بقلم: الوف بن
يعرض منتقدو اسرائيل في الولايات المتحدة اياها على انها عبء استراتيجي. وهم يزعمون انه قد كانت قيمة زمن الحرب الباردة للتعاون مع الجيش الاسرائيلي، الذي زود الامريكيين بمعلومات كبيرة القيمة عن نظم السلاح السوفياتي الذي استعملته الجيوش العربية. لكن الاتحاد السوفياتي انهار، وتبخرت معه ايضا الفائدة التي جلبتها اسرائيل لامريكا. وهم يزعمون ان الجهد العسكري الامريكي في مواجهة القاعدة وطالبان يعتمد على نظرية قتالية طورت في اسرائيل. فقد كان الجيش الاسرائيلي الرائد العالمي في القتل المركز للارهابيين بهجمات من الجو. عندما بدأت اسرائيل "سياسة الاغتيال"، في صيف 2001، نددت الولايات المتحدة بذلك. بعد عدة اسابيع أسقط برجا التوأمين بعملية ارهابية، وتغير التوجه. فبدل ان يندد الامريكيون باسرائيل نقلوا نهجها ببساطة، بحسب مصادر اجنبية. فقد استعملت طائرات بلا طيارين مسلحة بصواريخ، لاغتيال ارهابيين، في اليمن في البدء، وبعد ذلك في افغانستان وباكستان.
يبدو الرئيس براك اوباما تلميذا متحمسا لنظرية القتل المركز بل اكثر من سابقه جورج بوش. على حسب "صندوق امريكا الجديدة"، منذ اليوم الذي تولى فيه عمله في كانون الثاني الى بدء تشرين الاول، اجازت ادارة اوباما 42 عملية هجوم بطائرات بغير طيار. واجاز بوش 40 طلعة جوية كهذه في سني ولايته الثلاث الاخيرة.
تم بعمليات اوباما اغتيال 6 مسؤولين كبار من طالبان والقاعدة، ونحو من 450 شخصا اخر. وننبه القاضي غولدستون الى ان نحوا من ربع القتلى كانوا مدنيين، وسائرهم محاربون في درجات منخفضة. في عملية الاغتيال الناجحة لبيت الله مسعود، زعيم طالبان في باكستان قبل نحو من ثلاثة اشهر، قتل 11 مدنيا فيهم زوجته وصهره – على نحو يشبه القصف الاسرائيلي الذي قتل صلاح شحادة واقرباءه وجيرانه في 2002.
اصبحت منظمات حقوق الانسان تحذر من ان امريكا تنقض القانون الدولي، لكنهم في ادارة اوباما لا يتأثرون. على حسب صحيفة "نيويوركر"، يسمي رئيس الـ سي اي ايه، ليئون بانتي، هجمات الطائرات بغير طيار "اللعبة الوحيدة في المدينة". قال خبراء امريكيون بمحاربة الارهاب ومقربون من الادارة لمراسلة الصحيفة الاسبوعية، جيم ماير، انه لا يوجد لامريكا وسيلة انجع لمواجهة القاعدة. تتزود وزارة الدفاع بطائرات جديدة بلا طيار على نحو متعجل، وتقلص من تطوير طائرات مع طيارين.
يبلغ شهود عيان فلسطينيون ومنظمات حقوق انسان منذ سنين عن ان الجيش الاسرائيلي يستعمل طائرات بلا طيار في هجماته الجوية على غزة. تستعمل الطائرات بلا طيار ردا غربيا على اعمال المنتحرين والقذائف الصاروخية عند الارهاب الاسلامي. يمكن ان نسميها "طائرات لامهات يهوديات": فالمستعمل يجلس بعيدا في الوراء، والقتال شديد النقاء. لا تسمع الصرخات، ولا يتلطخ بالدم، ولا يشم دخان الحريق والجثث، والاساس عدم التغرير بالنفس وعدم القتل.
في الولايات المتحدة يتم جدل هل ينبغي استعمال نظام سلاح لا يعرض مستعمليه لرعب المعركة، ويحذرون من الاغراء الكامن في حرب الرجال الآليين: ففي البدء يجيزون هجمات على ارهابيين كبار فقط. ويشجع النجاح على خفض رتبة الاهداف، حتى تستعمل الطائرات بلا طيار في كل مرة تظهر علامات على العدو، او معلومات خطرة عن الارض التي يوجد عليها الارهابي المطلوب. زاد عدد الطلعات الجوية وزاد معه عدد المدنيين الذين يصابون. أيبدو هذا معروفا؟
من المثير ان نعلم هل يعلم الرئيس اوباما، الذي يوشك ان يقرر مستقبل الحرب في افغانستان، ممن تعلم الامريكيون نظرية المحاربة العصرية للارهاب – وهل هو يعرف الفضل للجيش الاسرائيلي.