خبر ندوة في البرلمان البريطاني تتوقع منافسة بين جمال مبارك والعسكريين على الحكم

الساعة 06:28 ص|23 أكتوبر 2009

فلسطين اليوم-القدس العربي

نظم 'منبر جنوب آسيا والشرق الاوسط' مؤتمرا ليوم واحد في احدى غرف مجلس العموم البريطاني تطرق الى موضوع 'مصر وتطلعها نحو المستقبل'، اشرف على تحضيره وادارته مدير المنبر خالد نديم، وشارك فيه نواب بريطانيون وخبراء في الشؤون المصرية والعربية من العالم العربي واوروبا وامريكا وحشد كبير من المهتمين بالموضوع.

وانطلق المؤتمر بكلمة للنائب المحافظ في مجلس العموم البريطاني نايجل ايفانز، الذي يترأس اللجنة البرلمانية المشتركة في برلمان بلاده المتخصصة في العلاقة البريطانية مع مصر.

وابرز ما قاله ايفانز ان 'زيارة الرئيس الامريكي اوباما الاخيرة الى مصر والقاءه خطابا شدد على ترميم العلاقة بين امريكا والغرب، من جهة، والعالم الاسلامي من جهة اخرى، قد ساهم في تخفيف حدة التوتر بين الدول الغربية والدول الاسلامية بما فيها مصر'. واشار الى ان 'بريطانيا هي الشريك التجاري الاساسي لمصر بين الدول الغربية'. وقال ان 'بلده تتمنى حدوث تقدم في ثلاثة مجالات في مصر اولها: تحسن الحاكمية، وثانيها، تعزيز الممارسات المرتبطة باحترام حقوق الانسانن وثالثها، دعم دور مصر كوسيط في السلام في الشرق الاوسط'.

ووصف الحاكمية بانها 'تركز على العمل الحكومي الشفاف وخلق المؤسسات التي تؤكد وصول الخدمات الاساسية الى الشعب ومكافحة الفساد الذي (حسب قوله) يعتقد تسعون في المئة من المصريين وجوده في مصر حاليا'.

واعتبر ايفانز ان 'قضية من سيرث الرئيس حسني مبارك في رئاسة مصر بعد تنحيه او وفاته قضية اساسية'، وقال ان 'البعض يعتقدون بان نجله جمال سيرث هذا المنصب'.

بيد انه عبر عن 'حذره ازاء امكانية عدم السماح لمرشحين آخرين بمنافسة جمال اما عبر القوانين او بوسائل اخرى'. ورأى ان 'مسألة هيمنة الدولة المصرية على وسائل الاعلام مشكلة اساسية، بحيث لا يسمح بكثير من الامور، مما قد يعرقل اي انتخابات رئاسية نزيهة'. ولكنه اعترف بان 'مصر لعبت (وما زالت تلعب) دورا اساسيا في السلام العربي ـ الاسرائيلي'. وسألته 'القدس العربي' لماذا لم يتحدث عن دور مصر في الاشراف على المفاوضات بين فتح وحماس، وعما اذا كانت حكومة بريطانية بقيادة حزب المحافظين ستبدل تعاملها مع مصر؟ فقال: 'ان مصر تعتبر وسيطا نزيها من جانب كثير من الجهات. وحزب المحافظين لن يبدل تعامله مع مصر عما هو عليه حاليا من جانب حزب العمال الحاكم'.

وسألت الليدي شيركي ويليامز التي حضرت المؤتمر: 'ماذا سيحدث للعلاقة المصرية ـ الاسرائيلية بعد انتهاء ولاية الرئيس مبارك، فهل سيقبل القادة الجدد للنظام المصري باستمرار اسرائيل كدولة متسلحة نوويا. وماذا سيكون موقف حركة الاخوان المسلمين في مصر في هذا الشأن حيث من المنتظر ان يتصاعد دورها؟' واجابها الصحافي هيو مايلز، الذي عاش في مصر مؤخرا بعد اصداره كتابا عن محطة 'الجزيرة' التلفزيونية بانه 'من الضروري ادخال الاخوان المسلمين في النظام السياسي المصري وعدم دفعهم الى الخيارات المتطرفة'. ووافق معه اللورد هيلتون الذي قال انه 'اجتمع مع قيادات الاخوان المسلمين ووجد انهم مثقفون وحرفيون ومن الخطأ اعتبارهم متطرفين'.

بيد ان مداخلة الخبير الامريكي جوناثان باريس، من معهد هدسون الامريكي المحافظ عن العلاقات الامريكية ـ المصرية (وهو اقرب الى خط المحافظين الجدد في امريكا منه الى توجهات الرئيس اوباما) اتت في سياق مخالف لما اشار اليه المتكلمون الآخرون حيث قال: 'ان التحالف المصري مع امريكا في مجال الرغبة في السلام مع اسرائيل لن يتغير بعد انتهاء ولاية الرئيس حسني مبارك'. وتمنى ان 'تقود مصر دول العالم العربي في مواجهتها مع ايران'. وقال ان 'جمال مبارك، او عسكريا مصريا فاعلا، سيخلف مبارك (يقصد الجنرال عمر سليمان)، ولن تكون عملية الخلافة عنيفة، او ربما يأتي الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى كفلتة شوط'. واشار الى ان اهم ميزات جمال مبارك مقدراته الاقتصادية، فيما افضل صفات سليمان علاقاته الجيدة بالفلسطينيين والاسرائيليين وتواضعه وارتباطاته القوية بأمريكا التي تقدم ملياري دولار سنويا الى مصر من المساعدات'. وشن باريس هجمة على حزب الله وما فعله مؤخرا لدعم المقاومة في غزة عبر تغلغله في مصر، ووصف ذلك 'بمحاولة لقلب النظام في مصر'.

ولكن المداخلة الاكثر وقعا على المشاركين اتت من الدكتورة غادة الكرمي، الاستاذة الفلسطينية في جامعة اكستر البريطانية والكاتبة البارزة، حيث قالت: 'ان مصر كانت منذ عام 1949 المؤيدة الاساسية لحقوق الفلسطينيين، وخصوصا خلال قيادة الرئيس جمال عبد الناصر لهذه الدولة.

وقد آمنت الجماهير العربية بان عبد الناصر سيحرر فلسطين وخصوصا انه شجع الفدائيين في غزة على مقاومة اسرائيل وساهم في الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة شرعية للشعب الفلسطيني، وعامل اللاجئين الفلسطينيين الوافدين من اسرائيل الى غزة معاملة ممتازة حيث اعتبرهم مساوين للمواطنين المصريين وفتح امامهم ابواب العلم والعمل في مصر، ولكن وبعد توقيع الرئيس انور السادات اتفاقية كمب ديفيد حدثت اساءات للتعاون المصري ـ الفلسطيني، وانفصلت مصرعن العالم العربي'. ومنذ ذلك الحين وحتى اواخر التسعينات، حسب قولها، 'تحول دور مصر من الدولة الاساسية الداعمة لحقوق الفلسطينيين الى الوسيطة في السلام العربي ـ الاسرائيلي، او بين فتح وحماس، وهذا امر معيب، فمصر هي الدولة العربية الاساسية وليست دولة وسيطة، السويد بامكانها الوساطة، ولكن وضع الغرب مصر في هذه الخانة مسيء للواقع ويؤدي الى خضوع مصر لمشيئة الدول الغربية'. واضافت: 'وبالتالي رأى كثيرون في الساحة العربية ان مصر تحولت الى عميل للسياسات الغربية على حساب علاقاتها بأشقائها العرب فقط لانها تحصل على مساعدات مالية ضخمة من امريكا كل عام تبلغ ما يوازي الملياري دولار'.

واتهمت الكرمي مصر بانها المحرض الاساسي على اقفال معابر رفح وغيرها الى غزة خلال الازمة الاخيرة العام الماضي، لكونها لا ترغب بشعور قيادات حماس في غزة بأنها انتصرت وان هذا بالتالي سيشجع حركة الاخوان المسلمين في مصر'. وقالت 'اسرائيل كان يهمها ان تتخلص من مشكلة غزة الواقعة على عاتقها، ولكن فتح المعابر كان بيد مصر، ومصر رفضت فكرة نجاح المقاومة في غزة التي قد تنعكس على نظامها وتزيد شعبية الاخوان المسلمين'.