فلسطين اليوم : غزة
أكد غازي الصوراني مسؤول الدائرة الثقافية المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن وعد بلفور جاء تجسيداً للرؤية والمصالح الإستراتيجية والنظام الرأسمالي عموماً ولمصالح الإمبراطورية البريطانية في تلك المرحلة خصوصاً.
واعتبر الصوراني خلال ندوة ثقافية لكوادر الجبهة بقطاع غزة أمس، وصلت فحواها لـ "فلسطين اليوم" عبر المكتب الإعلامي للجبهة، أن الحركة الصهيونية، لم تكن سوى ذريعة استخدامية لتكريس مصالح النظام الاستعماري البريطاني في بلادنا الذي امتد منذ ذلك التاريخ 1917 حتى عام 1957، حيث تولت الولايات المتحدة الأمريكية –منذ ستينيات القرن الماضي- قيادة النظام الرأسمالي في صيغته الإمبريالية المعولمة، ومن ثم تطورت العلاقة مع الحركة الصهيونية ودولتها على قاعدة المصالح الإمبريالية في بلدان الوطن العربي.
وأوضح بأن النظام الرأسمالي الجديد حرص على إعادة إحياء الطابع الديني للمسألة اليهودية وتشجيع الفكر الصهيوني ورواده على النقيض من عقلانية عصر النهضة وفلسفته التنويرية والإنسانية القائمة على الديمقراطية والمواطنة.
وأشار الصوارني إلى أن قوة المصالح الرأسمالية طغت على كل الشعارات والأسس الفكرية التي ميزت عصر النهضة، وذهبت صوب إحياء البعد الديني التوراتي الغيبي كذريعة تختفي ورائها تلك المصالح الرأسمالية لتحقيق هدفها الاستراتيجي في إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري (فلسطين) الذي يربط أوروبا بالعالم القديم ، ومن ثم كان تشجيعها لعقد المؤتمر الصهيوني الأول 1897، ثم عقد مؤتمر لندن 1907 او ما يعرف بـ "مؤتمر كامبل بنرمان" ثم اتفاقية سايكس بيكو، ثم وعد بلفور وصولاً إلى صك الانتداب 1922 والاعتراف الرسمي بالوكالة اليهودية ودورها في فلسطين حتى عام 1948.
واستعرض الصوراني لمحة تاريخية عن فلسطين منذ قرنها الخامس قبل الميلاد وحتى وعد بلفور، مستعرضاً الحقائق التاريخية المحيطة بهذا الوعد المشئوم، متطرقاً للشخصية الكريهة في الوعي الفلسطيني التي شكلت أساساً لهذا الوعد المشئوم وهي شخصية وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور وإصداره عام 1917 هذا الوعد انطلاقاً من رؤية له تعتبر الصهيونية قوة تستطيع التأثير في السياسة الخارجية الدولية.
ولفت إلى أن هذا الوعد كان السبب المباشر في كل مآسي الشعب الفلسطيني, ويعتبر أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين.، وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين، وكانت سببا رئيسيا لهجرة اليهود واستجلابهم إلى فلسطين من جميع أنحاء العالم.
وشرح الصوراني بتعمق التطور التاريخي لفكرة الحركة الصهيونية ومنطلقاتها الدينية والسياسية وفق رؤية النظام الرأسمالي، لافتاً أن أول من استخدم مصطلح الصهيونية كان المفكر والكاتب اليهودي نتان بيرنبويم، وأن الموسوعة البريطانية قد نقلت تعريفاً خطيراً لهذا المصطلح،بلغ في تزييفه للحقائق التاريخية، وخضوعه للرؤية الصهيونية، حد تسمية فلسطين بـ"أرض إسرائيل"، بل استخدمت الموسوعة اللفظ العبري لتعميق هذا المعنى، مقدمة كل ذلك وكأنه من المسلمات التي لا خلاف عليها! حيث جاء في الموسوعة: "الصهيونية حركة يهودية قومية تستهدف إنشاء ودعم دولة لليهود في فلسطين "إرتز يسرائيل" (أرض إسرائيل بالعبرية).
واستطرد قائلاً: أنه يتضح أن التعريفات التي قدمتها الموسوعتان الفرنسية والبريطانية، تغيب على نحو مقصود الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، الأمر الذي يؤكد خضوع أكبر الموسوعات الغربية للرؤية الصهيونية والقيام بدعاية لها.
وأشار إلى أن الفكرة الصهيونية السياسية المعاصرة التي ظهرت في القرن التاسع عشر تبلورت في كتاب ثيودور هرتزل "الدولة اليهودية" الذي ظهر عام 1896، وأن هرتزل قام بالدعوة إلى عقد المؤتمر الأول العام 1897 في بازل – سويسرا. ولهذا فإن هرتزل يعتبر المؤسس الحقيقي للحركة الصهيونية فكراً وممارسة.
كما واستعرض الصوراني الخطوات اليهودية لتنفيذ قرارات مؤتمر بال الصهيوني سنة 1897 من تشجيع للاستعمار اليهودي لفلسطين بطريقة منظمة، وتنظيم الحركة الصهيونية، وإنشاء منظمات صهيونية أخرى قامت بشراء المزيد من أراضي فلسطين وبالتحديد من ملاكي الأراضي الغائبين، ومن ثم إنشاء المستوطنات والمستعمرات الصهيونية.