خبر الساحة السياسية الجديدة: الشرعية لمجرد الوجود .. دوري غولد

الساعة 10:15 ص|23 نوفمبر 2009

بقلم: دوري غولد

هذا الاسبوع نشر أحد المقالات الاكثر اهمية ومفاجأة عن المسيرة السياسية. والمقال جدير باهتمام خاص بسبب ماضي الكاتبين. الاول، حسين آغا، المقرب منذ سنين عديدة من ابو مازن، كان محورا مركزيا في بعض من جولات المفاوضات الاكثر حساسية في الـ 15 سنة الاخيرة. والثاني، روف مالي، الذي كان عضوا في الفريق المفاوض لدى الرئيس بيل كلينتون، ولزمن ما كان في دائرة المستشارين لدى براك اوباما، المنصة التي اختارها الكاتبان لعرض مقالهما كان مجلة النقد الادبي النيويوركي (The New York Review of Books) احدى المجلات الاكثر اهمية بين النخبة الثقافية لليسار الليبرالي في الولايات المتحدة.

خلافا للرأي السائد في واشنطن وفي العواصم الاوروبية، آغا ومالي يتوصلان الى الاستنتاج بان التسوية الدائمة التي ستؤدي الى انهاء النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هي "عمليا غير قابلة للتحقق". وهما لا يعلقان هذا الاستنتاج بالحكومة الحالية في اسرائيل. ويدرس الرجلان الاخفاقات التي كانت حتى الان في التوصل الى تسوية دائمة تحت رؤساء وزراء اسرائيليين ورؤساء امريكيين مختلفين. ويشيران الى أن برايهما لا يوجد رئيس وزراء يمكنه ان يقترح اكثر من التنازلات التي طرحها ايهود اولمرت، التنازلات التي لم ترضي ابو مازن. اضافة الى ذلك فانهما يؤمنان بالفكرة التي تقضي بان الضغط الامريكي سيساعد في جسر الفوارق. باختصار، يعتقدان بان النموذج القديم للمسيرة السياسية انهار.

آغا ومالي لا يتحمسان لفكرة دولة ثنائية القومية كبديل. وبدلا من ذلك يقترحان اعادة فحص امكانية اتفاق مرحلي بعيد المدى يقوم على اساس صلة امنية بالاردن ولا يلمس مسألة القدس، الحدود واللاجئين. وهكذا فانهما يتركان مدخلا للدبلوماسية الابداعية في المستقبل.

* * *

في رام الله، ابو مازن وسلام فياض هما ايضا غير معنيين بالعودة الى المسيرة القديمة، ولكن الاستنتاجات التي يستخلصانها من الوضع ينبغي أن تثير القلق. الاستراتيجية الفلسطينية المتبلورة تفحص نهج احادية الجانب. المؤشرات الاولية على ذلك ظهرت منذ شهر تموز الماضي عندما قال خافيير سولانا من الاتحاد الاوروبي في اثناء محاضرة له في لندن انه اذا ما علقت المسيرة السياسية في مأزق فان على الاسرة الدولية ان تنظر في الاعتراف بدولة فلسطينية بقرار في الامم المتحدة دون دون موافقة اسرائيل. في الشهر التالي، في الوقت الذي كان معظم زعماء العالم في اجازة، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني فياض عن خطته لاقامة مؤسسات حكم فلسطينية في السنتين القريبتين.

خطة فياض لم تشر صراحة الى اعلان من جانب واحد عن اقامة دولة. ومع ذلك، لم تكن هناك حاجة الى سياسي مجرب للربط بين تصريح سولانا وخطة فياض والفهم بان خلف الكواليس ينسج الفلسطينيون والاتحاد الاوروبي امكانية اعلان من طرف واحد عن دولة. التفكير بان قرارا احادي الجانب من الفلسطينيين سيساعد على استصدار قرار من مجلس الامن في الامم المتحدة لاقى تأكيده في اثناء شهر تشرين الثاني من محمد دحلان وصائب عريقات الذي اضاف الان ايضا بان قرار الامم المتحدة في الموضوع الفلسطيني سيقوم على اساس خطوط 1967. معنى الامر سيكون تقسيم القدس واستبعاد حدود قابلة للدفاع لاسرائيل. اللغز الاكبر بالنسبة للفلسطينيين هو هل سيتعاون براك اوباما مع هذه الاستراتيجية فيؤيد قرار الامم المتحدة في مجلس الامن.

من أجل عزل اسرائيل في الساحة الدولية، بدأت القيادة الفلسطينية حملة نزع الشرعية هدفها تهيئة التربة لخطوة من طرف واحد. ويدور الحديث عن "اعمال تليين" دبلوماسية تأتي كخطوة مسبقة للخطوات الدبلوماسية على الارض. اولا، من خلال دعم كتلة الدول العربية والاسلامية تبذل جهود متصاعدة لعرض اسرائيل كدولة مجرمة تنتهك القانون الدولي وترتكب جرائم حرب. هذا ما وقف خلف المساعي في مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة في كانون الثاني 2009  والمطلب لتشكيل لجنة غولدستون مع تفويض باتهام اسرائيل وحدها. ومن خلال استخدام المنظمات غير الحكومية في اوروبا اضيفت الى هذه الجهود ايضا محاولات للعمل على اعتقال ضباط اسرائيليين في ظل اساءة استخدام صلاحيات القضاء العالمية في اجهزة القضاء المحلية.

الجانب الاخر من نزع الشرعية عن اسرائيل يتعلق برفض حقوقها التاريخية ولا سيما في القدس. في الماضي كان هذا عرفات هو الذي قال في كامب ديفيد انه لن يكون ابدا هيكل في القدس واصر بشكل قاطع على عدم الاعتراف بالصلة اليهودية بالقدس.

غير أنه منذ ذاك العهد، هذه الادعاءات عاد ليطلقها الكثيرون من القيادة الفلسطينية، بمن فيهم صائب عريقات، ياسر عبدربه بل وحتى ابو مازن.  في خطابه امام الجمعية العمومية للامم المتحدة في 12 تشرين الثاني 2008، تحدث سلام فياض عن صلة المسيحيين والمسلمين بالقدس ولكنه رفض الاعتراف باي صلة يهودية كانت. القيادة الفلسطينية لا تزال معنية بعرض الشعب اليهودي كسكان استعماريين – مستوطنين بينما تبقي لنفسها مكانة الاصليين والسكان الشرعيين. لهذا السبب، فان تعريف اسرائيل كدولة أبرتهايد يشكل مدماكا هاما في هذه المساعي الدبلوماسية.

* * *

لقد دخلت اسرائيل الان في صراع دبلوماسي جديد تماما لم تعد فيه الشعارات الممجوجة للتسعينيات ذات صلة. في هذا الواقع الجديد لا يمكن للدبلوماسي الاسرائيلي ان يكتفي بتصريح آخر يفيد بان حكومته ملتزمة بصنع السلام وبـ "تنازلات اليمة" ليتوقع تأييدا في الساحة الدولية.

التصدي لنزع الشرعية يجب أن يقف في رأس جدول اولويات اسرائيل. اسرائيل بحاجة ماسة الى طواقم قانونية دولية للدفاع عن حقوقها، وفي نفس الوقت لادارة هجوم في وجه الانتهاكات البارزة للقانون من قبل حماس ومؤيديها. تقرير غولدستون لن يختفي من تلقاء ذاته. على اسرائيل أن تعد اجوبة قاطعة على الاتهامات المركزية وتسويقها بشكل نشط في الخارج. وأخيرا على ممثلي اسرائيل أن يكونوا جاهزين للتعاطي مع الحقوق التاريخية لشعب اسرائيل في البلاد بدلا من الهروب من المنافسة في هذا الصعيد بسبب السلامة السياسية المزعومة. اذا لم تدافع اسرائيل عن حقوقها، فان احدا لن يفعل ذلك بدلا منه.