خبر عودة الى الكونفدرالية: لا حل آخر

الساعة 11:03 ص|06 ديسمبر 2009

بقلم: امونة الون

بعد الفي سنة من الاشواق و 150 سنة من الصهيونية بان الطموح المطلق لشعب اسرائيل هو ان يقيم في وسط بلاده دولة فلسطينية. كل التاريخ اليهودي، كل الحروب، الاماني والامال، كلها وكأنها تنحصر لتؤدي الى هذا الهدف السامي. وكأن الشعب اليهودي لم يبقى على قيد الحياة ضد كل الاحتمالات، لم يتجمع من اطراف المعمورة في ارض ابائه واجداده ولم يروي ارضها بعرقه ودمائه الا كي يعيد بناء فلسطين – وبالذات هنا – على مسافة دقائق من كفار سابا وصواريخ معدودة (ليس معروفا كم) عن تل أبيب. لا توجد مصلحة اسرائيلية واضحة اكثر من هذه. كما يدعي الحالمون الاسرائيليون بدولة حماس المزعوم انها مجردة من السلاح. هكذا فقط ستبقى اسرائيل دولة يهودية. وكأن دولة ثنائية القومية هي مأساة اكثر من أي دولة على الاطلاق. وان هذا كما هو معروف هو ما من شأن حماس أن تتركه لنا اذا ما واصلنا تعزيزها.

اقامة دولة فلسطينية في وسط البلاد تقف على رأس اهتمام اسرائيل وليس ثمة غيرها باستثناء هدف سام آخر هو تحرير جلعاد شليت. ومثل اقامة حماس لاند في الجبال التي تطل على السهل الساحلي، فان تحرير شليت هو فريضة ترد، حسب الدين اليهودي الجديد كل فريضة اخرى. اقامة دولة فلسطينية في وسط البلاد ترد حتى فداء النفس، ومثلها ايضا تحرير ابننا جميعا. مؤسس قاعدة صواريخ فلسطينية على طول الحزام الشرقي لاسرائيل يفعل ذلك رغم الخطر المؤكد على الارواح والذي سيخلقه هذا الفعل ومثله محرر الفتى النحيف والخجول مقابل مئات القتلة السابقين واللاحقين.

ولكن بينما في مسألة تحرير الجندي المخطوف يحرص كل ذوي الصلة بالاعلان بانهم يعملون انطلاقا من الاحساب بالعذاب، بمعنى انهم واثقون بان الاستسلام المحمل بالمصيبة للارهاب ليس مبررا، ولكن يصعب عليهم الصمود امام معاناة العائلة امام ما يسمونه "التزام الدولة تجاه كل جندي" – في مسألة الدولة الفلسطينية يعمل الزعماء الاسرائيليون بيقين مصمم وقاطع.

قاعدة صواريخ حماس في وسط البلاد بالفعل من شأنها ان تكون خطيرة، كما يعترفون، ولكنهم "ملزمون" باقامتها. تحويل حياة ملايين الاسرائيليين الى جحيم متواصل لم يكن مبررا اكثر من ذلك، وذلك لانه اذا كانت حياة ملايين الاسرائيليين لا تتحول الى جحيم متواصل، ستصبح اسرائيل دولة ثنائية القومية. بر ر ر ر ر .

كبير وفظيع جدا يبدو تهديد ثنائية القومية في الحملة الاعلامية متعددة السنين، والتي لدرجة أن  حتى التهديد الايراني يبدو مقزما امامه. وقوية جدا هي هذه الحملة لدرجة ان زعماء الليكود يجدون صعوبة في السقوط في شباكها الواحد تلو الاخر. بسبب التخويفات عديمة التوازن من رعب الدولة ثنائية القومية، خرب ارئيل شارون اقليما كاملا وحول قطاع غزة الى مكان يمكن اختطاف جندي اسرائيلي اليه واخفائه فيه. بسببها غير ايضا بنيامين نتنياهو ذوقه. مرة كان هو مع الاستيطان ولكن الان المستوطنات تزعجه في تحقيق حلم الاجيال – اقامة بيت قومي للشعب الفلسطيني في ارض اسرائيل.

كما أن صفقة التبادل لاعادة جلعاد شليت هي نتيجة حملة كثيفة. لولا الحملة والضغط الجماهيري الذي خلقته، لما كان ربما ثمن الجندي البائس يرتفع بهذا القدر. ولعله كان منذ زمن بعيد قد اعيد الى حضن عائلته في صفقة اكثر منطقية وسواء عقل.

ومثلما لا يوجد احد لا يبالي بمصير جلعاد فان لا احد، حتى في اكثر اليمين تطرفا، لا يريد دولة ثنائية القومية. ومع ذلك فنحن غير ملزمين بان نقيم في وسط البلاد دولة فلسطينية بقيادة حماس وغير ملزمين بالانتحار. خلافا لغسل الدماغ الذي تقوم به حملة التخويف التي  لا تكل ولا تمل، فبالذات تعزيز الاستيطان اليهودي في الاراضي التي بين نهر الاردن والبحر كفيل بان يوضح لاعدائنا باننا عدنا الى بلادنا كي نبقى فيها. وهكذا ايضا اعطاء ريح مضادة للارهاب وفتح الفلسطينيين، آجلا أم عاجلا امام بحث بحلول جديدة.

ارض اسرائيل هي كما يبدو ثنائية القومية في جوهرها، وتقسيمها من خلال أي جدار كان – لن يغير ذلك. العرب سيكونون هنا دوما، ولكن ضم عرب يهودا والسامرة الى كونفدرالية اردنية – فلسطينية واعادة تأهيل سكان فلسطينيين يمكن له أن يقيم في اسرائيل اغلبية يهودية. وبدلا من ان يقام بين النهر والبحر دولة فلسطينية يمكننا أن نقيم هنا، مستقبل آمن.