خبر شتاء اخر في غزة .. يديعوت

الساعة 02:39 م|11 نوفمبر 2009

بقلم: جيمي كارتر

صادقت الجمعية العمومية للامم المتحدة على التقرير الذي قدمه القاضي ريتشارد غولدستون ولجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة، والذي ينتقد بشدة اسرائيل والفلسطينيين على حد سواء على انتهاك حقوق الانسان في اثناء الحرب الاخيرة في غزة. ودعت الجمعية العمومية اسرائيل والفلسطينيين الى التحقيق في الاتهامات بشأن جرائم الحرب المفصلة في التقرير.

صواريخ من انتاج بيتي اطلقت من غزة نحو البلدات اليهودية المجاورة، واسرائيل في كانون الثاني 2009 زرعت ردا على ذلك الدمار والخراب من خلال القذائف، الصواريخ واجتياح القوات البرية. الطرفان، بزعم القاضي غولدستون مذنبان بـ "جرائم ضد الانسانية". وكما هو متوقع، رفض الطرفان التقرير بدعوى انه متحيز وغير دقيق.

يجدر بالذكر ان القاضي غولدستون، من مواليد جنوب افريقيا، هو احد القضاة الاكثر احتراما في العالم، ذو سمعة لا شائبة فيها، حكمة، نزاهة واستقامة. وهو يهودي مؤمن ومعروف كمقاتل شديد من اجل حق اسرائيل في الوجود بسلام وآمان.

في نيسان 2008 زرت شخصيا سديروت وعسقلان، المدينتين الاسرائيليتين اللتين تقعان في مدى الصواريخ المطلقة من غزة. وعندما كنت هناك نددت بالهجمات النارية عديمة التمييز على السكان المدنيين واعتبرتها اعمال ارهابية، وانا اقف تماما خلف تنديد القاضي غولدستون.

بعد سنة من ذلك، بعد الهجوم الاسرائيلي على غزة، كان من نصيبي ان اتفحص الضرر الذي لحق بالمنطقة الصغيرة، المأهولة باكتظاظ والمحوطة بسور لا يمكن اختراقه، مع بوابات تحت حراسة مشددة. ولمعرفتي بقدرة قوات الجيش الاسرائيلي، التي تستخدم في احيان متواترة سلاحا من انتاج امريكي، للهجوم على اهداف بدقة قصوى، كان من الصعب جدا ان افهم او اشرح تدمير مستشفيات، مدارس، سجون، منشآت الامم المتحدة، مصانع صغيرة وكراجات، مصانع لمعالجة المنتجات الزراعية ونحو 40 الف منزل. لجنة غولدستون فحصت عن كثب ملابسات موت 1387 فلسطينيا ومدى الضرر الذي لحق بالمناطق المختلفة. وكان الاستنتاج هو ان مناطق السكن المدنية شكلت هدفا للهجمات والدمار كان مقصودا.

الانتقاد على اسرائيل في تقرير غولدستون تبين مبررا. القاضي غولدستون دعا الولايات المتحدة، اسرائيل ومحافل اخرى، ممن تختلف في مدى دقة التقرير، الى ادارة تحقيق ذاتي من جهتها. زعماء حماس اعلنوا بأن تحقيقهم ينطلق على الدرب، ولكن اسرائيل رفضت طلبه.

اذا تركنا للحظة الخلافات، من المهم جدا فحص الظروف الحالية والحاجة الى منع مزيد من المعاناة. صليات الصواريخ من غزة هي اليوم مكبوحة الجماح جدا، ربما بسبب اليقين بأنه سيأتي رد فعل اسرائيلي، ولكن معاناة 1.5 مليون من سكان غزة الفلسطينيين متواصلة. في اثناء الاشهر العشرة التي مرت، لم تسمح اسرائيل بنقل الاسمنت، الخشب، الزجاج، او أي مادة بناء اخرى الى داخل قطاع غزة. نحو مائة الف معوز للمأوى بائسون اجتازوا الشتاء الماضي في الخيام، تحت غطاءات بلاستيكية، او منحشرين في الكهوف التي حفرت داخل حطام ما كانت في الماضي بيوتهم. حالة الطقس كانت اكثر حرارة حين زرت المكان قبل عدة اشهر، ولكن وصف المعاناة التي مر بها السكان في اشهر الشتاء البارد كانت تمزق نيات القلب.

الان يقترب شتاء اخر، والاسرائيليون، وكذا الاسرة الدولية، لم يتخذوا أي خطوة للتخفيف من معاناة سكان غزة. وكالات الامم المتحدة ومسؤولو الاسرة الاوروبية عرضوا توفير قناة لتوجيه المقدرات ومواد البناء مباشرة الى المحتاجين، في ظل تجاوز الزعماء السياسيين لحماس. موظفون رسميون، سواء في غزة ام في دمشق تعهدوا امامي بأن يقبلوا الاتفاق، الذي يلغي كل امكانية استغلال غير مناسب لاموال المساعدات لشراء السلاح، للتحصينات العسكرية او لاهداف اخرى ليست انسانية.

مؤخرا ابلغني الملك عبدالله من العربية السعودية بانه تعهد بنقل مليار دولار، وزعماء عرب اخرون اضافوا 300 مليون دولار اخرى لهذا الغرض. لا ريب انه ستأتي دول اخرى تبدي سخاء وكرما. دون توجيه اصبع اتهام لاي من الاطراف في النزاع، من الواجب على الامم المتحدة وعلى الاسرة الدولية ان تتخذ خطوات تضمن بداية اعمار غزة دون ابطاء. صرخة معوزي المأوى المتجمدين من البرد تحتاج الى النجدة.