خبر فك الارتباط 2 .. هآرتس

الساعة 09:09 ص|03 ديسمبر 2009

بقلم: آري شافيت

بنيامين نتنياهو صنع التاريخ مرتين. مرة حين تبنى في خطاب بار ايلان حل الدولتين ومرة ثانية عندما قرر قبل اسبوع تجميد البناء في المستوطنات. الفلسطينيون يرفضون خطوتيه. الاوروبيون يدعون انهما ليستا كافيتين. المشككون يشكون، المتهكمون يتهكمون. ولكن الحقيقة هي أن نتنياهو 2009 يموضع نفسه على يسار اسحق رابين 95.

خلافا لرابين، يوافق اليوم نتنياهو على اقامة دولة فلسطينية مجردة من السلاح. خلافا لرابين، يصدر أوامر تحظر البناء في كل ارجاء يهودا والسامرة. ايديولوجيا وعمليا على حد سواء اجتاز نتنياهو الروبيكون وقد أعاد تعريف نفسه كرجل وسط. في بداية سنوات الالفين اجتاز ارئيل شارون سياقا مشابها: خريطة الطريق كانت خطاب بار ايلان خاصته. وقد عبرت عن قبول فكرة الدولتين، في ظل الاصرار على الشروط الاساسية الحيوية قبل ان تقوم فلسطين.

ولكن بعد وقت قصير من قبوله خريطة الطريق اكتشف شارون أن مراحلها تؤدي الى مأزق. لا يوجد فلسطينيون يستوفون الشرط الاساس. لا يوجد فلسطينيون قادرون على التوقيع على اتفاق دائم. لا يوجد فلسطينيون بوسعهم تحقيق السلام. عندما أصبح ابو المستوطنات أخيرا رجل تقسيم البلاد، تبين أنه لا يوجد زعيم فلسطيني ملتزم هو ايضا بتقسيم البلاد.

وهكذا ولد الى العالم فك الارتباط. ومع ان شارون كان على علم بعلله، فقد فهم بان فك الارتباط هو خطة العمل الوحيدة التي يمكن لزعيم وسط اسرائيلي أن يحثها في ظل عدم وجود شريك حقيقي للسلام الحقيقي.

بعد ست سنوات من ذلك يقف نتنياهو في ذات النقطة نفسها. فهو يقبل بمبدأ الدولتين، ولا يستجاب. يجمد البناء في المستوطنات، ويرد على اعقابه. يغازل محمود عباس ويهان. ابن السكرتير الشخصي لزئيف جابوتنسكي يسعى للوصول الى مصالحة تاريخية مع الفلسطينيين والفلسطينيون يطرقون الباب. وهو يقترح على الحركة الوطنية الفلسطينية ادارة مفاوضات على اقامة دولة وطنية فلسطينية ويكتشف انه لا يوجد مع من يمكن الحديث ولا يوجد ما يمكن الحديث فيه. لا شيء. حائط مسدود.

قلة من الناس يعرفون نتنياهو، عن كثب ولكن بين هؤلاء القلة هناك من يشهد عليه بانه بالفعل اجتاز تحولا. ليست المناطق في رأس اهتمامه، بل قوة اسرائيل. ليس المستوطنون في بؤبؤ عينه بل مناعة دولة اليهود. وعليه، لو كان على الطاولة اقتراح يضمن أمن اسرائيل مقابل انسحاب أليم، ما كان نتنياهو ليتردد. المأساة هي انه لا يوجد اقتراح ولا توجد طاولة. لا توجد حتى بداية للمفاوضات. عباس لا يعطي نتنياهو طرف الخيط الذي بواسطته يمكنه أن يحقق المذهب المركزي الذي تبناه.

في وضع الامور هذا لدى نتنياهو امكانيتان. الاولى هي خطة موفاز: اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة والثانية هي: فك ارتباط 2. اخلاء نحو 20 مستوطنة في الضفة الغربية ونقلها الى حكومة سلام فياض. لخطة شاؤول موفاز مزايا عظيمة، ولكنها تثير لدى نتنياهو تخوفا من سيادة فلسطينية غير ذكية وغير مكبوحة الجماح. وعليه فيحتمل أن يضطر الى النظر بعناية في الامكانية الاخرى. من غير المستبعد ان يجد نتنياهو 2010 نفسه مثل شارون 2004 يحث خطوة انسحاب محدود.

فك ارتباط 2 يجب ان يكون مغايرا تماما عن فك ارتباط 1. عليه أن يتم بتنسيق مع السلطة الفلسطينية، ان يحظى بمظلة دولية وهو ملزم بان يجعل المنطقة المخلاة منطقة ازدهار اقتصادي. عليه أن يمنع تهريب السلاح والتعاظم العسكري ويضمن حق اسرائيل في الدفاع عن النفس. وهو ملزم بان يكون جزءا من مفهوم استراتيجي شامل يدفع الشعبين نحو السلام بخطوات احادية الجانب مدروسة، حذرة ومنسقة. فك ارتباط 2 يجب أن يكون فك ارتباط متطور، ذا بعد سياسي وعمق اقتصادي. عليه أن يعظم قوى المعتدلين، الفلسطينيين والاسرائيليين على حد سواء.

اذا ما تجرأ نتنياهو تبنى فك ارتباط 2 فان هذه الخطة ستخفف عن اسرائيل في كل الجبهات. من ناحية سياسية ستخدم نتنياهو بالضبط مثلما خدمت خطة فك ارتباط 1 شارون. وهي ستجعل رئيس الوزراء الزعيم الجديد للوسط الاسرائيلي.