خبر من صديق الى عدو.. يديعوت

الساعة 09:09 ص|29 أكتوبر 2009

بقلم: غي بخور

ها هي أمامنا صورة مرآة معكوسة، التقت في نقطة واحدة: اسرائيل. ايران هي دولة شريعة اسلامية، دستورها من العام 1979 ينص على حكم الدين الى الابد. ويرد الدستور كل من هو ضد حكم الدين ويفرض عليه عقابا جسيما. المادة 4 من الدستور تقضي بان كل التشريع المدني، الجنائي، الاقتصادي، الاداري، الثقافي، العسكري، الحزبي وغيره يجب أن يقوم على اساس اسلامي.

اما تركيا بالمقابل، فهي دولة علمانية دستورها الاخير من العام 1982 ينص على علمانيتها الى الابد. ويرد الدستور كل من هو ضد العلمانية ويفرض عليه عقابا جسيما. المادة 2 من الدستور تقضي بان الجمهورية التركية هي ديمقراطية، علمانية واجتماعية، تديرها سلطة القانون. والمادة 4 من الدستور تقضي بان هذه المبادىء لا يمكن تغييرها بل لا يمكن تعديلها.

هذان الدستوران متناقضان، ولكنهما مطلقان. غير أنه في ايران الميل المناهض للدين قوي ويتعزز قوة، حيث أن اغلبية الشباب كانوا يودون ان يعيشوا في دولة مؤيدة للغرب وليس لديهم الكثير يتشاركون فيه مع الطموحات الاسلامية الكبرى. وبالمقابل في تركيا، اغلبية الجمهور كانت تود ان تعيش في دولة تكون فيها الشريعة الاسلامية اكثر مركزية بكثير، تحت دستور الشريعة مثلا، وبات صعبا عليهم التماثل مع التطلعات العلمانية المطلقة للدستور والحكم الكمالي.

هاتان حالتان متعاكستان تماما، نقطة اللقاء شبه الوحيدة بينهما هي اسرائيل. الحديث بتشدد، الهزء باسرائيل وبالتالي نيل الشرعية دون دفع أي ثمن.

اردوغان تعلم ذلك من احمدي نجاد، الذي وهنت مكانته في بلاده: لماذا لا تصرف انتباه الملايين عندك ضد العدو الصهيوني؟ لماذا لا تختلق عدوا اجنبيا وتحظى بذلك بالشرعية؟ ومن صديق قريب وحميم لتركيا نتحول كل يوم الى "عدو" مختلق. يمكن للمرء ان يرى ذلك حقا بالعين المجردة. الحديث ضد العلمانية في تركيا لا يزال محظورا ولكن ان تعرض نفسك كحامي الاخلاق والعدل الاسلاميين، فيما تهاجم اسرائيل، هو أمر على ما يرام. هذا يمنحك ارباح ونقاط في الخطاب التركي الداخلي. هذا يقرب المتحدث من عالم الاسلام دون أن يدفع ثمنا داخليا.

اضرب اليهودي واربح، حين تكون اسرائيل هي اليهودي اليوم. تركيا وايران على حد سواء تستخدمان اسرائيل كأداة، كمعامل لتحقيق اهداف داخلية. من ناحيتهما اسرائيل هي اداة عمل مشروعة، لتخفيف حدة دستوريهما المتصلبين، لخلق سياقات داخلية، للحكم. اسرائيل هي أداة بيد الحكام، الدكتاتوريين والانتهازيين – انظروا شفيز. واذا كان هي لا ترد ومستعدة لان يستخدموها ويستخدموا اسمها فلماذا لا.

على اسرائيل أن تعلم بالشكل الاكثر وضوحا: لا تدخلونا في شؤونكم الداخلية ولا تورطونا في التوترات الداخلية لبلدانكم. لا تجعلونا اداة لتحقيق اهداف في نظام حكمكم او لشل احباطاتكم. في اللحظة التي نعلن فيها ذلك، سيتم التشديد على الاستخدام المتهكم الذي يفعلونه باسرائيل حتى تجاه الرأي العام الداخلي لديهم. ولعله عندها سيفهمون في تركيا وفي ايران الاستخدام الانتهازي الذي يمارسه حكامهم على مواطنيهم.