فلسطين اليوم : غزة (عوض أبودقة)
لاشك أن إسرائيل تبيِّت النية لحرب جديدة في غزة، متذرعةً بالمزاعم التي رددتها مؤخراً، من أن فصائل المقاومة في القطاع، باتت تمتلك صواريخ قادرة على الوصول إلى "تل أبيب" من جهة، ومستغلةً الواقع الفلسطيني المرير المنقسم على نفسه من جهةٍ أخرى.
وهنا أعود بالذاكرة قليلاً إلى الوراء، وبالتحديد إلى عهد أيهود اولمرت، الذي استبق حربه الأخيرة على غزة، بقيام وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى في حكومته بحملة دبلوماسية دولية كبيرة ضد صواريخ غزة، لتحميل المقاومة في القطاع المسؤولية عن الخطوات التي سيتخذها، والتي بررها بأنها تأتي لـ"حماية أمن "مواطني" إسرائيل"، يومها تناولنا هذا الموضوع بشكلٍ موسع وحذّرنا قيادات شعبنا من خطورة ما ستقوم به الحكومة الإسرائيلية، وبالإسراع في إنهاء حالة الانقسام القائمة، لكن صدى رسالتنا ذلك لم يُحِّدث رجعاً.
فقد تابعنا بالأمس، خبراً أوردته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، يؤكد أن إسرائيل تجهز لاستئناف الحرب على قطاع غزة، بحجم واسع خلال شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، وذلك في ختام سنة على الحرب التي خاضتها في الأيام الأخيرة من العام المنصرم، وأن العد التنازلي لذلك الأمر قد بدأ بالفعل يوم الخميس الماضي.
كما وتابعنا مؤخراً، وبالتحديد يوم الجمعة الماضية، تصريحات للدكتور رمضان عبد الله شلّح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، خلال المهرجان الجماهيري الحاشد الذي نظمته الحركة في مدينة غزة، في الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي، والتي بيّن فيها أن المنطقة مرشحة للذهاب إلى الحرب أكثر منها لأي نوع من السلام.
ولفت نظري في تلك التصريحات عبارة للدكتور شلّح، قال فيها:" إن الكيان الصهيوني زرع لينتج الحرب في المنطقة لا السلم .. يجب أن لا نخطئ في ذلك .. إنتاج الحروب هو أحد متطلبات المحافظة على الميراث الاستعماري ومعادلة "سايكس بيكو" وواقع الهيمنة والسيطرة الغربية على الأمة ".
وهنا ما علّي إلا أن أعيد تذكير الشعب الفلسطيني بنصيحة الأمين العام للجهاد الإسلامي التي دعاهم فيها إلى إعداد أنفسهم جيداً لتلك الحرب، من خلال الخروج سريعاً من حالة الضغط على عقولنا والمتمثلة بواقع الانقسام الحالي، الذي شدد على أنه "سيء ومدمر لشعبنا وقضيتنا نفسياً ومادياً".
كما وأعيد تذكير القيادة السياسية للشعب الفلسطيني، بما طالبهم به الدكتور شلّح "ألا ينزلقوا في لعبة اختراع البديل الوهم وانحراف البوصلة"، ودعوته إياهم إلى "جعل الهم المركزي لنا، في كيفية مواجهة العدو و مقاتلته و حماية أنفسنا وأرضنا منه".
وأنا على ثقة -كما الكثيرين- أن هذه النصائح ستؤتي أكلها إذا ما التزمنا بها، أما إن بقينا على حالنا الراهن، فإننا جميعاً سنكون المسؤولين أمام الله ومن ثمَّ أمام التاريخ، عمّا ستؤول إليه الأمور.