خبر السباق نحو الخطة.. يديعوت احرونوت

الساعة 11:05 ص|20 نوفمبر 2009

بقلم: ناحوم برنيع

وقت البشائر قد جاء. ليس موفاز وحده هو الذي يطرح مشاريعه المرحلية، وانما بيرس ايضا. شمعون بيرس يخرج من جعبته خطته القديمة مع باراك والاهم نتنياهو. هو يخطط للخروج في خطاب بشائري خاص به، خطاب تاريخي وانعطافي.

السباق نحو الخطة لم يولد بسبب اندفاعة في الابداع. هو ولد بسبب الضرورة. موفاز – يجب ان نقول لصالحه – كان اول من شخص الفراغ الناشىء: الامريكيون لا يطرحون خطتهم. حكومة اسرائيل لا تطرح خطة. لفني لا تطرح خطة. من يطرح الخطة في الجو يحظى بكل العناوين الصحفية. وهذا ما حدث.

بيرس وباراك طرحا خطتهما لكل من يرغب في الاستماع بما في ذلك اوباما ورؤساء الدول الاوروبية وكل القيادة الفلسطينية. الرد كان سلبيا. الفلسطينيون يرفضون الموافقة على اقامة دولة في حدود مؤقتة لانهم يدعون ان المؤقت عند الاسرائيليين يصبح دائما. الرفض الفلسطيني جر من ورائه رفضا امريكيا. هذا ايضا سيكون مصير خطة موفاز التي لا تختلف كثيرا عن خطة باراك – بيرس.

الخطة هي ذريعة. عندما سيسألونهم في يوم الحساب ما الذي فعلتموه من اجل السلام الذي اكثرتم من الحديث عنه، ما هي منفعة تأييدكم لحكومة نتنياهو؟ حينئذ سيردون قائلين: ما الذي تقولونه لقد قمنا بطرح المشاريع والخطط التسووية.

نتنياهو فوجىء عندما اكتشف في هذا الاسبوع قلة ما يعرفه عما يحدث في دولته التي يترأسها. هو لم يعرف بأمر هدم المنازل في شرقي القدس ولم يعرف بقرار بلدية القدس بالمصادقة على بناء 900 وحدة سكنية في منحدرات جيلو. وهو لم يعرف بأمر التوجه الخاص من جورج ميتشيل لاسرائيل اذ طالب بتأجيل اصدار التصاريح للبناء.

عندما توجه شمعون شيفر مراسل "يديعوت احرونوت" السياسي لديوان رئيس الوزراء في يوم الثلاثاء مساء وطلب ردهم على توجه ميتشيل لهم قال نتنياهو انه لا يعرف شيئا عن ذلك. المحامي يتسحاق مولكو الذي كان في ذروة لقاء مع ميتشيل في لندن قال بأنه سمع بأمر التوجه الامريكي قبل ذلك بدقائق معدودات. ورد على ميتشيل بأن لا علم له بالامر. هو خشي من التورط: نتنياهو وعد اوباما بالشفافية التامة الا ان ما تمخض عن ذلك كان مياها عكرة.

بعد ذلك ان اتضح ان مارا رودمان المسؤولة الرفيعة في طاقم ميتشيل قد توجهت بنفس اليوم لسفارة اسرائيل في واشنطن وسألتها عن البناء في جيلو. الرسالة وصلت لديوان رئيس الوزراء الا انها توقفت في طريقها للاعلى. اتضح ايضا ان وزير الداخلية ايلي يشاي قد عرف بالامر. هو لم يعتقد بان عليه ان يشرك رئيس  الوزراء بهذه المعلومات.

السبب المباشر لهذا الفشل هو ان الاشخاص الذين وظفهم نتنياهو في ديوانه طيبون وجميلون ولكنهم جميعا ليسوا على صلة بالواقع الاسرائيلي القائم. ليست لديهم مصادر. هم يعيشون داخل فقاعة جوفية. عندما كان دوف فايسغلاس رئيسا لديوان شارون واجه الامر من خلال تشكيل لجنة متعددة المجالات من اجل اعطاء ردود سريعة وناجعة على كل توجه من الادارة الامريكية. اما يورام تورفوفيتش رئيس طاقم اولمرت فقد كان له ترتيب مشابه.

ولكن الفشل الحقيقي لا يكمن في المجال الديمقراطي وحده. في الاوضاع الطبيعية لم يكن دبلوماسي مجرب مثل ميتشيل يعرف اسرائيل جيدا ليتجرأ على تقديم شكوى حول البناء في جيلو. هو يعرف ان مكان مثل جيلو يحظى بالاجماع الاسرائيلي وان اي رئيس وزراء لن يوقف البناء هناك خصوصا بصورة جلية. عندما سيصدر بيانه الوطني ستتحد كل المنظومة السياسية مصطفة من ورائه. الصدام الاسرائيلي – الامريكي حول جيلو سيء لنتنياهو وسيء لاوباما وسيء لميتشيل.

ولكن نتنياهو لم يترك له خيارا. هو شاهد الى اي مدى يقلق الامريكيون من تهديدات ابو مازن بالاستقالة. هو قرأ الاوراق التي امدته بها الاذرع الامنية في اسرائيل التي تشخص اقتراب انفجار شامل في الضفة. هو عرف انه عندما لا تفعل اسرائيل اي شيء ولا تقوم بابتداع اي شيء جديد وتكتفي فقط بالسخرية من كل خطوة فان جلسة للجنة بناء المدن في القدس قد تتسبب في اثارة حفيظة رئيس الولايات المتحدة.

بامكان نتنياهو ان يختار جملة من الخطوات التي تخرق التوازن وتملأ الفراغ وتمريرها في الحكومة بسهولة. ولكنه اختار عدم القيام بأي شيء والوقوف مثل ارنبة تقف في مواجهة دواليب سيارة مقتربة وتلقي الضربة.

وزير الاسكان اريئيل آتيس قال لنتنياهو في جلسة الحكومة في هذا الاسبوع: انا اعرف بالضبط كم يبنون في يهودا والسامرة. لم يخرج اي عطاء من دوني وانا اعلمك بأن كل شيء مجمد. ليست هناك تراخيص. ماذا يضيرك لو صرخت علانية بأنك تجمد البناء لستة اشهر؟ انت تفعل ذلك اصلا بين هذا وذاك.

نتنياهو انتقل للبند التالي.

رد ملائم

اعضاء الكونغرس الامريكيون الذين عادوا من اسرائيل الى واشنطن قالوا هناك بان اسرائيل جاهزة للتهديد الايراني. الايرانيون سيحركون حماس وحزب الله في المقابل. ليس على الامريكيين ان يخشوا الهجمة الايرانية ضد قواته في العراق او اجتياحهم لحقول النفط هناك. المشكلة ستكون مشكلة اسرائيل وحدها.

هذه الرسائل تهدف على ما يبدو لاضفاء الاستقرار على الموقف الامريكي والاوروبي في المفاوضات مع ايران. ليس من البسيط الخضوع للرفض الايراني: هناك خيار عسكري في آخر النفق.

نموذج بن غوريون

"غراند باراك" هو افخر فنادق رام الله. في يوم الاحد ظهرا عقد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض هناك مؤتمرا صحفيا. عشرات الصحفيين المحليين والعسكرين والسيناتور الامريكي جو ليبرمان وبعض اعضاء بعثة الكونغرس الامريكية احتشدوا هناك في غرفة صغيرة في اخر الرواق. رائحة السجائر تعالت في الهواء وسجل نقص شديد في الاكسجين.

حق طرح السؤال الاخير اعطي لمراسلة صحيفة "هآرتس" عاميرا هاس. كان لديها سؤالان. السؤال الاول طرح على فياض هي ذكرته بأن ثلاثة من ابناء قريته دير الغصون قد اعتقلوا من قبل الجيش الاسرائيلي عندما تظاهروا ضد الجدار الفاصل. كيف تتحدث عن اتفاق مع اسرائيل في الوقت الذي تفعل فيه هذه الاخيرة مثل هذه الامور، قالت له مؤنبة.

اما ليبرمان فقد سألته كيف يقبل هو كيهودي المعاملة القائمة على التفرقة التي تمارسها اسرائيل بحق الاقليات.

الاثنان اصيبا بالارتباك. ليبرمان لم يعتد على ذكر اصله امامه. "ما الذي كان بامكاني ان اقوله" قال لي بعد ذلك بابتسامة حزينة. "قلت بأنني اؤيد اقامة دولتين". فياض التقى معي ومع مراسل "يديعوت احرونوت" روني شاكيت مرة اخرى في صبيحة اليوم التالي في ديوانه في رام الله. سألته كيف شعر. "هناك اشخاص يعتقدون انني لست مخلصا بدرجة كافية لفلسطين والكثيرون منهم اسرائيليون".

الامريكيون – اعضاء الكونغرس وبعض المسؤولين في الادارة الامريكية – معجبون بفياض. في المساحة القائمة بين نهر الاردن والبحر ليس هناك سياسي حي ينال اعجابهم اكثر منه. فياض مثل سلسلة من السياسيين الذين تتلمذوا في الولايات المتحدة وعملوا تحت ظل حكومات شرق اوروبا والعالم الثالث يعرف كيف يتحدث اليهم بلغتهم وقيمهم وطباعهم. هو ليس مدمنا على لعب دور المسكين خلافا للتقاليد السياسية الفلسطينية المدمرة. هو لا يودع مصيره بيد الاخرين، بيد الحكام العرب او المخربين الانتحاريين. هو الذي يفعل.

فياض يستمد الاحياء من دافيد بن غوريون والمشروع الصهيوني الذي سبق اقامة الدولة. "دولة اسرائيل لم تقم في 1948 بل اعلنت في ذلك العام. هذه الدولة اقيمت قبل ذلك خلال سنوات من بناء المؤسسات. عندما أقول هذه الامور في الشارع الفلسطيني يتهمونني بأنني صهيوني".

ليس مجرد صهيوني: بل من المباي.

كيف ينظر الجمهور الفلسطيني لخطتك؟ سألت فياض.

"بخشية" قال فياض. "يسألون هل سيحدث ذلك فعلا؟ وان كان هذا جيدا الى هذا الحد فلماذا يتوجب الانتظار عامين؟ هل نحن معنيون بالاستقلال فعلا. بالامس احتفلنا بمرور 21 عاما على اعلان الاستقلال الفلسطيني. اي استقلال هذا؟ نحن نحتفل بشيء غير قائم".

للوهلة الاولى يسود الاعتقاد بان على حكومة اسرائيل ان تعانق سلام فياض بحرارة. خطته تتحدث عن بناء دولة من الاسفل من محطة الشرطة ودائرة البريد والمصانع الاقتصادية والشفافية في الميزانية. هذا هو الشريك الذي تمنته اسرائيل: عدو للارهاب، نقي من الفساد، مطبق للقانون ومشجع للتجارة، جدي وموثوق. ولكن بعض الوزراء في الحكومة يعتبرون فياض احد اخطر الاعداء بالنسبة لمستقبل دولة اسرائيل. هم على قناعة بأنه قد توصل الى صفقة سرية مع الامريكيين: هو يعطيهم فلسطين المنظمة المرتبة وهم لا يستخدمون حق الفيتو في الامم المتحدة بصدد هذا القرار الذي يعترف بحدود حزيران 67 كحدود للدولة الجديدة. حتى وان لم تكن هناك صفقة الان فهم يقولون انها ستحدث في اخر المطاف. العالم سيفرض على اسرائيل اخلاء المنطقة لصالح دولة البون بون الخاصة بسلام فياض.

فياض يبتسم. "مثل هذه الانباء التي تقول انني نسقت كل شيء مع الامريكيين والاوروبيين هي نفاق وتزلف بالنسبة لي، ولكن الحقيقية هي انني لم أنسق معهم اي شيء. شاهدت بعض ردود الفعل الايجابية على ورقتي التي لم اصدق ما كتب فيها. انا اريد استكمال بناء المؤسسات خلال عامين وانا اريد طرح شيء يضع نهاية للاحتلال. هذا لا يأتي بدلا من المفاوضات وانما لتحفيزها".

وان فشلت المفاوضات؟

"المؤسسات ستعمل وستكون مخلصة ومساندة للمعايير الشائعة في العالم بينما سيبدو الاحتلال اقل طبيعية رويدا رويدا" قال. "الضغط لايقاف هذا الاحتلال سيكون قويا جدا".

هناك ثقوب غير قليلة في خطة فياض: هي لا توضح كيف سيتم ابعاد حماس عن غزة. وهي لا تحل القضايا الجوهرية التي تفصل بين الشعبين كالقدس وحق العودة وانهاء الصراع والحدود. هي تمثل فياض وحده: قادة فتح في الضفة يكيدون له، لانه ليس عضوا في حزبهم وكذلك لانهم يعتبرونه عميلا امريكيا. ابو مازن لا يساعد. العلاقات الشخصية بين الاثنين جيدة تقريبا مثل العلاقات بين تسيبي لفني وشاؤول موفاز.

علاج جذري

على الجدار في ديوان فياض وفي المكان الذي يعلق فيه الاخرون صورة الصخرة والاقصى او صورة عرفات علق فياض صورة جميلة لجذور شجرة زيتون عمرها الفي عام. المصور هو عصمة السلوادي. السلوادي هو ضحية فترة الفوضى: رصاصة عبثية اطلقها فلسطيني حولته الى معاق. الزيتون ليس صدفة ولا سيرة هذا المصور.

"الاسرائيليون يقولون دولتين" قال فياض. "ولكنني لست متأكدا من انهم استوعبوا المغزى". خطاب نتنياهو في بار ايلان كان خطوة ايجابية ولكني معني اكثر بمعرفة المكان الذي يقود اليه ذلك وما الذي يتوجب فعله بعد ذلك".

هل كنت تتوقع من الجيش الاسرائيلي بان يسحب قواته من الضفة؟

"لا بأي شكل من الاشكال ما اريده اليوم هو الايقاف التام للتغلغل العسكري الاسرائيلي في اراضي السلطة لا تدخلوا الى مناطق أ ولا الى مناطق ب".

ولكن من دون الجيش الاسرائيلي انتم ستضيعون. لديكم ثلاثة كتائب اما الجيش الاسرائيلي فلديه عشرين كتيبة. من دون الجيش الاسرائيلي قد تتحول الضفة الغربية الى غزة.

"انا اختلف معك انت تعتقد بأن امورا جيدة هنا وليس في غزة لان الجيش الاسرائيلي ليس في غزة ولانه هنا موجود. ليس من الدقيق القول ان الجيش الاسرائيلي ليس في غزة وليس من الدقيق  القول ان الجيش الاسرائيلي موجود هنا. قبل عامين عندما اعتقد الاسرائيليون بان الوضع في الضفة على ما يرام كان الوضع في ذلك الحين فظيعا. كانت هنا حالة من الفوضى وجاء الفرق بسبب نظريتنا الامنية الجديدة والادارة السليمة".

وكذلك العبر التي استخلصها قادة الاجهزة الامنية من هزيمتهم في غزة. قلت لفياض.

"وهذا الامر ايضا بطبيعة الحال. حتى الفلسطينيون الذين يكرهوننا يشكروننا لاننا فرضنا القانون والنظام لم يصدق احد بان ذلك سيحدث. ادعاءهم ضدنا هو اننا قد خرجنا عن الجوهر واننا نساعد الاحتلال. بامكاننا ان نقول اليوم للناس: حياتكم افضل والاقتصاد افضل وامنكم الشخصي افضل. نحن نفعل كل ذلك ليس من اجل تحويل الاحتلال الى امر يمكن تحمله وانما لانهاء هذا الاحتلال".

كيف حدث بأن الجدل حول تجميد البناء قد تحول الى عقبة هائلة تحول دون استئناف المفاوضات؟

"حدث امر سخيف بدلا من التحدث عن ذلك في السياق الواسع يتجادلون حول شرفة بروضة اطفال وبيتا هنا وبيتا هناك. من وجهة نظرنا هذه المسألة سياسية. 9 اشهر مرت منذ دخول اوباما الى البيت الابيض وما زال البناء مستمرا. هذا يصعب علينا تسويق عملية السلام لجمهورنا. نحن نريد استئناف المفاوضات بدرجة كبيرة ولكننا نتذكر اخفاقات الماضي. بعد عدة اشهر سيقول الامريكيون لنا مرة اخرى نحن آسفون هذا هو الاتفاق الوحيد الذي نجحنا في انتزاعه من اسرائيل. انتم مستوطنة فوق قمة جبل وتتساءلون ماذا يضيرنا ذلك، ذلك لان كل المستوطنات تحتل نسبا مئوية قليلة من مساحة الضفة. ولكن من حول المستوطنة هناك مساحة امنية وطرق تشق اما طرقنا فتغلق بسبب الدواعي الامنية. المستوطنات تتسبب بخنقنا".

هل سيكون بامكانك ان تعمل مع حكومة اسرائيل الحالية؟

"انا لا انتظر سقوط نتنياهو، كل رئيس وزراء محترم في نظري. في بعض الاحيان اعتقد بأنه ليس من الجيد لي الالتقاء مع المعارضة في اسرائيل – ليس مهما من هي هذه المعارضة. من الافضل ترك السياسة الاسرائيلية للاسرائيليين".

عرفات، قلت لفياض، ادعى بأنه خبير كبير في السياسة الاسرائيلية. اما في واقع الامر فهو لم يفهم الكثير فيها.

فياض يضحك. "نحن نعتقد اننا نعرف الاسرائيليين اكثر مما يعرفون انفسهم" قال، "وانتم تعتقدون انكم تعرفوننا اكثر مما نعرف انفسنا. نحن وانتم مخطئون".

فياض ليس على ثقة بان خطته ستنجح. "لن نعرف ابدا ان لم نجرب الامر. انا ادعو كل الاسرائيليين لاعطائي فرصة".

خلال المائة عام من الصراع كان اليهود هم الذين بادروا واقترحوا ووافقوا. والفلسطينيون كانوا الطرف الذي ينتظر الاعجوبة والمعجزات. اليوم تنتظر حكومة اسرائيل المعجزة في مواجهة فلسطيني واحد يأخذ زمام المبادرة. "طوال السنين كنا نجلس في المقعد الخلفي. خطتي التي طرحتها تضعنا ولاول مرة في مقعد السائق وهذا هو الجوهر بالنسبة لي".

المتفائل

وليام جيفرسون كلينتون 63 عاما يشع كريزماتية وشعره ابيض، وقف في يوم الاحد من هذا الاسبوع على المنصة في فندق "ميتسودات دافيد" في القدس لاجراء محادثة في اطار منتدى سابان. قالوا لي مسبقا بأنه لا يتوجب علي ان اقاطع الرئيس الذي يتحدث في منتصف حديثه. وليس من المعتاد طرح اسئلة شخصية ومن الافضل عدم ذكر هيلاري – هذه مسألة حساسة جدا.

ولكن كلينتون هو كلينتون. اعطه مكبر صوت بيده فيغرق في الحديث عن نفسه وعن زوجته وعن التجربة الهائلة التي راكمها في السياسة الشرق اوسطية هو يعرف كيف يضحك بما في ذلك الضحك على نفسه وبطريقة غير مباشرة مغلفة بطبقة من المديح يعرف كيف ينتقد نتنياهو ويذكر بقلة خبرته والصعوبة التي يواجهها في التحدث بلغة تثير عواطف الاسرائيليين والتأييد الذي حظي به من يهود امريكا الذين اعتقدوا ان خصمته هيلاري ليست مخلصة بدرجة كافية لاسرائيل.

النصيحة التي اعطاها للجمهور الاسرائيلي حادة جدا: "لا تتنكروا للادارة الامريكية فقط لانها تريد التوصل للسلام".

هذه كانت محادثة مع شخص متفائل في توقيت متشائم .

"انت الشخص الاكثر تفاؤلا في هذا العالم" قلت له، كلينتون تبنى هذا اللقب بسرور.

يبدو ان صورة امريكا في العالم هي صورة دولة عظمى آخذة في الضعف. فهل نواجه هنا مشكلة علاقات عامة ام ان هذه نقطة فارقة تاريخية ونهاية للقرن الامريكي مع بداية قرن يصبح فيه لامريكا دور ثانوي؟

العكس هو الصحيح انا اعتقد ان صورة امريكا في العالم افضل اليوم عما كانت عليه في عهد بوش. لدينا رئيس يبدو اشبه بالعالم هو ليس فقط افريقيا – امريكيا وانما ايضا ابن لاب كان قد ولد في كينيا وزوج ام من اندونيسيا التي قطنها لسنوات طويلة. انا اعتقد انه ناجح جدا ووزيرة خارجيته تحظى بالشعبية بفضل قدراتها. صحيح ان الاقتصاد الامريكي اضعف اليوم ولكن اقتصادنا هو الاقتصاد الاكبر في العالم. لقد كنت قد قلت لابناء شعبي مع انتهاء الحرب الباردة: خلال فترة قصيرة سنصبح الدولة الوحيدة الاعظم ولكن هذا الامر لن يمتد لفترة طويلة. ان عاجلا او آجلا ستقوم دول كبيرة اخرى كالصين والهند والاتحاد الاوروبي بالاقتراب منا. لم اعتقد في اي وقت من الاوقات اننا سنحكم العالم في القرن الـ 21 ولم اكن اعتقد بان هذا سليما بصورة كبيرة. قال كلينتون.