بقلم: عكيفا الدار
خطة شاؤول موفاز وان كانت تجديدا منعشا ولا سيما بسبب ماضيه، ولكن لن يخرج منها هي ايضا اتفاق سلام. على مدى 21 سنة ويوم منذ اعلان استقلالها في الجزائر لم تخفض قيادة م.ت.ف الثمن: الاعتراف بدولة اسرائيل ونهاية الاعمال العدائية مقابل دولة فلسطينية في حدود 4 حزيران 67 وعاصمتها شرقي القدس. التخفيض الوحيد الذي تلقته اسرائيل منذئذ من ياسر عرفات كان تنازلا عن 2 في المائة من اراضي الضفة الغربية مقابل ارض بديلة وممر آمن بين الضفة وقطاع غزة. هذه هي الصفقة الوحيدة التي حظيت باجماع عربي.
الحسين، ملك الاردن، الذي يعتبر زعيما معتدلا عن نحو خاص، روى بانه بعد حرب الايام الستة رفض اقتراحات اسرائيلية بان يستعيد 98 في المائة من المناطق، باستثناء القدس: في كتاب آفي شلايم "الملك حسين، سيرة حياة سياسية" يقتبسه كمن يقول: "بقدر ما يتعلق الامر بي، فان الحديث يدور إما عن كل سنتمتر من الارض التي في مسؤوليتي او لا شيء". من الصعب ان يجد المرء في أسرة الاستخبارات الاسرائيلية خبيرا يخرج من تحت يده تقديرا بان محمود عباس سيقترح على بنيامين نتنياهو ملمتر واحد أكثر.
وعلى الرغم من ذلك، ولعله بالذات بسبب ذلك، فان رئيس الوزراء يتوق للقاء الزعيم الفلسطيني ويخشى خطر ان يعتزل عباس الى بيته؛ منذ 16 سنة و "المسيرة السلمية" التي لا تؤدي الى أي مكان تغطي على الجرافات التي تعمق مسيرة الاحتلال. ماذا ستفعل حكومة اسرائيل، اذا ما قرر المجلس التشريعي في رام الله غداة استقالة عباس حل نفسه والغاء كيان السلطة؟ ماذا سيحصل اذا ما اغلق في اعقاب ذلك رئيس الوزراء سلام فياض بوابات الوزارات الحكومية وكف عن دفع رواتب الشرطة؟
لقد عرف نتنياهو ما الذي تفوه به حين قال للرئيس براك اوباما انه بحاجة ماسة لابو مازن وفياض. بدونهما لا توجد مفاوضات، وبدون مفاوضات لا توجد دول مانحة، وبدون منح لا توجد رواتب. وبدون رواتب لا توجد سلطة فلسطينية او على لسان حماس "حكومة دايتونية" (على اسم الجنرال الامريكي الذي يقود تدريب وتمويل قوات امن السلطة). اذا كانت لا توجد سلطة – فلن توجد اجهزة أمن. واذا كان لا يوجد أمن فانه يوجد إما صوملة أو اسرلة للضفة.
ماذا ستفعل اسرائيل، اذا اعلن عباس بانه حتى موعد معقول، لنفترض 31 كانون الثاني 2010، انتهى خيار الدولة والنصف – دولة اسرائيل والى جانبها سلطة فلسطينية – مثلما انتهت "روابط القرى" من الثمانينيات؟ السؤال إذن ليس لماذا يحتاج نتنياهو حاجة ماسة لعباس وفياض، بل لماذا يحتاجان هما حاجة ماسة لنتنياهو؟
البروفيسور سري نسيبة، من المعتدلين بين النخبة الفلسطينية، والذي يئس منذ زمن بعيد من حل الدولتين، سبق أن اقترح قبل اكثر من سنة حل السلطة. بل انه ناشد الاتحاد الاوروبي وقف التبرعات للسلطة، بدعوى أن المال يمول ورقة التين للاحتلال الاسرائيلي. واقترح نسيبة على الاوروبيين اشتراط المساعدات باقامة دولة مستقلة للفلسطينيين او توجيهه الى دمجهم في المجتمع الاسرائيلي. "سياسة كهذه قد تهز الاسرائيليين والفلسطينيين من عدم اكتراثهم ومن انعدام التزامهم بالتسوية السلمية"، قال نسيبة لـ "هآرتس" في العام الماضي. موقفه يحظى اليوم بصدى في أرجاء المناطق.
قرار عباس انهاء حياته السياسية يقرب نهاية السلطة في رام الله وساعة الحسم لرئيس الوزراء بالنسبة لتقسيم البلاد. صحيح أن موفاز لم يعطِ نتنياهو الصيغة السياسية السحرية التي تربط بين خطاب بار ايلان وخطاب الاعتزال لعباس. ولكن، بالتفافه على تسيبي لفني من اليسار، أخذ موفاز من نتنياهو الذريعة السياسية. فهو لا يمكنه بعد اليوم أن يختبىء خلف التهديد بان وقف البناء في المستوطنات والتنازلات الاليمة ستسقط حكومته. اذا كان نتنياهو يقصد بجدية حل الدولتين، فهناك تحت تصرفه 32 شريك: النواب من كديما واربعة متمردي العمل سيسرهم ان يحتلوا مكان رافضي الحل الوسط من اوساط كتلة الليكود وشركائها من اليمين.