بقلم: يوسي سريد
الان بالذات محظور على محمود عباس أن ييأس، وليس بالذات بسبب هراءات شمعون بيرس في المهرجان في الميدان عن الناس الذين أخذوا باليأس في رام الله؛ فيما انه في مقر رؤساء اسرائيل، كل يوم هو كرنفال وليس فقط عند حزم الحقائب قبيل السفر الى البرازيل.
عباس قرر على نحو سليم حين أعلن عن اعتزال قريب: فلا يمكن ادارة مفاوضات "بدون شروط مسبقة" حين تتواصل هذه المفاوضات الى ما لا نهاية. 42 سنة واسرائيل تنثر على الارض مئات شروطها – مسبقة وناجزة – وتشير اليها بالاسطح الكرميدية الحمراء، وتجعل المسيرة السلمية مسيرة فقط دون أن تنتهي ابدا.
ولكن قبل الاعتزال أمامه مهمة واحدة اخرى، وكفى. فهو ملزم بان يعلن من طرف واحد عن اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ فلسطين الان. الحق في احادية الجانب محفوظ للجانبين. وهو ملزم بذلك لشعبه، لنفسه، لنا. في الايام الاخيرة نشر بان هذه الامكانية تخيف بنيامين نتنياهو، وهو يتوقع فيتو امريكي. اذا كان هذا كابوسه، فانه الامل الاخير لنا في انهاء الاحتلال في عصرنا.
في اعلان الاستقلال سيدعو الرئيس عباس ابناء الشعب اليهودي، سكان الدولة الفلسطينية – الى الحفاظ على السلم، وان يساهموا في بناء الدولة على اساس المواطنة الكاملة والمتساوية، وعلى أساس التمثيل المناسب في كل مؤسساتها. بن غوريون لم يغضب من هذا التشبيه.
وهكذا يصبح عباس بن غوريون الفلسطيني. بن غوريون هو الاخر أعلن هو الاخر عن اقامة الدولة اليهودية في ظروف من الغموض، في ملابسات من انعدام اليقين. ولكن الاب المؤسس أخذ جانب المخاطرة: طوبى لنا. المخاطرة التي سيأخذها عباس أصغر بكثير. من اصل 192 دولة اعضاء في الامم المتحدة، اكثر من 150 ستعترف فورا بفلسطين الحرة، وستستقبل في المنظمة في اقرب وقت ممكن. صحيح أن الموقف الامريكي هو لغز، ولكن من الصعب التصديق بان براك اوباما سيوافق على العودة لعزل امريكا تماما وهي التي تعود الان الى العالم. ماذا سيفعل عندها نتنياهو. هل سيهاجم ليحتل المناطق من جديد؟ هل سيعيد الحكم العسكري الى المقاطعة؟ وماذا سيفعل ايهود باراك، أي أمر بالضبط سيصدره لجيوشه؟ الصرب لم تتجرأ على اجتياح كوسوفو التي أعلنت مؤخرا عن استقلالها. وحتى روسيا الكبرى لم تسمح لنفسها بالبقاء في النطاق السياسي لجورجيا بعد الحرب بينهما.
فور الاعلان، ستبدأ احتفالات الاستقلال في العاصمة، في القدس الشرقية بمشاركة مواطنين من كل العالم وكذا من اسرائيل. وجموع بيت اسماعيل سيمرون في احياء المدينة ولا سيما في تلك الاحياء التي سلبوا منها بقوة حراب الكهنة. وهذا ينبغي له أن يكون فرحا دون أي مظهر عنف، دون رشق حتى ولا حجر واحد.
هذا الاسبوع هاتفت ابو مازن، الذي لم اتحدث معه منذ اربع سنوات على الاقل. قلت له كل ما اكتبه هنا الان، ورده محفوظ عندي.
قلت له شيئا آخر: ما حصل لسور برلين قبل 20 سنة والمكافحة ضد الابرتهايد بعد عدة اشهر، هذا ما سيحصل للاحتلال ايضا. فهو سينهار حتى لو عززوه بالمسامير.