خبر تركيا: هجرت الحلف مع الغرب.. إسرائيل اليوم

الساعة 09:03 ص|29 أكتوبر 2009

بقلم: دانييل بايبس

"لا شك انه صديقنا"، قال رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان  عن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، واتهم وزير الخارجية الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان، بالتهديد باستخدام السلاح النووي ضد غزة. هذه التصريحات الفضائحية تدل على التغيير الذي طرأ على توجهات الحكومة التركية التي على مدى العقود الستة الاخيرة كانت حليفا مقربا من الغرب بين المسلمين.

ثلاثة احداث وقعت في الشهر الاخير كشفت النقاب عن حجم التغيير. الاول وقع في 11 تشرين الاول، عندما قرر الجيش التركي – معقل العلمانية منذ عشرات السنين ومؤيد التعاون مع اسرائيل – الالغاء المفاجىء لمشاركة سلاح الجو الاسرائيلي في المناورة السنوية التي اجرتها تركيا.

واشار اردوغان الى ان الالغاء نبع من "حساسيات دبلوماسية"، ولكن وزير الخارجية التركي شرح بان الحديث يدور عن "حساسية تجاه ما يجري في غزة، في شرقي القدس وفي المسجد الاقصى". وبينما في دمشق صفقوا للخطوة التركية، قررت جيوش الولايات المتحدة وايطاليا ردا على ذلك الغاء مشاركتها.

بالنسبة لاسرائيل، الحركة "المفاجئة وغير المتوقعة" من الاتراك هزت اسس اتفاقها العسكري مع تركيا منذ العام 1996. قائد سلاح الجو السابق، ايتان بن الياهو وصل الالغاء بانه "تطور جدي ومقلق". وعقبت القدس على الفور بفحص متجدد لاتفاق تزويد السلاح لتركيا، والذي في اساسه بيع سلاح متطور بقيمة 140 مليون دولار. وبالتوازي طرحت في القدس فكرة وقف المساعدة للاتراك من خلال منظمات يهودية تستخدم نفوذها في الكونغرس الامريكي كي يتجاهل هذا مسؤولية الاتراك عن قتل الشعب الذي ارتكبوه بحق الارمن في بداية القرن العشرين.

باري روبين من المركز متعدد المجالات في هرتسيليا ادعى في اعقاب ذلك بان "الحلف بين تركيا واسرائيل انتهى"، وتوصل الى الاستنتاج بان الجيش التركي لم يعد يؤدي دوره كحارس للعلمانية الجمهورية التركية وهو غير قادر على ان يؤثر حين تتبنى الحكومة خطا اسلاميا متطرفا.

وتواصلت الاحداث في الاحتدام. في 13 تشرين الاول صرح وزير الخارجية السوري وليد معلم بان قوات تركيا وسوريا "نفذت مناورة مشتركة قرب أنقرة". ووصف معلم عن حق المناورة كتطور هام لانها "تدحض نظريات العلاقة الواهنة بين الحكومة التركية والجيش". بتعبير آخر قصد القول ان الجيش التركي خسر قوته للسياسيين الاتراك.

وبالتوازي تشكل "المجلس للتعاون الاستراتيجي بين تركيا وسوريا". وزراء في حكومة تركيا انضموا الى محادثات المجلس واعلنوا بانه وقعت بين الدولتين اتفاقات في اعقابها ستكون المناورات العسكرية بين سوريا وتركيا اكثر شمولا، وفي الشهر القادم سيوقع زعماء الدولتين على اتفاق تفاهم استراتيجي.

وانهى المجلس جلساته باعلان عن تنمية "شراكة استراتيجية بعيدة المدى" بين الطرفين "لتعزيز وتوسيع التعاون بينهما في جملة واسعة من المشاكل لمصلحة الطرفين". وحسب تصريحات وزير الخارجية التركي، احمد دابتواغلو ستساهم الشراكة ايضا في "تعزيز العلاقات الثقافية والتضامن بين الشعبين على اساس مستقبل ومصير مشترك".

يدور الحديث عن تغيير جوهري في العلاقات التركية السورية بعد ان كادت تقف في السنوات السابقة على شفا الحرب. العلاقات مع سوريا هي جزء من التغيير في تركيا، ليس فقط بالنسبة لاسرائيل، بل بالنسبة لاستئناف العلاقات مع العالم الاسلامي. في كتاب وزير الخارجية التركي، "عمق استراتيجي: المكانة الدولة لتركيا"، الذي نشر في 2000، يتوقع كيف ستعيد تركيا الى نفسها مكانة القوة العظمى الاقليمية وتحفض مصادر النزاع مع جيرانها المسلمين. في رؤياه يرى تركيا كنموذج حديث للامبراطورية العثمانية. من أجل الوصول الى ذلك ستتبنى الاستراتيجية التركية الابتعاد عن الغرب وعن اسرائيل. ومع ان الكتاب لا يولي لهذا الميل جوانب اسلامية، فان فكرة "العمق الاستراتيجي" تتناسب والحزب الاسلامي التركي.

وكما يشير روبين، فان "تركيا قريبة من ايران وسوريا اكثر من الولايات المتحدة واسرائيل". وتقدر كارولين غليك من "جيروزاليم بوست" بان أنقرة منذ الان "هجرة الحلف مع الغرب وهي عضو في المحور الايراني". وبالمقابل، في محافل في الغرب لا يزالون يستخفون بهذا التغيير. ثمن خطأهم سيتضح قريبا.