فلسطين اليوم : غزة
أجمع كتاب رأي ومحللون سياسيون وقادات فصائلية، على ضرورة الخروج من حالة الانقسام البغيضة التي أوصلت الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية إلى ما هي عليه الآن من التشرذم وفقدان البوصلة والتراوح في مكانها.
ودعا أولئك جميعهم خلال ندوةٍ نظمت في قاعة الاجتماعات بفندق الكومودور بمدينة غزة أمس، حول "أبعاد التوجه لمجلس الأمن الدولي لإعلان الدولة الفلسطينية"إلى العمل على بناء منظمة التحرير وفقاً لاتفاق القاهرة، وذلك بتأمين دعوة أمناء الفصائل ورئيسي المجلس الوطني والتشريعي بما يؤمن مشاركة حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي فيها، لتكون ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني بكل معنى الكلمة، ولتكون مرجعية تقود نضال الشعب الفلسطيني إلى هدف التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وشددوا على أهمية الذهاب باتجاه سد الفراغ الدستوري فيما يتعلق بالشرعيات الفلسطينية المتمثلة برئيس السلطة الوطنية، والمجلس التشريعي، ووضع النقاط على الحروف في هذا الجانب، وعدم ترك الأمور إلى تقديرات الموقف التي قد تأتي بعكس ما يطمح إليه ويتمناه الشعب الفلسطيني.
فقد استرشد الكاتب والأكاديمي الدكتور أسعد أبو شرخ في مداخلته المطولة حول الأبعاد الوطنية للتوجه لمجلس الأمن الدولي لإعلان الدولة الفلسطينية بعشرات المقالات والآراء التي نسبها لكتاب عرب وأجانب وإسرائيليين جميعهم تحدثوا وكتبوا سابقاً وحالياً في موضوع الدولة الفلسطينية والإعلان عنها، وما تشهده الحالة الفلسطينية اليوم.
واستطرد أبو شرخ قائلاً: "على الفلسطينيين العمل مجتمعين لإعادة بناء منظمة التحرير وإدخال منظمات وأحزاب سياسية جديدة فيها، على أن يكون مقرها في الخارج لا في الداخل، ووقف جميع أشكال التطبيع السياسي أو الاقتصادي، مع مراجعة شاملة للوضع الفلسطيني واستخلاص العبر مما نحن فيه للوصول إلى بر الأمان".
بدوره، قال الدكتور نافذ المدهون أستاذ القانون بالجامعة الإسلامية في مداخلته حول الأبعاد القانونية لقرار التوجه لمجلس الأمن حيث قال: "إن هناك حكومتين، وكل حكومة منها تدعي الشرعية، وتتحدث باسم دولة فلسطينية في حين إن الدولة بمفهومها السياسي والقانوني غير قائمة وغير موجودة على أرض الواقع في ظل احتلال يفرض سيطرته على البر والبحر والجو في غزة ويغلق المعابر وقتما شاء وكيفما شاء، ويقيم الحواجز ويقطع أوصال المدن، ويستبيح حرمات المنازل ويعتقل العشرات يومياً من سكان الضفة، وبالتالي فالحديث عن الدولة مبكراً".
وأضاف المدهون: "ما لم تتوفر هناك المعايير والوسائل لأركان الدولة ومرجعية سياسية واحدة، لن يكون هناك دولة حتى وإن اعترف بها مجلس الأمن"، موصياً بإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الذي يؤكد على إنهاء الاحتلال وبالبحث عن اعتراف حقيقي وواقع بالدولة.
من جانبه، شدد الكاتب والمحلل السياسي يحيى رباح على ضرورة عدم تكتيف السلطة الوطنية ممثلة بالرئيس محمود عباس يديها إزاء ما وصلت إليه القضية الفلسطينية والمفاوضات السياسية من طريق مسدود، والذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لأخذ الاعتراف بحدود أرض هذه الدولة التي تتآكل أمام الجميع بفعل الاستيطان دون استطاعة أحد تحريك أي ساكن لا من خلال المقاومة ولا من خلال المفاوضات.
وقال رباح :"نحن في منطقة تعيش حالة غليان، وعلى وشك الانفجار، وعلى السياسيين أن يؤمّنوا لهذه الدولة درجة من الحماية والاستعداد طالما أن ميزان القوى مختل لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي يجب أن لا يمنعنا ذلك من التقدم لأخذ شرعية هذه الدولة وتعديل اختلال هذا الميزان".
بدوره، قال صالح ناصر عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين:" ليس هناك قرار لدى منظمة التحرير أو السلطة للتوجه إلى مجلس الأمن، وإنما هناك حديث عن هذا التوجه، والمنظمة تدرس هذا الطلب تشجيعاً للمبادرة العربية ولدعوة وزراء الخارجية العرب لتبين هذه الفكرة".
وأضاف ناصر "إن إعلان الدولة هو خيار فلسطيني كفاحي، ومن عارضه في العام 88، هو نفسه من يعارضه اليوم في 2009، لو تم ذلك، وهو نفسه الذي يريد هدنة لعشر سنوات ولخمس عشرة سنة، ولكن يمكن القول إن الدولة قائمة، ولكن المختلف عليه الآن هو حدود الدولة، ونحن نريد إجماعاً دولياً لحدود هذه الدولة وهي الرابع من حزيران العام 67 الذي أجمع عليه كل العالم".
ومن جهته أشار جميل مزهر عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى أن الذهاب إلى مجلس الأمن بحاجة لموقف وطني موحد، قائلاً:" أما في ظل التمزق والتشرذم فسيكون الموقف الفلسطيني ضعيف، وبالتالي يجب العمل على إنهاء الانقسام أولاً، واستعادة الوحدة الوطنية ثانياً للذهاب إلى المجتمع الدولي بموقف موحد، لأن هناك مأزقاً أدى إلى تخبط في الحالة الفلسطينية، والتلويح بحل السلطة والذهاب لمجلس الأمن وإعلان الدولة".