الخيارات الفلسطينية : بقاء الحال كما هو او حل السلطة ..او انتفاضة جديدة
فلسطين اليوم- الشرق الأوسط
قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عدم رغبته بعدم الترشح للرئاسة للمرة الثانية في الانتخابات المقررة في 24 يناير (كانون الثاني) المقبل، يضع الشعب الفلسطيني أمام عدد محدود من السيناريوهات والخيارات لكن جميعها غير سهلة، حسب ما قاله عدد من المسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، طرحت عليهم «الشرق الأوسط» سؤالا حول الخيارات بعد قرار أبو مازن.
وجاء إعلان عباس في خطاب موجه للشعب الفلسطيني، سببه إحساسه بالإحباط الكبير من المواقف الدولية لا سيما الأميركية، قدم فيه سردا مقتضبا لتطورات عملية السلام والعقبات الإسرائيلية، وقال «إنني أبغت إخواني في اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح، بعدم ترشحي لفترة رئاسية ثانية». وأضاف «أن هذا ليس من باب المساومة أو المناورة أو المزايدة». وتابع القول «ومع أنني أقدر رغبة إخواني في اللجنتين، فإنني آمل أن يتفهموا رغبتي بعدم الترشح».
وجددت اللجنة المركزية لفتح في بيان لها تمسكها بأبو مازن الذي يظل مرشحها الوحيد للرئاسة. وقالت الحركة «إن الأخ الرئيس أبو مازن هو القادر الوحيد على العبور بشعبنا في هذه المرحلة بثوابتنا الوطنية لاستكمال مشروعنا الوطني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس». وقالت «تلتف من حوله بقوة خاصة في هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها القضية الفلسطينية».
وعقدت الفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير اجتماعا طارئا في مقر حزب الشعب، تدارست فيه الخطاب وتداعياته، وتبنت موقف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وأعرب مسؤول طلب عدم ذكر اسمه، عن قناعة بأنه لن يحصل أي تغيير في الوضع الحالي، وأن الأمور كما يقول، ستظل على ما هي عليه، لأن الانتخابات لن تجري أصلا رغم المرسوم الرئاسي الذي أصدره أبو مازن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأضاف المسؤول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «إذن.. الحديث عن خيارات وبدائل غير قائم على الأقل في المرحلة الحالية». لكن هذا المسؤول واثق من أن أبو مازن «قطع الطريق أمام أي محاولات أميركية للضغط عليه عبر قادة عرب للعودة إلى طاولة المفاوضات من دون أن تنفذ إسرائيل التزاماتها بموجب خطة خريطة الطريق، وفي مقدمتها وقف كامل للاستيطان في الضفة والقدس الشرقية المحتلة».
ويؤيد هذا الرأي قدورة فارس، أحد قيادات فتح الشابة والمقرب من الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لفتح، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» «إن من السابق لأوانه الحديث عن خيارات.. لأنه لن يكون هناك انتخابات وأن هناك مساحة للعب والمناورة». وأضاف قدورة «ربما ينجم وضع جديد ضمن شروط داخلية وخارجية، يتيح لأبو مازن إمكانية التراجع عن رغبته هذه». وتحدث فارس في هذه المناسبة عن «نية الأسير البرغوثي بالترشح في حال عدم ترشح أبو مازن، وفي حال جرت الانتخابات في إطار توافق وطني يشمل حركة حماس».
يذكر أن البرغوثي كان قد رشح نفسه في الانتخابات السابقة أمام أبو مازن وغيره، واضطر تحت ضغوط قوية من فتح للتراجع بشروط محددة.
ويرى رأي ثالث أن اللجنتين المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير، ستتمسكان كما أعلنتا بأبو مازن مرشحا وحيدا لهما، وأن أبو مازن سيرضخ لذلك خاصة أن ما جاء في الخطاب لم يكن موقفا حاسما جازما قاطعا رغم قول أبو مازن أن إعلانه هذا «ليس بغرض المساومة أو المزايدة أو المناورة».
يذكر أن أبو مازن كان معروفا عنه حرده واعتكافه في منزله عندما كان يختلف مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وذلك في محاولة للضغط عليه في مواقف معينة. وحصل ذلك غير مرة، قاطع خلالها اجتماعات اللجنتين المركزية لفتح والتنفيذية للمنظمة، كان آخرها خلال فترة مرض عرفات.
وأكد صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية أن «أبو مازن لا يناور ولا يساوم وما دفعه إلى هذا القرار هو لحظة صدق حقيقية.. وأن قراره غير مسبوق في تاريخ صناع القرار العرب». وأضاف عريقات لـ«الشرق الأوسط» «لا أستطيع توقع الخيارات الآن لكني لا أستثني أي خيار والرئيس ترك كل الخيارات (لم يحدد أيا منها) مفتوحة». وفسر عريقات المقرب من أبو مازن وخلفه في رئاسة دائرة المفاوضات، أسباب قرار أبو مازن بقوله «بعد 18 سنة من التفاوض وجد الرئيس نفسه لا يزال يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان رفع الحواجز ووقف الإجراءات الأحادية في القدس المحتلة». واستطرد قائلا بشأن الأسباب «التراجع الأميركي في موضوع وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات واستمرار انقلاب حماس الذي ظل الأميركيون والإسرائيليون يستخدمونه كسيف مسلط على رقابنا في كل لقاء واجتماع. وثالثا الوضع العربي».
وخلافا لكل ما تقدم، فإن حسام خضر أحد أبرز قادة فتح في مدينة نابلس والنائب السابق عنها، تحدث عن ثلاث خيارات، الأول أن يقدم أبو مازن استقالته، وهذا سيعني فشل نهج السلام وسيشكل صفعة لكل مروجي عقيدة السلام، باعتبار أبو مازن هو رائدها الأساسي منذ أكثر من 30 سنة. والثاني كما قال خضر لـ«الشرق الأوسط» هو حل السلطة وإعادة مجمل القضية الفلسطينية إلى مربعها الأول في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ووضع المجموعة الدولية أمام مسؤولياتها وتسليمها إدارة شؤون هذا الشعب المحتل، وكذلك وضع إسرائيل أمام مسؤولياتها إزاء الشعب الفلسطيني باعتبارها دولة الاحتلال، وتحميلها مسؤولية فشل عملية السلام. والخيار الثالث من وجهة نظر خضر الذي قضى في السجن سنوات طويلة كان آخرها 6 سنوات حتى 2008، هو انتفاضة فلسطينية ثالثة تحرق حسب رأيه الأخضر واليابس، وتدفع الشعب الفلسطيني للجوء إلى المقاومة كأقصر الطرق لتحقيق الحرية والسيادة والاستقلال.