خبر يبصقون في وجه الجيش الاسرائيلي -هآرتس

الساعة 11:13 ص|26 أكتوبر 2009

بقلم: شاحر ايلان

 (المضمون: انشاء لجنة تحقيق للعملية الاسرائيلية في غزة خيانة للجيش الاسرائيلي قادته وجنوده - المصدر).

توجد مناصب يصعب ان نفهم لماذا يوجد شخص ما زال مستعدا لتوليها. احدها قائد في الجيش. ففي كل عملية عسكرية نخدعهم من جديد، ونرسلهم للقتال باسمنا، ونمنحهم "زيفا" تأييد 90 في المائة من الجمهور. وفي كل مرة نجعلهم يظنون ان التأييد الذي حصلوا عليه كبير جدا حتى انهم لا يحتاجون هذه المرة الى الدفع عن أنهم خرجوا للقتال من أجلنا. وفي كل مرة نخونهم من جديد، ونتخلى منهم في الميدان للجان التحقيق.

من المهم ان نذكر ان لجنة التحقيق ليست جسما لتحقيق الحقيقة. فلجنة التحقيق جسم يقرر مجرد اقامته انه وجد اخفاق ووجدت جريمة. فهي تصنع الاخفاق. لم يولد بعد التحقيق الذي لا يجد اخطاء، ولم تعين بعد لجنة التحقيق التي تفض مع اعلان: "نحن آسفون، عينتمونا عبثا. انفقتم عبثا مئات آلاف الشواكل للانفاق على وقتنا وعلى أرغفتنا الجيدة، والاخفاق الحقيقي هو تعييننا". من كان يظن ان هذا لا يؤثر في استعداد أناس ذوي كفاية للمضي في حياة مهنية عسكرية، وفي استعداد الضباط الكبار لاتخاذ القرارات السديدة، يدفن رأسه عميقا في حاوية صبغة التنكر.

في كل مرة يبحث فيها مكانة هيئة القيادة العليا، ينبغي ان نتذكر سؤال لماذا لم يصبح المقدم روعي كلاين، الذي قفز على قنبلة يدوية في معركة بنت جبيل وأنقذ حياة جنوده، اسطورة، (وبهذا نشجع ربما انشاء اسطورة). ذات مرة حملنا ضباطنا على راحاتنا. واليوم نقودهم الى لجان تحقيق. ذات مرة أجللنا اعمال البطولة والتضحية ومن انتصر من اجلنا. واليوم نعتقد ان من يفعل ذلك مغفل.

كان ربما يمكن في حرب لبنان الثانية ان نزعم ان الحرب لم تكن نجاحا كبيرا وان هذا يسوغ التحقيق. من المحقق انها لم تكن اخفاقا لكن وضع اسرائيل الاستراتيجي لا يمكنها من شيء اقل من نصر ساحق، وكان يجب على الجيش الاسرائيلي ان يأخذ ذلك في حسابه.

لكن عملية "الرصاص المصبوب" كانت نجاحا عسكريا مذهلا. فقد وقفت صواريخ القسام في الجنوب. وتحملنا خسائر قليلة. وهذا النجاح ايضا لا يعفي قادتنا العسكريين من ضرورة الخروج للحرب مع محام ملازم. لا سبيل للقتال في غزة بغير المس بالسكان المدنيين، وواضح ان الجيش الاسرائيلي فعل الكثير للامتناع عن ذلك. نحن في الحقيقة نعلم قادتنا بأن حربك لن تنقضي ابدا، حتى لو نجوت فان حياتك المهنية في خطر. لن ينقضي أي عمل للدفاع عن اسرائيل بلا عقوبة.

ليس الضباط الجيش الاسرائيلي وجنوده هم الوحيدين الذين نبصق في وجوههم بمجرد فكرة انشاء لجنة تحقيق. ما الذي نقوله بالضبط لسكان الجنوب؟ اننا نقبل زعم ان تطلق عليهم آلاف صواريخ القسام ليس جريمة حرب لكن عمليتنا هي كذلك؟

يجب ان تكون أعمى كي لا تعترف بأن العالم يحاكمنا بمقياس مزدوج. هذا لا يغير حقيقة ان العالم أقوى، ولهذا يجب أحيانا ان نحني رؤوسنا وأن نلعب لعبة النفاق. لكن تحين ايضا اللحظة التي يجب ان نقول فيها الى هنا. اذا دفع الضباط الذين قادوا عملية "الرصاص المصبوب" حياتهم المهنية ثمنا، وان لم يدفعوا لكن اصبحت حياتهم في أيام لجنة التحقيق كابوسا، فسيكون ذلك اخفاقا حقيقيا. سنكون جميعا مسؤولين عنه، وسندفع جميعا الثمن في الحرب القادمة.