فلسطين اليوم : القدس المحتلة
أوصت دراسة إستراتيجية إسرائيلية عن ملامح حرب ثالثة محتملة على لبنان باستخلاص العبر من الحرب على غزة، ومن حرب لبنان الثانية، وحملة الجدار الواقي على الضفة الغربية عام 2002.
وحددت الدراسة الصادرة عن معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة "تل أبيب" جملة دروس واستنتاجات من تجارب الماضي، حيث يشير صاحب الدراسة الجنرال في جيش الاحتياط الإسرائيلي غيورا آيلاند في أحد الدروس والعبر من وجهة نظره إلى ضرورة الموازنة بين توقعات المستوى السياسي والرأي العام والصحافة من الحرب وبين القدرات الحقيقية للجيش.
ويكرر آيلاند ما أكدته لجنة التحقيق في حرب لبنان الثانية لجنة "فينوغراد" بالتشديد على حيوية تعريف أهداف الحرب كي لا تنشب مشاكل على غرار ما جرى في الحربين الأخيرتين على لبنان وغزة.
ويقول آيلاند -الذي دأب في دراساته على توجيه الانتقادات لما سماها ظاهرة الارتجالية لدى صناع القرار في المستويين السياسي والعسكري-:" إنه كان على إسرائيل تحديد هدفها في الحرب الثانية على لبنان بأنه "إما توجيه ضربة قصيرة وموجعة لردع العدو، أو تدميره بالكامل بحملة برية واسعة"".
وتابع :"إنه في الواقع جاء قرارنا مختلفا: لنخرج إلى الحرب ولْـنرَ ماذا سيكون، وهكذا في الحرب على غزة العام المنصرم كانت الصورة غير واضحة".
ويدعو آيلاند إلى تنسيق حقيقي بين المستويين السياسي والعسكري خلال الحرب ومعرفة محدودية القوة والجيش، داعيا إلى ضرورة الاستثمار من أجل استعداد عسكري دائم، بالتدريب وتخزين السلاح والعتاد.
واعتبر أن إسرائيل خرجت إلى حرب لبنان الثانية دون تحضير وجاهزية بخلاف حرب لبنان الأولى عام 1982 التي خططت لها طيلة عام،وفي المقابل يوضح آيلاند أن التنسيق بين الجيش والحكومة خلال الحرب على غزة جاء مبالغا فيه لحد إعاقة الأول عن تنفيذ مهامه، داعيا إلى "التوازن".
وبخلاف مواقف خبراء محليين آخرين، يرى آيلاند أنه بوسع إسرائيل إدارة القتال في مناطق سكنية مزدحمة دون فرض قواعد لعبة العدو عليها، ويستدل على ذلك بالإشارة إلى تجربة الحروب الثلاث الأخيرة، ورغم مقتل آلاف المدنيين جراء استهداف مناطق مدنية في لبنان وغزة، فإن آيلاند يعتبر أن حرب المدن تمنح إسرائيل نوعين من الربح، أولهما تحقيق الإنجاز العسكري المراد كما حصل في "الجدار الواقي" وإلى حد بعيد في "الرصاص المصبوب"، أما الربح الثاني فيكمن في تأليب المدنيين على ما أسماه "الإرهاب".
ويدعو آيلاند إلى امتصاص الضغوط الدولية والاستمرار في المجهود العسكري، ويقول:" إن الشرعية الدولية "حالة سائلة"، مراهناً على أن الدول الغربية تعود بسرعة لتساند إسرائيل ونسيان خلافاتها معها عند إحرازها انتصارا في الحرب، ويتابع "أما الصحافة الدولية فهي سرعان ما تنسانا وتنشغل عن عملياتنا بقضايا أخرى".
ومن أجل ضمان نجاح إسرائيل في حرب لبنان الثالثة أو منعها، يقترح آيلاند اعتبار لبنان "دولة عدواً لا حزب الله فحسب, وعدم التردد في هدم بناه التحتية، ويقدم "الجدار الواقي" مثالاً حينما حملت رئيسة مجلس الأمن القومي كوندوليزا رايس على إسرائيل وطالبتها بوقف عملياتها ضد السلطة الفلسطينية عام 2002 لكنها اضطرت لابتلاع تهديداتها أمام صلابة الموقف الإسرائيلي.
ويضيف "أنه في نهاية المطاف تبدد الضغط الدولي وقتها، أما في حرب لبنان الثانية فأبدت إسرائيل فزعا حيال انتقادات العالم وبالتالي لم يمنح الجيش وقتا كافيا لإنهاء المهمة".
ويشدد آيلاند على "ضرورة بدء المعركة الدبلوماسية على الرأي العام الدولي قبل شن الحرب القادمة لا العكس على غرار ما فعلته إسرائيل عشية العدوان على غزة"، مستدلاً على ذلك بتضامن رؤساء دول غربية تماثلوا معها وقاموا بزيارتها خلال الحرب.
ويؤكد آيلاند أن نتائج حرب لبنان الثالثة لن تختلف عن نتائج الحرب الثانية رغم استخلاص دروس كثيرة ورفع جاهزية الجيش وزيادة مناعة الجبهة الداخلية، وتفسير ذلك مرتبط بنجاح حزب الله في زيادة قوته وجاهزيته وحيازته عددا أكبر من الصواريخ وأبعد مدى، علاوة على بنائه خطوطاً دفاعية في المناطق السكنية وهو ما يمنحه مزايا تكتيكية هامة.