بقلم: عاموس جلبوع
ماذا يحصل بيننا وبين السلطة الفلسطينية؟ في نظرة الى الوراء منذ حرب لبنان الثانية ونحن نتواجد في المرحلة الثانية من شبكة العلاقات مع الفلسطينيين. المرحلة الاولى، مرحلة ولاية اولمرت، تميزت بحوار سياسي متواصل مع السلطة الفلسطينية على التسوية الدائمة، على اعلى المستويات، بمساعدة امريكية واوروبية، تحت مظلة دولية من "اتفاق انابوليس"، دون شروط. ومقابل ذلك، صراع متواصل ضد الارهاب الحماسي من قطاع غزة. في المرحلة الثانية الحالية، الصورة القائمة هي العكس: لا ارهاب حماسي ولا حوار سياسي.
بدلا من الحوار السياسي وبدلا من الارهاب يوجد لنا الان حرب فلسطينية ضد دولة اسرائيل: حرب سياسية، قانونية، ونفسية. والتعابير المركزية فيها: تصريحات لمسؤولين فلسطينيين، كلهم من مساعدي ابو مازن واصدقائه عن اعلان احادي الجانب عن اقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس، يصادق عليها مجلس الامن. هذه تهديدات نفسية على اسرائيل، سبق ان اطلقها في حينه عرفات قبل كامب ديفيد 2000 وبعده. ومع الفارق، تصريحات فلسطينية في الاتجاه المعاكس: يأس مزعوم، من دولة فلسطينية مستقلة والسعي الى دولة ثنائية القومية.
ابو مازن يعلن عن انتخابات، يقول انه لن يتنافس وانه سيستقيل؛ وهو يستدعي مناشدات لان يتراجع؛ لجنة الانتخابات الفلسطينية تؤجل الانتخابات؛ وفجأة لا يعودوا يتحدثون عن استقالة ابو مازن. العناد الذي لا هوادة فيه في موضوع المستوطنات. خوض حملة عالمية لمقاطعة البضائع الاسرائيلية. جهود لتحويل مسألة السجناء الفلسطينيين الى مسألة دولية، وغيرها. تقرير غولدستون سقط في ايدي الفلسطينيين من السماء تماما وفي الزمن الاكثر ملائمة.
ما الذي يقف خلف هذه الحرب؟ بالذات الحوار مع اولمرت اقنع القيادة الفلسطينية بانه لا معنى من مواصلته حاليا حيال حكومة نتنياهو بسبب اعتبارين مركزيين: الاول، انعدام القدرة والرغبة لديها في ابداء حلول وسط في المواضيع الاساس، بما فيها القدس واللاجئين، حيال التنازلات الكبيرة التي اظهرها اولمرت؛ والثاني، الاعتراف الداخلي بأن فرصة العودة الى قطاع غزة هزيلة. وعليه، اذا كان بعد فشل الحوار السياسي مع عرفات في 2000 توجه المجتمع الفلسطيني الى الارهاب الجسدي، فانه الان يتوجه الى ارهاب رقيق. هدف هذا الارهاب هو التآكل في المكانة الدولية لاسرائيل، تحويلها الى منبوذة في الساحة العالمية، توفير الاحساس لدى دوائر اعلامية معينة فيها بهدف تسويد الوضع في نظر الجمهور الاسرائيلي وحمله على اليأس.
بتعبير اخر: الاحتمال في الاستئناف الحقيقي للمفاوضات مع الفلسطينيين على تسوية دائمة هو شبه منعدم في الوضع الحالي.