بقلم: عوزي برعام
يبدو تعبير "حركة العمل" قديما، لكن له معنى تاريخيا وصهيونيا واجتماعيا؛ معنى لا يمكن محوه ايضا في ايام واقع شديد على الحركة.
ليست حركة العمل اليوم نفس الحركة النخبوية التي حاربت من اجل حقوق العمال في مواجهة البرجوازية الطاغية. لا يعني ذلك انه لا يوجد في ايامنا برجوازية متعجرفة منكلة، ولا يعني انه لا يوجد عمال يئنون تحت العبء، لكن حركة العمل، بهذه المثابة، فقدت صبغتها وتميزها على السنين الكثيرة منذ أسست. بالنسبة الي، المعرف لحركة العمل اليوم هو الاعتدال والواقعية السياسية، وتأييد سلطان القانون غير المسيس وصياغة اقتصاد حر الى جانب مشاركة الدولة في تضييق الفروق الاجتماعية.
اليوم الاهتمام السياسي هو المعرف الرئيس للخلافات في السياسة الاسرائيلية. فاليمين يعمل تحت راية الوضع الراهن ويؤكد في الاساس المسيرة السياسية لا جوهرها. والمركز المعتدل، ومعه اليسار الصهيوني، يشعر بأن نهجه ونظريته فقط تستطيعان تخليص دولة اسرائيل من وضعها الصعب. اين توجد حركة العمل ها هنا؟ بعد كل شيء، يوجد حزب مركز براغماتي مثل كديما. لكن كديما ليس الوريث الطبيعي لحركة العمل. اجل انه حزب مهم لكنه بغير جذور حقيقية. وليست مواقفه مشتقة من صياغة فكرة مركزية توحد جميع اجزائه.
يتطرق اليوم تعبير "حركة العمل" الى حزب العمل ايضا والى ميرتس والى كثير من الافاضل يؤون اليوم الى خيمة كديما. صحيح، يوجد ميل الى السخرية من قيم اليسار الصهيوني واخلاصه لرؤيا اسرائيل كدولة يهودية، لكن اسرائيل لم تحتج قط الى مواقف حركة العمل كما هي محتاجة اليها اليوم. لا يمكن ان نتجاهل التناقض بين ميل الجمهور في اسرائيل والحكومة وبين الواقع الدولي – وهو واقع قد يفرض علينا قرارات تاريخية في الامد القصير. لهذا فان المسؤولية عن اقناع الجمهور بأن قيم حركة العمل هي الصحيحة لاسرائيل في ايامنا ملقاة على من يؤمنون بأن نهجهم صحيح، وان نهجهم فقط سيخلص دولة اسرائيل من عزلتها.
عرفنا ايام عوز، وعرفنا ايام حصار سياسي وأمني، لكننا لم نعرف فترة سدت فيها جميع الخيارات امامنا. ليس الصراع اليوم على الحدود بل على ان العالم يحاصرنا من جميع الاتجاهات. يستطيع اليمين ان يرتل نظريته، لكن الاحتلال والمستوطنات لا يستطيعان الاستمرار على الوجود بغير اضرار باسرائيل.
كذلك الصراع على سلطان القانون وفي مواجهة تسييس جهات تطبيق القانون صراع على روح الدولة. انا اعرف وأجل يعقوب نئمان، وزير العدل، لكن يبدو ان ساسة يقودونه اكثر مما يقوده مزوز ولادور معا.
حركة العمل – كمفهوم وكحزب جوهري – مطلوبة للدولة. كذلك يريد أناس اليمين المعتدل ان يعود التوازن السياسي. لن تستطيع اسرائيل على حسب حلم تسيبي حوتوبلي واسرائيل الداد، الوجود، فقط اذا عرضت اسرائيل مبادرة سياسية حقيقية ولم تصر على مسيرة لا معنى لها، ستجد مكانها الصحيح في عائلة الشعوب. بهذه الطريقة فقط ستمنح اسرائيل مواطنيها ما يرغبون به اكثر من كل شيء – السلام والامن.