بقلم: زهافا غلئون
اعتقال المخرب اليهودي جاك تايتل ادى الى رسم صورة الارهابي اليهودي الجديد، وهذا منفذ منفرد للعمليات يعمل لوحده، يسكن في مستوطنة، يميني متطرف ينتمي الى هوامش المستوطنين، دون صلة بالمؤسسة الرسمية للمستوطنين. ذئب منعزل، ربما "عشبة ضارة".
المشكلة في هذه الصورة تكمن في أنها تحاول التنكر لحقيقة اساسية – لهذا المخرب محيط داعم وبيت تنشئة سامة. لا يدور الحديث عن جمهور المستوطنين بل عن مهده الكهاني، ذاك الذي بدايته في الولايات المتحدة وتواصله في مستوطنة تفوح في المناطق.
مع أن حركة كاخ اخرجت عن القانون من قبل اسحق رابين في اعقاب مذبحة باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيم، ولكن لا ريب أن الكهانية حيةن ترفس وتواصل انشاء ارهابيين يقتلون فلسطينيين ويمسون بيهود. غير أنه بعد بضع سنوات من الجمود البرلماني، عادت الكهانية الى ارسال ممثليها الى كنيست اسرائيل. سبق أن كان، ويوجد، نواب عنصريون ومؤيدون للترحيل، ولكن انتخاب ميخائيل بن آري، تلميذ ومعجب معلن بكهانا، ممثلا للحاخام في الكنيست وذلك حين يعمل الى جانب مساعده البرلماني، الاستفزازي ايتمار بن غبير – يعيد الى الكنيست الروح الشريرة للحاخام كهانا. هكذا في واقع الامر عادت العنصرية المؤطرة الى الكنيست، على رؤوس الاشهاد.
النائب بن آري الذي يعلق في غرفته بفخار صورة مئير كهانا، يعمل على تخليده بشكل نشط. ومؤخرا توجه الى رؤساء سلطات محلية بطلب لتسمية شوارع على اسم كهانا. والان يطلب من الكنيست ان تجري احتفالا بذكراه. هذه ليست امور عادية، بل محاولة لاعطاء شرعية للرجل وعقيدته المنبوذة.
ردا على ذلك قال رئيس الكنيست روبي ريفلين انه اذا لم يكن الطلب استفزازيا مقصودا، بل مجرد رغبة في عقد احتفال ذكرى لنائب سابق، فانه سينظر في هذه الامكانية. المجلس التشريعي، قال ريفلين، مفتوح امام كل رأي مشروع.
حسنا فعل ريفلين في أنه قرر في نهاية المطاف رفض الطلب – الامر الذي ينسجم مع حقيقة ان الكنيست والمحكمة العليا في اسرائيل على حد سواء قررتا قبل نصف يوبيل من السنين بان الكهانية والعقيدة الكهانية ليستا مثابة رأي مشروع. هذا بصراحة ليس رأي آخر يمكنه أن يشارك في اللعبة السياسية الديمقراطية في اسرائيل. هكذا قررت المحكمة.
كما ان الكنيست سبق أن قالت قولتها في هذا الشأن، بقولها ان من يتماثل مع حركة هدفها تحويل دولة اسرائيل الى دولة شريعة وطرد مواطنيها العرب او حرمانهم من حقوقهم المدنية، ملزم بان يجد نفسه خارج المعسكر على افتراض أن الديمقراطية الاسرائيلية تحب الحياة.
الحاخام الرئيس لاسرائيل، الحاخام يونا متسغار قال قبل بضعة ايام انه يعجب لشخص متدين قادر على أن ينسى وصية "لا تقتل". ولكن الكثيرين منهم نسوا بالفعل. اذا كانت هناك حاجة لتذكير الحاخام متسغار فها هي: منذ التنظيم السري اليهودي للسبعينيات والثمانينيات، عبر باروخ غولدشتاين ويغئال عمير، والان مع اكتشاف يعقوب (جاك) تايتل يتبين أن الكثير من المحافظين على الفرائض تجاهلوا هذه الوصية. ليس لان هكذا تأمرهم التوراة بل لان الحاخام كهانا وغيره من الحاخامين المتزمتين اوعظوهم بان هذه القاعدة الاساس، "لا تقتل"، لا تنطبق على من لا يعتبر مثلهم.
وعليه ينبغي القول بصراحة: لا، عقيدة كهانا لا تشكل رأي مشروعا في دولة ديمقراطية، وبالتأكيد لا مكان لها في كنيست اسرائيل.