خبر تحليل..علاقة مصر بحماس.. إستراتيجية أم مصالح مؤقتة ؟

الساعة 05:26 ص|31 أكتوبر 2009

 فلسطين اليوم-وكالات

  تطفو على السطح بين الفينة والأخرى نقاط خلاف لا تلتقي فيها وجهة نظر القيادة المصرية مع رأي حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وتعلو هذه الخلافات أحياناً، ويشوبها شيء من التحريض والاتهامات المتبادلة، وتنطفئ جذوتها أحيانا أخرى ليبدو وكأن العلاقة بين الطرفين أقرب إلى الهدوء والمتانة.

 

إلى أي حد تؤمن القيادة المصرية بعلاقات طيبة مع التنظيم الفلسطيني والذي يعتبر امتداداً لتنظيم الإخوان المسلمين ؟ وهل ترى حركة "حماس" في علاقتها مع مصر علاقة إستراتيجية تاريخية مهمة أم أنها مجرد علاقة مصالح مشتركة ومدركات سياسية تفرضها الوقائع على الأرض؟".

 

شهدت العلاقات بين القاهرة و"حماس" شيئا من التوتر عقب تحفظ "حماس" على بعض بنود الورقة المصرية للمصالحة بشكلها القائم، الأمر الذي أدى إلى غضب القيادة المصرية التي أجلت موعد توقيع المصالحة الذي حددته سابقا في الخامس والعشرين من الشهر الجاري إلى أجل غير مسمى.

علاقة إستراتيجية

 

النائب عن كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية مشير المصري، يؤكد أن علاقة حركة حماس بمصر هي "علاقة متينة وإستراتيجية"، ومضى يقول: "أي وجهات نظر مختلفة لن تؤثر على جسر العلاقة المستمر بيننا وبين مصر، ونحن على تواصل مع القيادة المصرية وفي انتظار ردهم لتوجه وفد قيادي من حركة "حماس" بشأن الورقة المصرية". وأضاف: "إن مصر تدرك قبل غيرها المرونة اللازمة والكافية التي قدمتها "حماس" في سبيل إنجاح المصالحة الفلسطينية، وأن "حماس" تمتلك نوايا صادقة، ليس التوقيع والتهرب من استحقاقات التنفيذ كما هي سياسة حركة "فتح"، ولكن نحن مع التوقيع والتنفيذ إذا ما كانت هناك ورقة متطابقة وشاملة لكل البنود التي تم الاتفاق عليها سابقا".

 

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة الدكتور ناجي شراب أن علاقة مصر أوسع وأشمل من علاقتها بحماس، وأن علاقتها بفلسطين ككل، مضيفاً أن "مدخل علاقة مصر بحماس هو فلسطين والعلاقات العضوية والتاريخية الممتدة بين مصر وفلسطين والتي تمتد لأكثر من 3000 سنة قبل الميلاد". ويقول شراب: "مصر تدرك أهمية قطاع غزة كأحد مكونات السياسة المصرية، وكأحد مكونات الأمن المصري، هذا المدرك الأول، المدرك الثاني: مصر تدرك أن "حماس" أصبحت فاعلاً رئيسياً ولها دور كبير جداً كأحد الفواعل الجديدة على المستوى الإقليمي العربي وعلى المستوى الفلسطيني".

 

وتابع حديثه قائلاً: "اليوم، مصر تدرك أن "حماس" أحد مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وأنه لا يمكن للنظام السياسي الفلسطيني أن يكتمل ويقوى ويكبر دون أن يكون لحماس دور فيه، هذا الإدراك يضاف إلى إدراك مصر بالبعد الإنساني للقضية الفلسطينية، وشعورها أن عليها دوراً إزاء قطاع غزة بوجه خاص، لاعتبارات سياسية وأمنية واقتصادية".

 

وفيما يتعلق بحماس، يقول: "حماس" تدرك أهمية الدور المصري، وتدرك أنه لا يوجد بديل لدور مصر في المصالحة الفلسطينية". ويضيف شراب: "حماس" تدرك أن مستقبل قطاع غزة مرتبط بشكل عضوي كامل بطبيعة العلاقات المصرية الفلسطينية بقطاع غزة، غزة لها منافذ، منفذ إسرائيلي ومنفذ مصري، والمنفذ الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم هي مصر، مصر تشكل امتداداً استراتيجياً، امتداد سياسي وامتداد أمني، "حماس" تدرك دور مصر وأن لا بديل عنه، أعتقد أن هذه المدركات هي التي تفسر لنا حرص الطرفين على استمرار العلاقات وتفادي المطبات التي تعترض طريق العلاقات، أحيانا العلاقات تكون على درجة من الخلاف لكن سرعان ما يذوب هذا الخلاف".

 

ويحاول مسئولون إسرائيليون من آنٍ لآخر تعكير صفو العلاقة بين "حماس" ومصر لأنهم يدركون جيداً بأن تحسن العلاقة بين الطرفين في غير صالحها.

 

وقال عاموس جلعاد، المسئول الأمني البارز بوزارة الجيش الإسرائيلية في تصريحات أدلى بها خلال احتفال (إسرائيل) بمرور 30 عامًا على توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر و(إسرائيل): "إن القاهرة حليفة لإسرائيل أمام حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وأمام إيران؛ وإنهما يعتبران "حماس" تمثّل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي والمصري معا"، حسب زعمه.

 

وبشأن الخلافات التي تطفو على الإعلام عبر قيادات من الطرفين، قال شراب: "الإعلام مفتوح، هناك إعلام رسمي وإعلام تنظيمي وإعلام خاص، مصدر هذه التصريحات قد يكون صحيحا وقد يكون غير صحيح". وتساءل: "هذه التصريحات التي نسمعها بين الفينة والأخرى، هل قيلت في مؤتمر صحفي بشكل مباشر أم تم تسريبها عبر وسائل الإعلام المختلفة؟".

 

واتفق المصري مع شراب في هذا الأمر بالقول: "الحديث الإعلامي لا قيمة له في جسر العلاقة القائم بيننا وبين مصر، هناك قنوات رسمية تتواصل من خلالها الحركة مع القيادة المصرية، وهي التي تصدر عنها المواقف الرسمية، هذه القنوات ما زالت قائمة، ودعك مما نسمعه عن البعض في الإعلام".

 

إدراك متكامل

 

وفيما إذا كانت علاقة الحركة بمصر وعلاقة مصر بحماس علاقة متجذرة لا يمكن أن تذوب أو أنها علاقة مصالح يمكن أن تنتهي بانتهاء المصالح القائمة، رأى المصري أنه من الخطأ أن تكون علاقة أي فصيل فلسطيني بأي دولة عربية أو إسلامية علاقة مصالح وتكتيك.

 

وزاد قائلاً: "القضية الفلسطينية هي قضية عربية وإسلامية بالأساس، هي قضية تهم كل دولة، والمطلوب من هذه الدول أن تتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن القضية الفلسطينية والدفاع عن الشعب الفلسطيني، ومن مسؤوليات كل الفلسطينيين أن تبقي جسور العلاقة قائمة مع كل هذه الدول، و"حماس" لديها إستراتيجية للتعامل مع كل الدول العربية والإسلامية ومعنيون بأي جهد عربي وإسلامي داعم ومساند لشعبنا  ولقضيتنا".

 

شراب بدوره نفى أن تكون علاقة مصر بحماس علاقة تكتيك ومصالح، أو أن تكون علاقة مؤقتة، ومضى يقول: "العلاقة مبنية على مدركات سياسية مهمة جدا، أهم مدرك سياسي اليوم أن مصر تدرك تماما أن "حماس" أحد مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وتدرك أن "حماس" لاعب رئيس في قواعد اللعبة السياسية على مستوى القضية الفلسطينية، كما أنه لا يمكن أن تتم مصالحة أو مفاوضات دون "حماس".

 

وفي شأن السيناريو القادم المتوقع بخصوص الورقة المصرية قال شراب: "السيناريو القادم أنه ستكون هناك زيارة مرتقبة لوفد قيادي من "حماس" على مستوى خالد مشعل، أعتقد أن هذه الزيارة سوف تنهي كل الخلافات، المشكلة ليست في "حماس"، فحماس لا ترفض الورقة المصرية، هناك بعض الملاحظات أشارت إليها "حماس"، سوف تقوم مصر بتقديم تطمينات معينة إزاءها، وأعتقد أننا ذاهبون إلى مصالحة بطريقة أو بأخرى"، حسب اعتقاده.