خبر العقد الأخير.. هآرتس

الساعة 12:28 م|22 أكتوبر 2009

بقلم: آري شافيت

هذا هو تاريخ السخافة: في العقد الاول بعد حرب الايام الستة قررت اسرائيل الا تقرر. ولم تأخذ بتحذيرات يشعياهو ليفوفيتش، عاموس عوز، اوري افنيري، لوبا الياف واسحاق بن اهارون، ممن فهموا على الفور شرك الاحتلال. فقد اعتقدت بأن المناطق هي اوراق وأنه من المجدي الاحتفاظ بهذه الاوراق لانه مقابلها سيكون ممكنا تحقيق السلام. اسرائيل ليفي اشكول وغولدا مئير لم تفهم بأن الوضع المؤقت الذي خلقته في يهودا، السامرة وغزة هو شرك دائم، سيكون من الصعب جدا الخروج منه.

في العقد الثاني بعد حرب الايام الستة، اسرائيل قررت. في اعقاب التحول السياسي في العام 1977 اقامت حكومات اليمين نحو 150 مستوطنة، كانت ترمي الى جعل الاحتلال لا رجعة عنه. وبالذات بعد ان انسحب من سيناء، كان الليكود مصمما على منع انسحاب اخر وفي نوبة غير مسبوقة من الغرور، القلق والتجاهل للواقع، اسرائيل الليكودية حاولت السيطرة على المناطق. باساليب كولونيالية مرفوضة وعدمية عملت اسرائيل مناحيم بيغن وارئيل شارون خلافا للقانون الدولي وخلافا للواقع الديموغرافي كي تبتلع اجزاء من البلاد لم يعد بوسعها ان تهضمها. سكرى من القوة ومصابة بالمسيحانية حاولت ان تصد بكل ثمن السيادة الفلسطينية ولكنها بذلك شككت بالذات بالسيادة اليهودية.

في العقد الثالث للاحتلال طرأت صحوة. الانتفاضة الاولى دفعت الاغلبية الاسرائيلية لان تفهم بأن من الافضل الخروج من المناطق. ولكن، اسحاق رابين وشمعون بيرس اختارا محاولة الخروج منها عن طريق اوسلو، التي أدت الى مأزق. لماذا؟ لانها استندت الى الفرضية عديمة المعنى بأن ياسر عرفات هو شريك وان السلام في متناول اليد ولما كانت هكذا، لم تحرص المسيرة السلمية على الفلسطينيين ولم تتشدد مع المستوطنين اما النتيجة فكانت الفوضى: من جهة كيان فلسطيني مسلح، معاد وعديم المسؤولية، ومن جهة اخرى مشروع استيطاني شديد. وبدلا من المسيرة السياسية التي تحرر اسرائيل من الطوق الخانق، وثقته فقط على رقبتها.

في العقد الرابع للاحتلال، صحت اسرائيل من الصحوة. بعد فشل مؤتمر كامب ديفيد واندلاع الانتفاضة الثانية فهمت الاغلبية الاسرائيلية بان مسألة الاحتلال ومسألة السلام هما مسألتان مختلفتان فهمت بأنه سيتعين على اسرائيل ان تخرج بحذر من المناطق حتى وان لم يؤد الخروج الى نهاية النزاع. اسرائيل شارون وايهود اولمرت آمنت باحادية الجانب. ولكن بعد ان جربت احادية الجانب في فك الارتباط تبين ان الحل السحري الجديد هو ايضا حل كاذب. صعود حماس، هجمات القسام، "رصاص مصبوب" وتقرير غولدستون علمتنا ما الذي يجري عندما تسعى اسرائيل لفك الارتباط: التطرف الفلسطيني يتعاظم، العنف يتجدد، وعندما تدافع اسرائيل عن نفسها، فانها تستهدف. في هذه المرحلة المتأخرة لا تستأنف أحادية الجانب المبسطة الشرعية الاسرائيلية بل تقضمها جدا.

العقد الخامس هو العقد الاخير. لا يوجد اي احتمال في ان تمنح الاسرة الدولية اسرائيل زمنا اضافيا. اذا لم نجد بسرعة الطريق الصحيح للتصدي للاحتلال، فان الاحتلال سيدفننا. عن حق أم غير حق، تقف اسرائيل الان وظهرها الى الحائط. عن حق وبغير حق، العالم يمنح الان اسرائيل صفر تسامح وصفر انصات. اذا اضطررنا الى استخدام القوة مرة اخرى – سننبذ. واذا لم نعالج بجدية المستوطنات – سنصبح جنوب افريقيا.

وعليه فليس لبنيامين نتنياهو وايهود باراك زمن. وهما ملزمان بأن يعملا بسرعة. خيار العقد الاول (الوضع الراهن) ليس خيارا. خيار العقد الثاني (الاستيطان) لم يكن ابدا خيارا. خيار العقد الثالث (السلام) هو وهم. خيار العقد الرابع (احادية الجانب) هو صيغة للمصيبة. وعليه فمن الحيوي أن ندفع في غضون وقت قصير بالخيار (الواعي) للعقد الخامس. ربما انسحاب محدود من السامرة. ربما انسحاب محدود مقابل اعتراف دولي بالخط الواقي الاسرائيلي وبحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها من الداخل. ربما انسحاب محدود مشروط في ان تتحمل مصر، الاردن، السعودية ودول الخليج مسؤولية مؤقتة عن المناطق المخلاة وتطويرها. مهما يكن من أمر، على نتنياهو وباراك ان يعملا. عليهما ان يثبتا بانهما لا يجلسان في مكتبيهما كي يتمتعا بمناعم السلطة، بل كي ينهيا 4 عقود من السخافة بعقد خامس من الأمل.