خبر دولة في حالة سبات سريري.. معاريف

الساعة 09:33 ص|25 أكتوبر 2009

بقلم: حاييم آسا

نحن نعيش في ساحة سياسية غير متوازنة جدا. اليمين في الحكم من جهة، وهو ليس فقط في الحكم، بل يبدو انه لا يمكن التشكيك بشكل ديمقراطي بحكمه في السنوات القريبة القادمة، ومن جهة اخرى عصبة من محبي الاستمتاع التي تزعم انها تمثل اليسار – زعما فقط لانه يقودها سياسيون لا يفهمون ابدا من وماذا يمثلون باستثناء انفسهم ونسائهم. وعندما لا يكون لليمين منافس، انتقاد او معارضة، هو نفسه ايضا يعاني من عملية تعفن متعاظمة، وما يبدو "هدوءا" ووحدة ظاهرة، يكون خطأ بصريا. هذه منازعة دون ألم نهايتها معروفة مسبقا.

الحقائق بادية لنا، نحن أبناء البشر، من خلف القيم، ادعى فردريك نيتشه في الجملة الاساس في مذهبه واضاف، بان منظومة القيم تتقرر (في اوساط بني البشر) على اساس مبدأ جوهري اسماه "الرغبة في القوة". قيم الزعامة عمليا في دولة اسرائيل اليوم، هي قيم تتشكل من عناصر سياسية تواقة للحكم والابهة (فقط)، بعضهم من المستمتعين دون قيود لدرجة "عدم رفض الاشباعات الفورية"، بعضهم مجرد مقتبسون لافكار محافظة جديدة سخيفة فقدت منذ زمن بعيد معناها. هذا الخليط يقف امام الفراغ. لو كان شيئا لعرفنا ذلك. كيف؟ لكان وجد جدال جماهيري، لكان عقدت ربما بضع مظاهرات، لكان ايضا بضع احداث عاصفة من الخلاف، ولكن ماذا يوجد لنا بدلا من ذلك؟ مجتمع اسرائيلي ناعس في دولة أصبحت ارجوحة نوم برجوازية.

اسرائيل في سبات سريري ليس فقط بسبب الحكم المدلل فيها. فهي في سبات سريري لانه لا يوجد فيها نقاش سياسي. لانه من جهة خان (اليسار) اولئك الذين بعثوه. إذ كيف يمكن لنا أن نفسر بانه لم يعرض احد حتى الان انتقادا لـ "رصاص مصبوب"؟ نعم، للحملة العسكرية نفسها. لحقيقة أن الجيش الاسرائيلي ساعد حماس في ارادته حماس جدا؟ تقرير غولدستون. هذا لا يعني ان الجيش الاسرائيلي هو جيش لا اخلاقي. الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، ولكن بالذات لهذا السبب نحن نخرج اغبياء. اخلاقيون ونبدو كمجرمي حرب في نفس الوقت في حرب لم تحقق شيئا. هذا ما ينبغي التحقيق فيه. الجيش الاسرائيلي على ما يبدو لا يعرف حتى الان كيف يخوض معركة ضد منظمة ارهابية. وهو لا يفهم اهدافه، ولا اهداف ذاك الذي يقف حياله. ولكن تشديدي هو على انعدام الانتقاد. لو كان هناك يسار لكان انتقاد. لكان جدال. لكان ساعد ذلك ايضا اليمين في أن يفهم اين يعيش. لساعدنا جميعا في أن نفهم اين نعيش. وهكذا نجد انفسنا جميعا في فراغ.

فقط داخل الفراغ يمكن لمتهكم لا يكل ولا يمل مثل ايهود باراك ان يخدعنا. المذكور أعلاه، الذي يستخف هنا بكل واحد منا، استخفاف ثقيل، مفعم باطنان من الاحتقار، كله يقوم على الفراغ الذي علقنا فيه، يواصل هزنا من خلال الامعة البلاستيكية التي بعثها لنا في شكل كوتي مور او شالوم سمحون، الذي هو لعلمكم وزير الزراعة او شيء كهذا. كوتي مور، الذي عرض كمحامي باراك في موضوع المتع الباريسية، التي هو، باراك، بالطبع لا يعرف عنها، إذ أن ليس هو الذي نزل في فندق مصنوع من بلاتين، وليس هو من كان محوطا بخمسين سكرتيرة، صحافي، رجال علاقات عامة ومن لا (هذه ليست المرة الاولى التي لا يكون فيها باراك هو نفسه).

كوتي مور هو رئيس قسم التأهيل (الذي يعنى بتأهيل معاقي الجيش الاسرائيلي) في وزارة الدفاع، ذاك الذي يكافح بتفان لتقليص حقوق متضرر الجيش الاسرائيلي المساكين، ذاك الذي يعتبر اليوم عدو الجرحى بالنسبة للكثيرين منهم، ذاك الذي يسحب سيفه باسم التوفير الوطني. أهذا تنغيص أم لا؟ "التنغيص" هي طريقة قتالية معروفة، في غياب ضمير اخلاقي تصبح حربة مرض مناعة. مرض تتعرض فيه أجهزة المناعة في الجسد لهجوم من قواها الذاتية. وهكذا يضيع التوازن لان جهازك الدفاعي يهاجمك هو نفسه. احد الامراض الاكثر انتشارا بسبب انعدام هذا التوازن هو مرض تعفن الاعضاء الذي لا علاج له