إسرائيل والناتو شركاء القرصنة شركاء الحرب القادمة ..ايمن خالد
بمجرد الإعلان عن مشاركة إسرائيل مع الناتو فيما يسمي بعمليات التفتيش البحرية، كانت الفكرة الأقرب إلى الأذهان، أن المنطقة تنتظر انفجاراً قريباً، وبكل تأكيد فالساحة الأضعف لتنفيذ ذلك أولا هي غزة.
لكن هذه الحرب من الممكن أن تنتهي في لبنان أيضا، فمن المرجح أن تقوم إسرائيل بتنفيذ عمليات دموية في غزة، بذريعة أن الأماكن المستهدفة، هي أماكن وصلتها شحنات عسكرية مهربة، فالأيام القادمة ستصبح فيها زوارق الصيادين الفقراء في غزة عناوين قادمة لصب الجحيم على غزة، ولن تدخر إسرائيل جهدا في سبيل استثمار كل جزء من هذه المشاركة في سبيل صناعة المزيد من الضغط على الشعب الفلسطيني، كما هي بالضبط ستكون رسائل موجهة إلى سوريا وإيران وحزب الله.
السؤال الأبرز في ذلك كله، يتمثل في مصلحة حلف الأطلسي في استجلاب قوة معروفة بدورها التاريخي في مجال القرصنة وشن الحروب والاعتداء على الآخرين، وهل يستعد هذا الحلف للانتقال إلى معارك جديدة، وتضييق جديد على المنطقة وبالذات سوريا ولبنان وفلسطين، وهل أن إسرائيل هي التي تجر الحلف إلى هذه الخطوة غير المسبوقة، أم أن الحلف في حالة توافق مع خطوات إسرائيل، أم أن هناك جملة مشتركة من المكاسب لدى كل طرف من هذا الاتفاق.
بالتأكيد إن حاجات إسرائيل من الحلف واضحة وأهمها ما اشرنا له، لكن حلف الناتو بهذه الخطوة التي يقوم بها، يتحول إلى قوة محمولة فوق البحار، تمارس القرصنة والاصطياد في أي مكان، بلا عناوين ثابتة، وربما لهذه الخطو ة أكثر من دلالة سياسية ولا يتعلق الأمر برأيي باعتبارات عسكرية بحتة، تتعلق بمنع انتقال السلاح أو غيرة وإنما هناك حسابات ذات طابع سياسي من أبرزها:
الخطوة الأولى أن هذا الحلف يعمل على التأكيد بأن إسرائيل هي الثابت الأساسي في المنطقة، وبالتالي هو يعيد تشكيل المنطقة في أذهان السياسيين في المنطقة ضمن هذه المعادلة، وأن ليس أمام قادة المنطقة غير القبول بهذا الواقع، وان الانتقادات الدولية لن تكون ذات جدوى، فإسرائيل تحصل بهذه الخطوة على شهادة حسن سلوك وستمارس دورها البوليسي المعهود باعتراف هذا الحلف بهذا الدور، وهذه بحد ذاتها استهانة بكل المعايير الأخلاقية والإنسانية، عندما يكون الشرطي الذي يحمل بطاقة التعريف الدولية وشهادة الناتو هو نفسه من يمارس الإرهاب والجريمة.
ثاني هذه الخطوات أن الحلف يبدو كأنه يستعد للرحيل عن أفغانستان، أو انه يستبق هذه الخطوة، ومعنى ذلك أن الحلف سوف يفقد هيبته الدولية، لذلك فهذا الحلف معني بالحفاظ على هذه الهيبة، من خلال اختراع ساحة مواجهة غير واضحة المعالم، يغيب عنها التراب والشهود وبقية تفاصيل الحقيقية، فبإمكان الأطلسي أن يعلن احتلال البحار كما الفضاء وبقية الكواكب، فلن ينازعه على ذلك أحد، ولن ينفي ذلك عنه احد، لكن الحلف بكل تأكيد، سيمارس نوعا من التضييق على الملاحة بين بعض الدول مثل سوريا ولبنان وإيران خصوصا كما حدث مع السفينة التي اختطفتها إسرائيل وادعت أنها كانت تحمل شحنات أسلحة، وبالتالي فهناك عملية إحياء لدور الحلف وأهميته العسكرية في الأذهان، وبالتالي سنسمع كل بضعة أشهر أن الحلف اشتبه بسفينة هنا وهناك، وسيتم تسليط وسائل الإعلام على ذلك.
المسألة الثالثة، تتعلق في إعادة تكوين النفسية العسكرية، فبدلا من شعورها بالهزيمة، ستبدو القوة المحمولة فوق البحار أكثر أمناً، وبالتالي فإن الحلف يقوم بتغيير معالم مهماته العسكرية، وتضخيمها أمام الرأي العام، وهي إشارات تدلل على عمق أزمة الحلف الحقيقية، لأن كل سفن وبحرية الأطلسي لا تستطيع منع دخول أو خروج السلاح من المنطقة، كما أن هزيمة المنطقة واستسلامها لا تتم أبدا من خلال منع السلاح عنها، فشروط الهزيمة الحقيقية تتمثل في قبولها والإقرار بها.
المسألة الأخيرة، لا شك أن حلف الأطلسي قلق من تنامي الدبلوماسية التركية، ومن تراجع المشاركة التركية العسكرية، فالأتراك يدخلون الألفية، بادراك سياسي وبعد ورؤية إستراتيجية، تخلو من هستيريا الحرب.
غزة ستنتظر التصعيد الإسرائيلي بذريعة وصول مهربات، وصيادو غزة سيكون البحر بمثابة كابوس لهم، وأما الأطلسي، فسوف تجره إسرائيل إلى مواجهة مع المنطقة، فعندما تكون إسرائيل ضمانة الأمن نعرف أننا ذاهبون إلى الحرب.
كاتب من فلسطين