خبر فلسطينيون يلجأون الى المحكمة العليا لاستعادة جثث ابنائهم من « مقابر الارقام »

الساعة 10:43 ص|12 نوفمبر 2009

 

فلسطين اليوم-وكالات

بعد مرور 33 عاما على استشهاد ابنه في عملية عسكرية ضد الاسرائيليين، لم يجد العجوز الفلسطيني طلب صالح (84 عاما) وسيلة اخرى للتأكد فعلا من استشهاده ومن انه ربما مدفون في "مقبرة الارقام" في اسرائيل، سوى اللجوء الى المحكمة العليا في اسرائيل.

 

وتروي امينة الصالح (75 عاما) لوكالة فرانس برس في قرية عارورة في الضفة الغربية شرق رام الله امام صورة لابنها مشهور وسط خارطة مطرزة لفلسطين "علمنا من وسائل الاعلام ان ابني استشهدعندما كان في العشرين من العمر في معركة الجفتلك مع الاسرائيليين في قضاء اريحا في الثامن عشر من ايار(مايو) 1976 مع اثنين اخرين".

 

من جهته قال طلب صالح (84 عاما) والد مشهور "طالبت بجثمان ابني من الحاكم العسكري عبر الصليب الاحمر، واستخدمت كل الطرق القانونية الممكنة من دون ان احصل على اي جواب، لذلك قررت اخيرا اللجوء الى المحكمة العليا في اسرائيل".

 

ورغم عدم حصولها على جثمان ابنها، قررت عائلة صالح وضع شاهد تحت شجرة امام البيت حفر عليه "الشهيد الملازم مشهور طلب صالح -الجبهة الديموقراطية" اضافة الى اسم رفيقيه اللذين قتلا معه في العملية نفسها.

 

واضاف الاب "لقد خرج ابني من الضفة الغربية بتصريح لمتابعة تحصيله الجامعي بعدما انهى دراسته الثانوية، وعلمت بعدها انه انتقل من سورية الى الاردن مع مجموعة عسكرية فلسطينية اجتازت نهر الاردن واشتبكت مع الاسرائيليين ما ادى الى استشهاد ابني بالزي العسكري مع رفيقيه".

 

وتابع الوالد "حاولت الاستخبارات الاسرائيلية انتزاع معلومات مني عن ابني بعد استشهاده، كما عرضوا علي التعامل معهم، وامام رفضي عمدوا الى اعتماد سياسة المضايقة بحق اولادي على مدى سنين طويلة".

 

واضاف الوالد بصوت اجش "كل ما نطلبه هو التمكن من زيارة قبر ابننا وقراءة الفاتحة عليه بعد دفنه عندنا، لم يعد من العمر ما قد ما مضى".

 

من جهته، قال المحامي هيثم الخطيب من مركز "القدس للمساعدة القانونية" "لقد تقدمنا بالتماس لدى المحكمة العليا في اسرائيل منذ نحو اسبوعين، وهي اول مرة نتقدم فيها بطلب من هذا النوع باسم عائلة طلب الصالح لتمكينها من الوصول الى قبر ابنها للتأكد من انه توفي بالفعل عبر استخدام الحمض الريبي النووي "دي ان ايه" وبعدها نقل الجثمان الى مدفن العائلة".

 

وتابع "لقد راسلنا وزارة الدفاع الاسرائيلية والمستشار القضائي، وعندما لم يصلنا اي رد توجهنا الى المحكمة العليا". واضاف "كل الطلبات التي قدمها الفلسطينيون مطالبين برفات ابنائهم رفضت لان اسرائيل تعتبر ان الامر مرتبط بالحلول السياسية ضمن اتفاقيات". واعتبر انه "من حق العائلة ان تزور قبر ابنها وان تدفنه عندها، خصوصا ان الاب طاعن في السن في حالتنا هذه".

 

ومنذ العام الماضي اطلقت حملة لاعادة رفات الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في مواجهات مع اسرائيليين وابقت اسرائيل جثامينهم عندها في مقابر يطلق عليها الفلسطينيون اسم "مقابر الارقام". وتم اطلاق موقع اليكتروني يحمل اسم "مقابر الارقام".

 

وقال مدير "مركز القدس للمساعدة القانونية" عصام العاروري لوكالة فرانس برس "حتى الان لدينا 293 حالة مفقود".

 

واوضح ان "جزءا منهم مرتبط بحرب العام 1967 ومنهم من قاموا بعمليات عسكرية ومنهم من فقد في الطريق، والجزء الاكبر منهم هم الذين قاموا بعمليات تفجيرية ما بين العامين 2001 و2005". واضاف العاروي ان "مقبرة الارقام تضم خصوصا جثامين فلسطينيين قدموا من الخارج وقاموا بعمليات عسكرية ولا يعرف احد اسماءهم، واسرائيل تتعامل معهم كارقام".

 

وتابع "في حملتنا طلبنا عبر الانترنت وفي اعلانات من اي شخص له قريب او صديق فقد في عملية عسكرية سواء عن طريق الحدود الاردنية او اللبنانية، الاتصال بنا او عن طريق سفارة فلسطين في لبنان الا انه لم يصلنا اي جواب حتى الان".

 

واضاف العاروي "الشهداء يجب ان يكرموا بعد وفاتهم وهذا حقهم"، مذكرا بالمادة 17 من اتفاقية جنيف التي تلزم اطراف النزاع "ضمان دفن او حفظ الجثث، بصورة فردية بقدر ما تسمح به الظروف"، والتي تنص ايضا على انه "يجب التأكد لاحقا من تكريم الموتى بحسب تقاليدهم الدينية ما امكن، وان تحترم قبورهم وان تصنف بحسب القوميات التي ينتمون اليها وان يتم حفظها بصورة ملائمة".

 

وكانت اسرائيل سلمت جثامين ورفات نحو 199 مقاتلا لبنانيا وفلسطينيا ومن جنسيات عربية اخرى في صفقة التبادل التي اجرتها مع حزب الله العام الماضي، تم اخراجهم من مقابر الارقام، وكان من بينهم رفات فلسطينيين قدموا من الخارج ونفذوا عمليات عسكرية ضد اهداف اسرائيلية.

 

الا ان مقابر الارقام لا تزال تضم مئات الجثامين، وفق الفلسطينيين الذين ينتظرون السماح لهم بالتعرف الى هوياتهم ودفنهم عند ذويهم.