فلسطين اليوم-وكالات
نشرت في تل أبيب، تقديرات جديدة تقول إن حربا ستقع في الشرق الأوسط ربما في الخريف أو الصيف القادمين. وأن هذه الحرب باتت حتمية، بغض النظر عن الموضوع الإيراني. وأنها قد تقتصر على هجوم إسرائيلي على حزب الله في الجنوب اللبناني أو حماس في قطاع غزة أو كليهما معا.
وبنى المراقبون هذه التقديرات على أساس توجهات الجيش الإسرائيلي في الشهور الأخيرة، كما ظهرت في التدريبات العسكرية وفي نوعية الأسلحة التي تم تطويرها في الصناعات العسكرية الإسرائيلية وفي تصريحات مختلفة يطلقها من آن لآخر، قادة سياسيون وعسكريون. وآخرها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقائد اللواء الشمالي في الجيش، اللواء جادي آيزنقوط.
فالتدريبات العسكرية الإسرائيلية، وكذلك التدريبات المشتركة مع الجيش الأميركي، بنيت على أساس سيناريوهات متعددة، أبسطها تتحدث عن «استفزازات من حماس تستدعي ردا بحرب جارفة، ذات طابع مشابه للعملية الحربية الأخيرة، وأكبرها حرب على إيران لتدمير مفاعلاتها النووية تشارك فيها سورية وحزب الله وحماس معا. وتتجند فيها الولايات المتحدة بقوات تحارب مباشرة إلى جانب إسرائيل».
وأما الأسلحة الجديدة، فهي تلك التي تعطي الجواب على الصواريخ بعيدة المدى التي يمكن أن تطلقها إيران أو سورية أو كلاهما معا على إسرائيل جنبا إلى جنب مع الصواريخ متوسطة المدى أو قصيرة المدى المتوفرة حاليا لدى حزب الله وبعدد أقل بأيدي حماس. وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر تلميحا عن موقف شبيه عندما قال في خطابه أمام مؤتمر الطيران في اللد، يوم الثلاثاء الماضي، إنه «منذ أن تعرضت بريطانيا إلى الهجمة الصاروخية الألمانية في الحرب العالمية الثانية وقتل لها 9000 مواطن، لم تعرف البشرية دولة تعرضت لتهديدات خطيرة كهذه مثل إسرائيل. فأعداؤنا يقصفوننا بهدف قتل أكبر عدد من اليهود ثم يهاجموننا لأننا ندافع عن أنفسنا. ولكننا لن نقبل بهذا وسنعرف كيف نخلص شعبنا من هذا الخطر».
وكتب موشيه أرنس، وزير الحرب الأسبق في الحكومة الإسرائيلية والمقرب جدا من نتنياهو، أن «إسرائيل ردت بشكل قوي على حزب الله في حرب صيف 2006 وبالشكل نفسه على حماس في سنة 2008، وحققت قوة ردع هائلة نرى نتائجها على الأرض اليوم، حيث إن حزب الله لم يجرؤ على إطلاق قذيفة واحدة على إسرائيل منذ الحرب وعندما يطلق آخرون صاروخا علينا يسارع إلى التنكر له، وحماس لا تطلق صواريخ بل تقمع من يطلها». ومع ذلك، فإن أرنس يعتقد أن حكومة إيهود أولمرت لم تكمل المهمة كما يجب ومنعت الجيش الإسرائيلي من إتمامها.
ويقول أرنس إن على إسرائيل أن لا تتردد طويلا في إكمال هذه المهمة، خصوصا أن حزب الله ضاعف قوته الصاروخية وحماس وفصائل المقاومة بغزة كذلك. ويضيف: «الولايات المتحدة تعرضت لخطر كهذا في الماضي (سنة 1962)، لكن رئيسها جون كيندي لم يهدأ له بال إلا بعدما أزال هذا الخطر وجعل روسيا تسحب صواريخها من كوبا».
وأما آيزنقوط، فقد توجه إلى الشعب في إسرائيل قائلا: «علينا أن ننسى الحروب الماضية التي كنا فيها نهزم العدو بضربة خاطفة، كما حصل في 1967. واليوم تتخذ الحرب شكلا آخر تماما، تكون طويلة وتحتاج إلى نفس طويل من السياسيين ومن الشعب. فالعدو يعتمد اليوم على إطلاق الصواريخ، التي تتطور لديه باستمرار، وهدفه شل الحياة لدى المواطنين والتشويش على حركة الطيران الإسرائيلية. وكلما كان لديه وقت أكثر يطور آلته العسكرية أكثر».
ويضيف آيزنقوط أن الجيش الإسرائيلي واع للأخطار ولديه جواب على كل احتمال فضلا عن كونه أكبر وأقوى الجيوش في المنطقة. ويؤكد أنه بفضل هذا الجيش والمخابرات وبقية أجهزة الأمن، بدأت الحروب تتخذ شكلا مختلفا تهبط فيه نسبة الضحايا الإسرائيلية من سنة إلى أخرى، وهذا ليس مصادفة.
ففي فترة معينة تعرضت إسرائيل لهجمات انتحارية، ولكنها تمكنت من وضع حد لها في سنة 2005 بواسطة بناء الجدار والعمل المعمق للمخابرات داخل المجتمع الفلسطيني. ولكن حرب لبنان، التي طالت 34 يوما وأطلقت فيها 4200 صاروخ، وقتل فيها 54 جنديا إسرائيليا فقط، ومن غزة أطلق على إسرائيل 12000 صاروخ منذ سنة 2001 وقتل من جرائها 20 إسرائيليا فقط. مثل هذا العدد، كان يسقط في أربع أو خمس عمليات انتحارية. ولذلك، فإن الجيش الإسرائيلي سيحقق النصر في الحرب القادمة، شرط أن يصمد الناس والقادة السياسيون.
ويرى المراقبون أن إسرائيل تتوقع فشل المحادثات بين الغرب وإيران حول التسلح النووي وأن يحتاجها العالم إلى وضع الخيار العسكري على رأس الأجندة الدولية. وهي تستعد لهذه اللحظة بكل جدية وإصرار. ولكنها في إعدادها لتوجيه ضربة لحماس وحزب الله «وإن احتاج الأمر فأيضا ضد سورية»، تتعامل كما لو أن قضية إيران ستحل في المسار الدبلوماسي.