خبر في تحد للحصار..تحويل حطام البيوت المدمرة إلى مواد أساسية للبناء بغزة

الساعة 06:35 ص|16 نوفمبر 2009

تحويل حطام البيوت المدمرة إلى مواد أساسية للبناء بغزة

فلسطين اليوم- وكالات

مع اشتداد وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ثلاث سنوات، وتدمير المئات من منازل المواطنين جراء الحرب الأخيرة على القطاع، وعدم توفر المواد اللازمة لإعادة الإعمار، لجأ العدد من المواطنين إلى استخدام حطام البيوت المدمرة وتحويلها إلى مواد أساسية للبناء من خلال إعادة تصنيعها لبدء مرحلة الإعمار.

 

فأكوام هائلة من حطام البيوت المدمرة هي التي يتم تجميعها يومياً أمام كسارة المواطن أبو محمود الشوبكي التي تتوسط معملاً لأحجار البناء "البلوك" في منطقة -المقبرة الشرقية- شمال شرق مدينة غزة، حيث يتم تفتيتها للحصول على الحصمة" واستخدامها في صناعة أحجار البناء، في تحدٍ للحصار الإسرائيلي .

ويقول المواطن الشوبكي في الأرعينيات من العمر: "إنه اضطر لصناعة الكسارة بعد إصابة عمله بالشلل التام نتيجة الحصار الإسرائيلي، ومنع قوات الاحتلال الإسرائيلي إدخال مواد الخام اللازمة لصناعة الحجارة، وذلك في محاولة لتحدي الحصار واستغلال بقايا البيوت المدمرة".

ويضيف أبو محمود الذي يعمل في صناعة الحجارة هو وخمس عشرة عاملاً آخرين من أفراد عائلته: "أرفض فكرة استخدام الكسارة لأن أحجار البلوك تكون أقل جودة، لكن بعد مرور ثلاث سنوات من الحصار تأثرت مادياً، ولم يعد أمامي إلا استخدام هذه الكسارة لتوفير المواد الخام للعمل وتوفير قوت أبنائي".

وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول مواد البناء إلى قطاع غزة منذ أكثر من ثلاث أعوام، مما أدى إلى توقف قطاع الصناعة والتجارة في غزة، وتفاقم معاناة المواطنين، خاصة بعد الحرب الأخيرة التي خلفت دماراً واسعاً في البنية التحتية.

ويومياً ومنذ ساعات الصباح الباكر "عربات الكارو" تقوم بجلب كميات كبيرة من ركام البيوت المدمرة من أنحاء متفرقة من شمال القطاع إلى حيث تتواجد كسارة أبو محمود في منطقة المقبرة الشرقية، ويتم تفتيتها إلى قطع صغيرة تحت أسنانها الصلبة.

ويشتري أبو محمود يومياً العديد من عربات الركام، حيث يبلغ سعر العربة بوزن 250 كيلو "20 شيكلاً"، ويعمل على تكسيرها، حيث تبلغ تكلفة توفير وتكسير طن من الركام "110 شواكل"، حيث يبلغ ثمن كسارة الحجار13 ألف سيكل" يقول أبو محمود.

ويبلغ ثمن طن الأسمنت القادم عبر الأنفاق مع مصر "3000 شيكل" ما يمنع "أبو محمود" من العودة لصناعة الحجارة بشكل اعتيادي كسابق عهده، حيث يعمل يومين في الأسبوع يصنع خلالهما  2000 حجر "بلوك".

وليس ببعيد عن كسارة أبو محمود الشوبكي، وتحديداً في حي السلام بمنطقة القرم شمال القطاع والتي كانت شاهداً على بشاعة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث يتواجد المواطن "أبو خليل خضير" الذي يعمل في استخراج الحجار والبلاط وما يصلح لاستخدامه للبناء من أسفل حطام البيوت المدمرة.

ويتسلل أبو خليل وأولاده وبخفة أسفل حطام البيوت المدمرة متحدياً الخطر الذي قد يواجهه بحثاً عن مبتغاه، فيجمع ما يصلح من الحجارة والبلاط والحديد لإعادة استخدامها في البناء.

وصول أبو خليل إلى مبتغاه ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض، فهو يزحف بين ركام المنازل المدمرة وفي أماكن ضيقة من أجل الوصول إلى ما يريد.

ويقول أبو خليل الذي يعيل أسرة مكون من 8 أفراد،"إنني اضطرت لهذا العمل بعد أن تقطعت بي السبل حيث هدم بيتي وفقدت مصدر رزقي، وباتت الأسرة تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة "

ودمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل أبو خليل المكون من ثلاثة طوابق في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

ولا يأبه أبو خليل للمخاطر التي قد تهدد حياته أثناء قيامه بعمله، قائلاً: "ماذا نفعل غير هذا العمل، نريد أن نعيش، لا تتوفر لدي النقود الكافية لشراء الحجارة والبلاط ومواد البناء لبناء بيتي الذي دمره الاحتلال"، مضيفاً: "إنني بت لا أستطيع توفير متطلبات أسرتي".

ويضيف أبو خليل: "سعر متر البلاط "70 شيكلاً"، والكرميكا "100 شكيل"، وطن الحديد "4" آلاف شيكل" وأوضاعي المادية لا تسمح لي بشراء هذه المواد، مشيراً إلى أنه كان يمتلك سوبر ماركت ومزرعة يقتات منها تم تدميرها بفعل آلة الحرب الإسرائيلية".

ينقب عن قضبان الحديد

أما المواطن أيمن عبد ربه (34 عاما) الذي كان ينقب عن قضبان الحديد فوق ركام منزل مدمر في منطقة جباليا شمال قطاع غزة، وأشار والعرق يتصبب من جبينه إلى إنه اضطر لهذا العمل الشاق بعد أن تقطعت به فرص الحصول على عمل، خاصة بعد تشديد الحصار المفروض على القطاع .

وأكد الشاب عبد ربه لـ"فلسطين"، أنه رغم تورم يديه جراء الجروح من شدة ضرب الخرسانة، فإنه لم يفقد عزيمته في الاستمرار في هذا العمل لأنه أصبح مصدر رزقه الوحيد، مشيرا إلى أنه يجد ذلك أرحم بنفسه من البحث عن المخلفات الصلبة وسط أكوام القمامة.

 مدير شركة أبناء الحاج محمود جحجوح التي تعمل في إزالة ركام البيوت المدمرة ومن ثم محاولة الاستفادة منها، المهندس ماهر جحجوح بين أن شركته تقوم برفع الركام الناتج عن الحرب الإسرائيلية على غزة وتحاول الاستفادة منه بسبب عدم توفر المواد الخام .

وأوضح جحجوح في حديث لـ"فلسطين" أن شركته ومن خلال استخدام "الكبشات والبواقر والشوكيش الضخمة" تعمل على تكسير حطام المنازل، ومن ثم نقلها إلي الأراضي الفارغة، حيث يقوم العمال بتفتيتها بالمطارق إلى قطع متوسطة الحجم "50سم"، مضيفاً: "نأخذ الحطام بعد ذلك إلى الكسار حيث يتم تفتيته إلى قطع صغيرة جداً "لا تتجاوز 5سم".

وأشار جحجوح إلى أنه يتم استغلال الركام كأرضيه في الطرقات التي يتم إنشاؤها حديثاً بدل طبقة "الاسكرس"، ويتم إنشاء الطرق الزراعية، بدل مادة "الكركار" التي لا يتوفر بفعل الحصار، ويوفر "6 مليون دولار" سعر مادة الكركار، مبيناً أن إزالة الركام هي بمثابة تجهيز لإعادة اعمار القطاع.

ونوه جحجوح إلى أن عمل الشركة يعترضه العديد من الخطر نتيجة وجود الألغام والمتفجرات التي لم تنفجر وعمد الاحتلال إلى تركها بين ركام المنازل.