عن انهم لن يقرروا اين يسكنون وكم من المخصصات سيحصلون، لن يقرروا ايضا ماذا يقرأون.

يعلل مقدمو القانون تأييد استيراد الكتب من البلدان العربية بالحاجة الى تنمية البحث والدراسات العليا وبحق كل انسان في ان يقرأ ويكتسب العلم بلغته. ولدت الحاجة الى القانون قبل بضعة شهور عندما اتهمت الحكومة احمد عباسي وهو ناشر من حيفا، بالاتجار مع دول معادية، ولم ترخص له بعد ذلك ان يستورد هاري بوتر، وبينوكيو وبيتر بن. بالمناسبة افتخرت تلك الحكومة نفسها بأن العباسي نجح في ان ينشر الادب العبري المترجم الى العربية في السعودية ولبنان والبحرين.

من المضحك ان شتاينتس يعارض استيراد الكتب. فواضح انه يدرك ان كل واحد يستطيع ان يستدعي لنفسه بالانترنت الكتب الواسعة الانتشار السورية واللبنانية او يشتريها من مجمع تجاري في رام الله. لكن اخطر من ذلك السلطة التي يحتازها شتاينتس ورفاقه لانفسهم بتقييد حرية قراءة الاولاد العرب في اسرائيل.

تلقى ادب الاولاد العربي في البلاد ضربة في 1948، عندما غادر او طرد مربون ومبدعون كثير، وبني جهاز التربية من جديد برقابة من الادارة العسكرية. ان الابداع الذي ازهر في يافا في منتصف الاربعينيات قطع، وبدأت في الستينيات فقط تصدر في اسرائيل سلاسل حكايات للاولاد بالعربية، وتصوير كتب قديمة من الثلاثينيات والخمسينيات.

منذ 1967 احدثت سياسة الجسور المفتوحة تغييرا. فقد وصلت كتب اولاد ممتازة الى حوانيت الكتب العربية من طريق المعابر، وظهرت للاولاد كتب من مصر والاردن والعراق. شعر المربون مع ذلك بالحاجة الى انتاج محلي، يصف للاولاد واقع حياتهم بلغة قريبة منهم. "يجب ان يكتب أدب اطفال"، كتب الاديب والصحفي سالم جبران، الاول بين الادباء العرب، ممن اعتقدوا انه لا يكفي تناول قضايا السياسة والهوية. في الثمانينيات المبكرة بدأ عبداللطيف ناصر، وهو محاضر من الجامعة العبرية يصدر كتبا عن حياة الاطفال العرب في اسرائيل.

منذ ذلك الحين طرأ تطور عظيم. ففي حيفا يجري مركز ادب الاطفال التابع لمعهد التربية حلقات عمل للكتابة؛ ويرى مركز ارشاد المكتبات منذ منتصف التسعينيات ترجمة كتب الاطفال، وفي المدة الاخيرة اصدر في الناصرة عشرات الكتب للصغار، فيها كتب ترجمت من العبرية، وقائمة لا يستهان بها من الكتب بالعربية لادباء محليين؛ وفي بيت بيرل يعمل مركز "كامل كيلاني"، المسمى باسم الاديب الذي مات في 1994 وخلف عشرات من سلاسل الادب الكلاسيكي، تشتمل على مسرحيات شكسبير واعمال ادبية رائعة اخرى، محررة للاولاد.

لكن اصدار كتاب للاطفال بالعربية في اسرائيل ليس ذا مردود، وقلة هم المستعدون لبذل الجهد فيه. ضعفت سوق الكتب العربية في اسرائيل. ذات مرة وزع الحزب الشيوعي كتبا بالمجان، واليوم يزود الوليد بن طلال السعودي، الذي يسيطر على اكثر قنوات التلفاز التجارية بالعربية، بالترفيه العتيد الرخيص. ان أناس التربية والاباء مشتاقون الى نشاط لتشجيع القراءة والتعرض للكتب.

ان تلك كان يمكن ان تكون فرصة رائعة لدولة اسرائيل. فبجهد غير كبير، ومبالغ غير مرتفعة، كانت وزارة الثقافة والتربية تستطيع ان تشجع الادباء والرسامين والناشرين والمحررين وان تقطف ثمار رعاية الادب العربي في اسرائيل منذ سن صغيرة. في واقع الامر تشارك الحكومة بيد شحيحة وهي الان تريد الرقابة ايضا.

أيجب على أحد ما ان يحدث شتاينتس عن الموسيقار الفلسطيني مرسيل خليفة، الذي حظرت الدولة بيع شرائط أغنيته "عصفور" التي سجلت في لبنان. نسخت حانوت غير كبيرة في الناصرة الشريط المحظور عشرات آلاف النسخ، واصبحت الاغنية رمزا يغنى الى اليوم بحماسة في كل حفلة. ان من يعتقد انه يمكن وقف الفن على الحدود وطرده، ضيع كما يبدو درسا مهما في التاريخ القومي.