بقلم: افيعاد كلاينبرغ
يبدو ان السؤال الذي اقلق الصحفيين في اسرائيل قبيل زيارة نتنياهو للولايات المتحدة كان اللقاء بينه وبين براك اوباما. لا مضمونه لا قدر الله، بل مجرد وجوده، كبرهان آخر على ان الامريكيين ما زالوا يحبوننا. قد لا يكون ذلك بحماسة حقا، لكنهم يحبوننا. امتعجل أم طويل؟ أعلى قيام ام جلوس؟ كل ذلك سوغ نقاشات لاهوتية – فلسفية. هل أخر اوباما قراره كي يجعل نتنياهو يسح عرقا (وهذه مهمة غير صعبة على نحو خاص) او كي يذله حقا؟ كان من استعملوا التعبير الشديد "مقلبا" رئاسيا. الى هذا الحد.
من الجهة الاخرى كان من زعموا ان نتنياهو خاصة هو الذي ظهر رجلا من الاجراء المحكم. فرئيس الحكومة سافر الى الولايات المتحدة من اجل اهتماماته واسقط على الجالس في البيت الابيض برنامج عمله. يستطيع ان يبرز اوباما كما قالوا عضلاته الى الغد. ففي آخر الامر سيرغمه القوة الاخلاقية لشعب اسرائيل وعدالة نهجنا، وطهارة سلاحنا والصوت اليهودي. وقد تنبأوا بأن الرئيس لن يقبل رئيس الحكومة للمحادثة فقط بل سيصافحه ايضا. وقبيل ختام اللقاء من المحتمل جدا افتراض ان يمنح الرئيس نتنياهو بسمة مشرقة الاسنان، وتربيتتين على الكتف اليمنى وورقة نشف لمسح الجبين.
هذا مثير جدا. اي غير مثير حقا. ان سؤال هل يوجد عند الاثنين ما يتحدثان فيه يثار في الهامش فقط (والجواب لا). فلماذا بالضبط يريد نتنياهو لقاء اوباما؟ ألكي يحاضر الرئيس في الحرب العالمية للارهاب؟ ألكي يبادله صور الاولاد؟ ألكي يهنأه على الكليشيهات الحسنة التي بعث بها الى من أتوا المسيرة في ميدان رابين؟ جميع الايجابات صحيحة.
اصبحت السياسة الاسرائيلية تحت نتنياهو سلسلة من تفضلات فارغة تبدو حسنة في التصوير. نتنياهو يسافر الى الامم المتحدة ويعرض خطط معسكر تركيز اوشفيتس. وهو يطلب الى سكان اسرائيل ان يعطسوا في اكمامهم وان يمسحوا أنوفهم بمنديل أبيض. وقف متعرقا في بار ايلان يقول الكلمات السحرية: "اثنتين"، و "دولتين" و "شعبين". وقد بين لكل من اراد الاستماع ان دولة اسرائيل لا تحب (مفاجأة!) تقرير غولدستون. يحظى كل ذلك باستعراض صحفي واسع لانه لا يوجد ببساطة اي شيء آخر.
ما هو معنى جميع هذه الاجراءات الظاهرية؟ ليس واضحا. تواجه دولة اسرائيل تغييرات حاسمة في نظام القوى العالمي. وهي تواجه تهديدات، داخلية وخارجية، تحتاج الى خيال، وجرأة، وتخطيط ومبادرة في الاساس، في حين ان كلما يوجد في خزانتها عزم. من المحقق ان العزم ذخر استراتيجي. لا يجب اقتراح امور جديدة، ولا يجب المخاطرة، ولا يجب في الاساس وجود حكومة: فلا توجد في لبنان جارتنا حكومة وبرغم ذلك يتم العمل على نحو ما.
"يميل كل جسم الى البقاء على سرعته"، كما قال نيوتن "ما ظل مجموع القوى المؤثرة فيه صفرا". نسي نيوتن انه سهل على ساسة مثل نتنياهو اعتقاد ان مجموع القوى التي تؤثر فيهم صفر دائم. فهم يعلمون اقناع أنفسهم بأنهم يتحركون قدما، حتى عندما يملأ الجو صراخ الكوابح ورائحة ساطعة لمطاط محروق.
وهم يعلمون كيف يزعمون ان عدم الفعل هو فعل وان الشلل حركة. ولما كانت لا توجد حاجة ولا داع الى تحريك العجلة قدما (في رأس رئيس الحكومة تتقدم بسهولة نحو الافق)، فانه يمكن تجاهل حقيقة ان عجلتنا غارقة أعمق فاعمق في الوحل وان تحصر العناية في الصور: التقاط الصور على خلفية الغروب مع سارة ومع براك اوباما.
اذن أتصافحا ام امتنعا؟ من انتظر من؟ أتعرق ام لم يتعرق؟ أكانت مشاهد أم لم توجد؟ ماذا يهم فيما تحدثوا، ليس هذا هو الاساس. فالاساس هو الغث.