خبر جبل بركاني مدخن- هآرتس

الساعة 11:07 ص|26 أكتوبر 2009

بقلم: أسرة التحرير

الاشتباكات بين راشقي الحجارة والذين يصبون الزيت من الفلسطينيين في الحرم وبين الشرطة الذين دخلوا الى ساحة الحرم انتهت ظاهرا بالهدوء. "فقط" ثلاثة شرطة اصيبوا بجراح طفيفة. بالنسبة لاحداث سابقة في الحرم، وحسب المقياس الذي بموجبه عدد الاصابات هو الذي يصف جسامة الحدث، فان الحديث يدور عن أمر اعتيادي تقريبا. ولكن ذات الامر الاعتيادي نفسه يدل على أن الحرم (الجبل) يتصرف كجبل بركاني نشط، مدخن، لا يمكن لنا أن نعرف متى يقع فيه الانفجار الكبير التالي. موقف حكومة اسرائيل من هذه الاحداث وكأنها ساحة منافسة عادية اخرى بينها وبين الفلسطينيين من شأنه بالتالي أن يحدث انفجارا عنيفا يضرم النار في الشرق الاوسط بأسره.

        القلق الفلسطيني، العربي والاسلامي مما اعتبر كـ "تهويد القدس"، او سيطرة يهودية على الحرم، ليس مبالغا فيه. حفريات اثرية، بناء احياء يهودية واسكان يهود حول البلدة القديمة وداخلها، سياسة شراء الاراضي والاعلان عن حدائق عامة كمرحلة قبل تحويلها الى اسكان يهودي، ظهرت كجزء من سياسة حكومة اسرائيل. ولكن بينما الصراع ضد البناء واسكان الشقق في شرقي القدس يجري في نزال دبلوماسي بين اسرائيل والادارة الامريكية، فان الصراع على الحرم يجري في الشارع.

        هذا صراع يرى فيه مسلمون اسرائيليون الى جانب اخوانهم في الايمان في العالم بأسره انفسهم مؤتمنين على المكان المقدس للاسلام. خلافا سياسية داخلية وخارجية بين الفلسطينيين والدول العربية تذوب امام الكفاح الديني، وقد اوضح لاسرائيل جيدا بان دولا صديقة كالاردن ومصر لا يمكنها هي ايضا ان تقف جانبا عندما يعصف العالم الاسلامي بأسره.

        شرطة اسرائيل، بصفتها مسؤولة عن ادارة الزيارات في الحرم وعن أمن الزوار، توجد بين المطرقة والسندان. بين حكومة ترى في تعزيز السيطرة اليهودية على الحرم ومحيطه هدفا حزبيا وسياسيا، وبين الفلسطينيين الذين يرون أنفسهم سورا منيعا في وجه طموحات اسرائيل. ولكن بالذات بسبب دور الشرطة الحساس جدا، فانها ملزمة بقدر مضاعف من الفهم، التسامح والتروي. نجاحها لن يقاس باستعراض تظاهري لقوتها، بل بقدرتها على الحديث والوصول الى توافقات مع الطرف الاسلامي منعا للانفجار.