فلسطين اليوم-رام الله
يجد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نفسه في موقف حرج، بعدما تبنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، بشكل علني، مطالب إسرائيل باستمرار باستئناف المفاوضات، مع استمرار البناء الاستيطاني في القدس وآلاف الوحدات السكنية في الضفة الغربية، وهو الذي ظل لشهور يعول ويروج للموقف الأميركي الداعي لوقف شامل للاستيطان.
وتبدو خيارات الرجل الذي يؤمن بخط المفاوضات، صعبة إلى حد كبير بعدما وجد نفسه إما مضطرا لمواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل معا، أو التنازل عن شروطه التي يعتبرها ثوابت وطنية، ويعود إلى المفاوضات بدون وقف الاستيطان، وتحديد مرجعية عملية السلام.
ومن شأن تبنيه للخيار الأول، أن يفقده دعما دوليا وماليا لسلطة تعتمد على هذا الدعم، أما تبنيه الخيار الثاني، فإنه يعطي الفرصة لخصومه لمزيد من الهجوم عليه وإظهاره كتابع للولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا آخر ما يريده عباس قبل شهور من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
ولم يجب مسؤولون فلسطينيون عن سؤال حول الخطوة التي يمكن أن تتخذها السلطة، وأقر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، بأن اللحظة الحالية تعد حرجة، معتبرا أن الضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات لاستيعاب مزيد من التعنت الإسرائيلي، ليس هو الحل.
وقال المحلل السياسي هاني المصري، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الرئيس الأميركي صعد بأبو مازن إلى أعلى الشجرة وتركه هناك». معتبرا أن عودة عباس إلى المفاوضات الآن تمثل «انتحارا سياسيا».
ويرى المصري أنه يجب على الفلسطينيين الإعلان أن المفاوضات الثنائية استنفدت أغراضها، ومن ثم يطالبون بمفاوضات دولية. كما يرى أن إحدى أهم الخطوات التي يمكن اللجوء إليها هو الذهاب إلى وحدة وطنية مع حماس.
وقال المحلل السياسي، يحيى رباح، «العودة إلى المفاوضات بشكلها السابق غير مجدية»، ورأى رباح «أن على أبو مازن أن يصمد قليلا، ويذهب للحصول على دعم عربي». ورجح كل من المصري ورباح أن تلجأ السلطة إلى إيجاد تخريجات من أجل العودة إلى المفاوضات. وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن مسؤولين فلسطينيين يدفعون بهذا الاتجاه، ويتم دراسة أن تستأنف المفاوضات بعد إعطاء ضمانات أميركية بإقامة الدولة الفلسطينية خلال فترة زمنية محددة، على أن تبدأ مفاوضات غير مباشرة في البداية بوساطة واشنطن. وعقب المصري «إذا ما لجأوا لذلك فإنهم يؤخرون الانتحار فقط». أما رباح فقال «هذا مخرج معقول بعد أن يدعمه العرب».
وطالبت فصائل منظمة التحرير، عباس «بمراجعة نهج ومسيرة المفاوضات وإيجاد البدائل الوطنية الناجعة لوضع حد للاحتلال وسياساته». ودعت الجبهة الشعبية، ثاني أكبر فصيل في المنظمة بعد فتح، عباس، إلى «رفض المفاوضات المباشرة وغير المباشرة ومواصلة التمسك برفضه الدعوة الإسرائيلية للوقف المؤقت للاستعمار».
وقالت الشعبية، في بيان «إنه يجب مراجعة نهج ومسيرة المفاوضات وإيجاد البدائل الوطنية الناجعة لوضع حد للاحتلال وسياساته ولحشد أشقاء وأصدقاء الشعب الفلسطيني من أجل انتزاع حقوقه في الحرية والاستقلال والعودة». وأعربت الشعبية عن إدانتها لتراجع الموقف الأميركي عن ضرورة وقف الاستعمار بكافة أشكاله بما في ذلك ما يسمى بالنمو الطبيعي.
وقالت في بيانها «إن تراجع الموقف الأميركي خروج على وعود الرئيس أوباما وخطابه في جامعة القاهرة، مما يؤكد عقم الرهان على الدور الأميركي المخادع للشعب الفلسطيني ولجماهير الأمة العربية والإسلامية».
وطالبت الشعبية «برفض المرجعية الأميركية للتسوية السياسية وبالتمسك بقرارات الشرعية الدولية وتنفيذها على الأرض باعتباره السبيل لنيل حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس. أما الجبهة الديمقراطية فدعت الفصائل الفلسطينية إلى إنهاء الانقسام.