خبر أوباما ومبادرة جنيف.. دولة مسخ وتصفية للقضية .. ياسر زعاترة

الساعة 09:06 م|22 أكتوبر 2009

ياسر الزعاترة

في الأخبار أن الجهود المبذولة من طرف جورج ميتشيل لاستئناف المفاوضات بين السلطة والإسرائيليين ما هي إلاَّ تغطية على ما تخطط له واشنطن ممثلاً في تبني الأفكار التي وردت في مبادرة جنيف، والتي أصبحت وثيقة رسمية.

من هنا ينبغي أن تضاء إشارات الخطر، لاسيما أننا إزاء مجموعة فلسطينية لها سجلّها في المفاوضات السرية والصفقات المفاجئة، بدليل أن مضمون عشرات اللقاءات بينها وبين الطرف الإسرائيلي قد ظل طي الكتمان لولا الخلاصة التي قدّمها لنا أحمد قريع إثر غضبته على استبعاده من اللجنة المركزية لحركة فتح، قبل أن يُصار إلى ضمه إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. «كل شيء جاهز، ولم يتبق غير التوقيع». كان هذا عنوان المقال الذي كتبه المحل السياسي الإسرائيلي المعروف «إليكس فيشمان» في صحيفة يديعوت أحرنوت بتاريخ 24/7، وفيه كشف النقاب عن الملحق الأمني لوثيقة جنيف الشهيرة التي وقّعت قبل ست سنوات من طرف ياسر عبد ربه ويوسي بيلين، وأثارت ضجة كبيرة في حينه بسبب تنازلها المعلن والواضح عن حق العودة للاجئين. هذه المرة لم يكن عبد ربه وحيدًا، فقد كان معه حوالى أربعين شخصية من فتح والسلطة، وذلك مقابل حوالى ستين شخصية من دهاقنة السياسة والأمن في الدولة العبرية ممّن خبروا كل شبر في الضفة الغربية تبعًا لعملهم في سلك الأمن والاستخبارات والإدارة المدنية. كان إليكس فيشمان قد قال في حينه إن وزيرة الخارجية ورئيس مجلس الأمن القومي قد اطلعا على المبادرة وملحقها الأمني، وتمت دراستها بشكل دقيق في البنتاغون، فيما ذهب الصهيوني رام إيمانويل، كبير موظفي البيت الأبيض إلى أنها ستكون أساس التسوية الدائمة. في الملحق الذي يبلغ حوالى 700 صفحة تفاصيل مرعبة تؤكد حقيقة الوقت الطويل الذي صرف في صياغتها، إذ تتضمن تفاصيل مملّة حول حركة الفلسطينيين والإسرائيليين في مناطق الضفة، وبالطبع تبعًا لحقيقة بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في مكانها؛ هي التي تقطع أوصال الضفة، وتسرق أهم أحواض المياه، وتبعًا لحقيقة أن أجزاء من القدس الشرقية ستكون مفتوحة للفلسطينيين والإسرائيليين، فضلاً عن وجود قوات دولية سيكون لها دورها في التنسيق بين الطرفين. ولذلك سنعثر على جسور وأنفاق وطرق التفافية بتفاصيل غاية في الدقة. من العناصر المهمة في الملحق أيضًا ما يتعلّق بالتأكيد على كون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، والمثال الوحيد المتوفر هو نموذج كوستاريكا، مع أن نموذج نتنياهو لتلك الدولة هو أقرب إلى «أندورا». الجانب الأساسي الإضافي في الملحق هو الوجود الإسرائيلي في أراضي الدولة من خلال محطتي إنذار ستكونان مناطق إسرائيلية ذات استقلالية ذاتية. كما سيتواجد الإسرائيليون أيضًا في مناطق الغور من خلال كتيبة عسكرية. سلاح الجو الإسرائيلي يستطيع مواصلة التحليق من أجل التدريب فوق الضفة، باستثناء أيام الجمعة والأعياد الإسلامية والمسيحية. وسيكون للفلسطينيين الحق في استخدام مسارات الطيران المدنية فوق إسرائيل التي يستخدمها الطيران الأردني. وهذا الاتفاق أيضًا قابل للدراسة مرة أخرى بعد عشر سنوات. المشاركة الإسرائيلية في المعابر الحدودية بين الدولة الفلسطينية ومصر والأردن وفقًا للملحق ستتواصل. وبالنسبة لقطاع غزة، الافتراض الأساسي لمعدي الوثيقة وملحقها هو أن الوضع السياسي فيها سيتغير. الجداول الزمنية المعدة لتطبيق الاتفاق تظهر في مستهل الملحق. وهي كما هو متوقع تتضمن تفاصيل دقيقة لكل مرحلة. يفترض بالاتفاق أن يطبق بصورة كاملة خلال 30 شهرًا، سيصل الجانبان بعد نهايتها إلى الحدود الدائمة كما حددت في جنيف 2003، والتي تشمل تبادلاً للاراضي. الممر الآمن بين غزة والضفة الغربية سيدشن. معابر الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية ستفتح. هي إذن الدولة المؤقتة التي تتحوّل إلى دائمة بحكم الأمر الواقع، وهي دولة كانتونات ناقصة السيادة على قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية، بدون عودة اللاجئين، ومن دون القدس الشرقية، (باستثناء بعض المناطق التي ضمت للمدينة بعد احتلال 67، وصيغة دولية لإدارة المناطق المقدسة لا تغير في حقيقة بقاء السيادة الإسرائيلية عليها).

إنه خطر يتهدد القضية، لاسيما إذا تم تمريره، مع اعتراف بيهودية الدولة العبرية، ولا بد من توحّد جميع شرفاء فلسطين والأمة في مواجهته.