خبر حكمة المصالحة .. هآرتس

الساعة 09:56 ص|12 أكتوبر 2009

بقلم: أسرة التحرير

من الصعب التقليل من اهمية واحتفالية اللحظة التي وصل فيها الى الطاولة في زيورخ وزيرة الخارجية التركي أهمت دفت اوغلو، ووزير الخارجية الارمني ادوارد نفنديان، ليوقعا على اتفاق سلام تاريخي بين الدولتين.

بين تركيا وارمينيا وان كانت لا تسود حرب، ولكن هناك بينهما نزاع مصيري مشبع بالكراهية التي تمتد الى مائة عام. بداية النزاع في القتل الجماعي للارمن على ايدي جنود الامبراطورية العثمانية إبان الحرب العالمية الاولى، وامتداده في الجدال المرير وغير المهاود بين احفاد الاحداث المأساوية. وطالب الارمن من تركيا الاعتراف بجريمتها، فيما حظر الاتراك على الادباء حتى الاعراب عن العطف للارمن.

ادعت تركيا بان الارمن قتلوا وطردوا في اثناء المعارك وانه حتى لو قتل منهم الكثيرون فان عدد الذين قضوا نحبهم لا يزيد عن 300 الف. اما الارمن فيتطرقون في كل منشوراتهم، ابحاثهم وابداعاتهم الفنية، الى مذبحة جماهيرية، قتل شعب بل وحتى كارثة من مليون ونصف ضحية. الجدال الذي تدوره رحاه بين الدولتين ادى الى شرخ حاد بينهما واضر بهما كلتيهما. رفض تركيا الاعتراف بالظلم تجاه الارمن اضعف فرصها في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي ومس بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، فيما أن ارمينيا الفقيرة بقيت في العزلة. الان، دون الاتفاق على التفاصيل التاريخية سارت الدولتان خطوة كبرى نحو المصالحة.

المصالحة نفسها أهم من عناصرها التي لا بد ستولد خلافات اخرى: وهي تدل على أنه حتى النزاعات طويلة الامد قابلة للحل، وان القيادة الحقيقية مستعدة لان تحدث تغييرات فكريا من أصل المستقبل. رئيس الوزراء تركي رجب طيب اردوغان، قاد باتجاه المصالحة مع ارمينيا مثلما يحاول ان يحسن العلاقات مع اليونان وان يدفع الى الامام بحل النزاع في قبرص، بحكمة مثيرة للانطباع.

حتى لو كان السبيل الى حل حقيقي لا يزال بعيدا، فان الطرفين امتشقا من العلاقات بينهما الشوكة السامة المتعلقة بحصرية الرواية التاريخية واستخدامها كأداة للمناكفة الابدية. اتفاق السلام بين تركيا وارمينيا يوفر إذن درسا مشوقا لاسرائيل والفلسطينيين، الذين يتمترسون في الروايتين احاديتي الجانب واحاديتي البعد باسم العدل المطلق وحتى آخر قطرة دم. الاتراك، التي سيطرت امبراطورية ابائهم واجدادهم العثمانيين على مدى مئات السنين في منطقتنا، فتحوا لنا كوة للامل.