بقلم: ليئور الفروبتس
محاضر في التاريخ
"إن لم أكن أنا لي فمن يكون لي"، هكذا تقرر في فصول الاجداد. في الايام الاخيرة يتبين أن القيادة الفلسطينية قررت أن تتبنى ما ورد في المثل الشهير هذا، وان تتوجه الى الحل احادي الجانب.
وكأن ابو مازن ورفاقه يئسوا من تصريحات السلام لحكومة بنيامين نتنياهو؛ من مساعي الحاصل على جائزة نوبل، الرئيس الامريكي براك اوباما، ومن الدعم الذي لا يكل ولا يمل من الاتحاد الاوروبي.
لا ريب أن شيئا ما تغير في المفهوم الفلسطيني للنزاع ومكانهم فيه.
***
للوهلة الاولى لا يوجد شيء افضل لدولة اسرائيل من اعلان احادي الجانب عن استقلال فلسطيني في الضفة الغربية. وبالاساس لانه رغم المظهر المنكر سطحيا ليس هناك لفتح أي سيطرة حقيقية على الشارع، وسيطرتهم على الارض تعتمد على الاسناد الذي تمنحهم اياه حكومة اسرائيل من خلال الجيش الاسرائيلي. هذا اسناد بدونه مصير الضفة الغربية من ناحية السلطة سيكون كمصير غزة.
بمعنى، لن تطول ايامهم. ومع انتخابات او بدونها ستستولي حماس على الحكم في الضفة. هذا الواقع من الحكم الحماس في يهودا والسامرة سيبعد فقط الفلسطينيين عن انهاء النزاع لانه سيعزز، في اسرائيل وفي العالم الفهم في أن لا شريك حقيقي ومستقر للسلام.
كما أن هذا كفيل بتشديد الضغط على حماس للتنازل والمرونة، ناهيك عن ان اسرائيل يمكنها دوما أن تهجر الخيار الفلسطيني وتجرب القناة السورية. في هذه الاثناء سينضج الفلسطينيون في العصارة الديمقراطية الاسلامية التي خلقوها.
***
ولكن مع ذلك، فان اعلان الاستقلال من جانب واحد ليس امكانية مرغوبا فيها من جانب دولة اسرائيل ولا سيما لان هذا سيؤدي الى فوضى ثمنها معروف – انتفاضة ثالثة.
اسرائيل لا يمكنها ان تسلم بصعود حماس في منطقة مليئة بالمستوطنات اليهودية. ومعنى الامر العملي سيكون دخول متجدد لقوات الجيش الاسرائيلي الى المدن الفلسطينية الى جانب قتال لا يتوقف.
امامنا، بالتالي، واقع يذكر بمباراة من الالعاب. الفلسطينيون مستعدون للمراهنة على كل شيء، على أن تلين اسرائيل في مطالبها وتمنح ابو مازن الانتصار الكبير – ذات الانتصار الذي لم تنجح حماس، رغم التصريحات الصاخبة للناطقين بلسانها في تحقيقه حتى الان بقوة الارهاب ايضا.
السؤال من ناحية اسرائيل ليس ماذا سيكون التأثير الفوري لاعلان الاستقلال احادي الجانب على الشرق الاوسط، بل هل يعتزم ابو مازن حقا ان يخلق من خلال الاعلان واقعا جديدا يسرق الاوراق ويؤدي الى خلق فوضى جغرافية – سياسية تؤدي الى تغيير في انظمة القوى.
معقول أن يكون ابو مازن يعتقد بان هذا الوضع سيؤدي، رغم أنف اسرائيل، الى اقامة دولة فلسطينية.
يجدر بالذكر أنه جراء تعقيد النزاع الشرق اوسطي بشكل عام والنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني بشكل خاص، وبالاساس بسبب المساعي الفاشلة الاخيرة لبراك اوباما، التعب الجسيم من جانب الساحة الدولية في موضوع نزاعنا بدأ يعطي مؤشراته في اوساط ذوي الشأن.
وعليه، بالنسبة للقوى ذات الاهمية والشأن في المسيرة السياسية – أي: العالم العربي، الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي وروسيا بالطبع – يصبح النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني مضنيا ومثقلا اكثر مما يبدو.
***
من هنا يظهر ان على دولة اسرائيل أن تتعاطى بجدية مع بالون الاختبار الذي اطلقته قيادة فتح ولكن من جهة اخرى عمل كل شيء كي لا يخرج هذا البالون عن السيطرة.
محظور أن يصبح هذا الاعلان خطة عاجلة حقيقية لاقامة الدولة حسب شروط الفلسطينيين، وخلافا للترتيبات الامنية التي ترغب حكومة اسرائيل في تحقيقها.