خبر توجد عصا، ولا توجد جزرة.. يديعوت

الساعة 09:45 ص|13 أكتوبر 2009

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

"تكلم بهدوء وأمسك بعصا كبيرة – هكذا ستبلغ بعيدا". رأى رئيس الولايات المتحدة ثيودور روزفلت هذا التوجه مفتاحا لنجاح الامبراطورية الامريكية. كل ذلك يقوم على فرضين: الاول انهم اذا لم يصغوا الى كلامك فانك ستستعمل العصا الكبيرة؛ والثاني انك اذا حظيت بالانتباه الذي طلبته بالعصا، فلن تعلم فقط ما الذي تريده بل كيف تجعل النيات واقعا ايضا.

من يفحص عن السياسة الامريكية في السنين الاخيرة يمتلىء تساؤلا. حظي الامريكيون بانصات عالمي؛ فهم من آن لاخر يستعملون العصا. لكنه ليس واضحا في أحيان متقاربة حقا انهم يعلمون ماذا يفعلون بالانصات الذي تهيئه العصا لهم. ترمي الحروب الامريكية في افغانستان والعراق لان تبين للعالم كله ان الولايات المتحدة لن تتردد في استعمال جيشها وقت الحاجة. منح ذلك العم سام انصاتا عالميا. ادرك الجميع – القامعون والمقمعون والحلفاء والاعداء – سواء أجلوا جورج بوش الابن ام احتقروه – ان الشريف العالمي مستعد للمضي بعيدا. لكن الى اين؟ ليس واضحا حتى الان.

لم تنجح الولايات المتحدة في ان تبين ان لها الرؤيا والقدرة المطلوبتين. أديمقراطية؟ أستقرار؟ أسلام؟ أجل، لكن كيف؟ ليس واضحا. يورط الامريكيون انفسهم مرة بعد اخرى. ومرة بعد اخرى يفقدون الصبر. ألا تريدون السلام، والديمقراطية وماكدونالدز؟ لا حاجة اذن. عندما لا يعلم ماذا يفع بالعصا مهما تكن كبيرة فانها غير فعالة. يوجد في العالم قوى كثيرة جدا ذات قوة محدودة وصبر غير محدود. الاضعاف البطيء يمكن ان يصبح وسيلة أشد فاعلية في مواجهة أقوى القوى.

السياسة الامريكية في الشرق الاوسط في السنين الاخيرة هي مثال على عدم رؤيا تعظم مسارات خطرة. لم يفض التدخل الامريكي في العراق الى استقرار في المنطقة بل الى عدم استقرار لانه لم يكن للامريكيين اي رؤيا واقعية تتصل بنتائج اسقاط صدام حسين. اسقطناه، فماذا الان؟ الديمقراطية والسلام. لا لا.

يقوم بين العراق وايران منذ آلاف السنين توازن قوى موتر. أخرجت الولايات المتحدة العراق من المعادلة من غير ان تنشأ بديلا مناسبا منها. هذا هو سبب تنبه أحلام الهيمنة الايرانية. اذا زدتم على ذلك الارتفاع الحاد لاسعار النفط ولامريكا فيه دور مهم فاضح فستحصلون على مشكلة. من جهة ثانية تثير الجمهورية الاسلامية في المنطقة معارضة كبيرة – معارضة كان يمكن تجنيدها بمسار سياسي يمكن من توحيد القوى المعارضة لايران. الاجراء الرئيس ها هنا هو اخراج النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني من المعادلة.

لم يعد النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني منذ زمن مشكلة اسرائيلية – فلسطينية. فهو اداة في أيدي القوات المتطرفة لاحداث مقاومة للولايات المتحدة التي تعرض على انها مضطهدة للمسلمين بارسالها الى المنطقة. ان ما يسهل على اجراء كهذا هو حقيقة ان اسرائيل ناضجة له تماما وهو يخدم مصالحها ايضا. المسارات التي تمت في اسرائيل منذ اوسلو تشهد على ان المجتمع في اسرائيل مستعد لتسوية تشتمل على انسحاب واخلاء كي تستطيع ان تولي مشاكلها الداخلية عنايتها. وقد تعب المجتمع الفلسطيني ايضا من الصراع. ان ما ينقص الجانبين هو القيادة السياسية التي تستطيع تحمل المسؤولية عن المسار.

هذا بالضبط المكان الذي تستطيع الولايات المتحدة العمل فيه. المشكلة هي ان العم سام يتبين مرة اخرى انه بلا رؤيا وبلا قدرة على تحمل المسؤولية. ان تصريحات اوباما التي عبرت كما أمل الجميع، عن ظهور ادارة تعلم ما تريد، تلاشت سريعا جدا حتى انه قد نشأ خوف من ان خللا عميقا يجعل السياسة الامريكية عقيما لا جورج بوش. من الظريف الحصول على جائزة نوبل للسلام عن النيات الخيرة. لكن الامريكيين لا يعوزهم النيات الخيرة بل استعداد لتحمل المسؤولية.