بقلم: رؤوفين بدهتسور
(المضمون: شروط السلام مع سوريا معروفة منذ 1967 والنزول من الهضبة مع تجريدها وضمانات امنية ومائية سيضمن سلاما وامنا لاسرائيل - المصدر).
في 19 حزيران 1967 بعد نحو اسبوع ونصف من انتهاء المعارك في حرب الايام الستة، كان وزراء الحكومة، بمن فيهم ايضا مناحيم بيغن، مستعدين لان يتخلوا عن انجازات الحرب في الجبهة السورية مقابل معاهدة سلام. وجاء في قرار الحكومة ان "اسرائيل تقترح عقد معاهدة سلام على اساس الحدود الدولية والاحتياجات الامنية لاسرائيل". وفصل القرار الشروط: "معاهدة السلام تفترض: 1. تجريد الهضبة السورية التي تحتفظ بها الان قوات الجيش الاسرائيلي؛ 2. الضمان التام لعدم عرقلة تدفق المياه من مصادر نهر الاردن الى اسرائيل". هكذا، قبل 42 سنة تقررت الشروط الاساس لاتفاق هي سارية المفعول اليوم ايضا.
اذا استؤنفت المفاوضات بين سوريا واسرائيل، فانه كون الثمن – النزول من هضبة الجولان – معروفا، فما سيكون على جدول الاعمال هو امن اسرائيل في هذا الوضع. رغم التغييرات بعيدة الاثر التي طرأت على مبنى الجيش السوري، حجمه ومنظومات سلاحه، تكفي موافقة على تجريد الهضبة وحماية مصادر المياه لاسرائيل (بحيرة طبريا ومصادر نهر الاردن)، لضمان شروط أمن كافية. وستكون حاجة الى الوصول الى توافق في عدة مسائل اخرى تتعلق بالامن، ولكن هذه ستكون ثانوية، وتنبع من الشرطين الاساسين اياهما.
في هيئة الاركان العامة للجيش الاسرائيلي يوجد اجماع يفيد بان الربح من اتفاق سلام مع سوريا يفوق الخطر الذي في الانسحاب من الهضبة. وهذا هو السبب الذي جعل رئيس الاركان غابي اشكنازي يدعو علنا الى العودة الى طاولة المفاوضات، وقال انه "لا ينبغي اليأس من الاسد". في قيادة الجيش الاسرائيلي مقتنعون بانه يمكن الوصول الى تسويات لا تؤدي الى مس بأمن الدولة. كما أن وزير الدفاع ايهود باراك، رئيس الاركان الاسبق الذي يفهم شيئا ما في الترتيبات الامنية، شدد على أن "لا ينبغي الاستخفاف باشارات السلام التي تأتي من ناحية سوريا.
مشكلة أمنية مركزية في الجبهة السورية هي التخوف من هجوم مفاجيء. وانسحاب من الهضبة بالذات سيحسن الردع. هضبة مجردة من القوات الهجومية ستبعد جيشي الدولتين الواحد عن الاخر وتخلق فاصلا لا يظهر فقط على الفور دخول قوات سورية اليه بل ويشكل ايضا انذارا مؤكدا من امكانية الحرب. واذا ما اضيفت الى ذلك محطات انذار مبكر من جبل الشيخ وفي تلال اخرى (مثل بنتل، افيتال، يوسيفون وفارس)، فانها ستسمح باكتشاف حشود القوات وتكشف عن خروقات لاتفاق التجريد.
الحرب التالية مع سوريا، اذا ما اندلعت ستتميز بقدر أقل بمعارك المدرعات واحتلال الاراضي وبقدر أكبر باطلاق الصواريخ والمقذوفات الصاروخية نحو الجبهة الداخلية الاسرائيلية. لدى الجيش السوري نحو الف صاروخ باليستي، مداها بين 300 الى 700 كم، تغطي كل نقطة في اسرائيل.
اشكالي أكثر، من زاوية نظر الجيش الاسرائيلي هو مخزون المقذوفات الصاروخية السورية. وامام الاف المقذوفات الصاروخية 220 ملم (بمدى نحو 70 كم) و 302 ملم (ذات مدى 90 كم) ليس لدى الجيش الاسرائيلي رد حقيقي مثلما لم يكن لديه رد على الاف صواريخ الكاتيوشا التي اطلقها حزب الله. اضافة الى ذلك نصب الجيش السوري في الجبهة عشرات الاف المقذوفات السورية من طراز BM 21 بمدى نحو 20 كم. هضبة الجولان لا تساهم في شيء للتصدي لتهديد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية.
مرابطة قوات فصل اجنبية في الهضبة، تفصل بين الجيشين وتراقب الطرفين ينفذان شروط الاتفاق، ستضيف عنصرا هاما في احساس الامن في اسرائيل. واغلب الظن وافق السوريون، في المحادثات التي اداروها في شيبردستاون على مرابطة قوات فصل امريكية او اوروبية في الهضبة المجردة من السلاح.
على رئيس الوزراء أن يقرر اذا كان تحقيق السلام مع سوريا هدفا استراتيجيا مثلما يفكر رئيس الاركان ووزير الدفاع. اذا قرر ذلك، فان الحجة التي استخدمت غير مرة كذريعة لرد الاتفاق مع السوريين في أن الثمن أعلى مما ينبغي وان من شأنه ان يمس بامن الدولة، عديمة المفعول المهني. فالرئيس الاسد اتخذ على ما يبدو قرارا استراتيجيا في التوقيع على اتفاق سلام مع اسرائيل. واذا كان هناك من يظن ان لدى الرئيس السوري هذا مجرد تكتيك، فهذا هو الوقت لوضعه قيد الاختبار. أمن اسرائيل لن يوجد في خطر اذا تبين أن بشار الاسد بالفعل يقصد ما يقول.