خبر المبادرة والقلق.. يديعوت

الساعة 09:40 ص|06 أكتوبر 2009

بقلم: ايتمار ايخنر واورلي ازولاي

على نحو مفاجىء، في اسرائيل لم يسارعوا الى مهاجمة الصفقة المتبلورة بين القوى العظمى وايران، وبموجبها يتم تخصيب كل اليورانيوم الايراني تقريبا في روسيا. بل كان هناك في الساحة السياسية من قال ان لهذه الصفقة طاقة كامنة ايجابية. وسبب رد الفعل المفاجىء: من وضع هذه الفكرة في الاصل هو الوزير السابق النائب شاؤول موفاز.

الاقتراح الذي طرحه موفاز على الامريكيين قبل اكثر من سنة بقليل، في مداولات الحوار الاستراتيجي التي كان موفاز مسوؤلا عنها في عهد حكومة اولمرت.

وقد رفع الاقتراح الاسرائيلي الى الامريكيين قبيل نهاية ولاية جورج بوش عندما كان لا يزال واضحا ان اوباما من المتوقع ان ينتصر في الانتخابات للرئاسة ويشكل ادارة تسعى الى الحوار مع الايرانيين. في اثناء المحادثات التمهيدية قبيل اللقاء بلور الفريق الاسرائيلي بادارة موفاز شرطين: ان يكون الحوار مع ايران محدودا زمنيا ويدار لاشهر وليس لسنين، وان يكون تخصيب اليورانيوم لا ينفذ على الارض الايرانية. وقد تمت بلورة هذا الموقف في المداولات التي اجراها موفاز بمشاركة ممثلين عن وزارتي الدفاع والخارجية، الموساد، لجنة الطاقة الذرية، مجلس الامن القومي وشعبة الاستخبارات العسكرية.

وكان موفاز وضع الفكرة قبل ذلك في اثناء لقاءه مع وزير الدفاع الروسي سيرجي ايفانوف. وشرح موفاز بأنه لما كانت روسيا على اي حال تساعد ايران على تشغيل قسم من منشآتها النووية فمن المجدي ان تقوم هي بتخصيب اليورانيوم على اراضيها بدلا من ان ينفذ ذلك على الارض الايرانية. وعلل موفاز ذلك بأن "الامر سيسهل على روسيا، على الولايات المتحدة وعلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة تخصيب اليورانيوم والاستخدام الذي تقوم به ايران له. من ناحية اسرائيل هذه الفكرة كان يفترض ان تكون هي اهون الشرين. الوزير الروسي اجاب بأنه ينبغي ان يكون توازن بين الرقابة وبين الاستقلال الايراني في المواضيع الاستراتيجية المتعلقة بها.

بعد ذلك عرض موفاز المبادرة ايضا على كبار رجالات ادارة بوش. وقال امس موفاز لـ "يديعوت احرونوت"، "في ذلك الحين وافق الامريكيين جدا معنا وقالوا ان هذه الفكرة تبدو لهم صحيحة. اعرف انه بعد الانتخابات في الولايات المتحدة نقل رجال بوش هذه الفكرة الى رجال الادارة الجديدة". وحسب اقواله لم يكن هذا اقتراحا اسرائيليا رسميا وخطيا بل "تبادل للافكار". واكد امس وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بأن القوى العظمى توصلت الى خلاصة مبدئية مع ايران. وحسب الخلاصة، تنقل ايران ثلثي اليورانيوم الذي في حوزتها – 1200 من اصل 1800 طن الى روسيا. هذا اليورانيوم، الذي يمكن لايران ان تخصبه بمستوى منخفض (5 في المائة) غير المناسب لانتاج سلاح نووي، يخصب في روسيا الى مستوى 20 في المائة. غير انه لا يعاد في هذا الوضع الى ايران. اليورانيوم الذي يخصب في روسيا يرسل الى فرنسا، حيث يستخلص منه وقود نووية. قضبان الوقود ترسل عائدة الى ايران، غير انه في هذا الوضع سيكون من الصعب على الايرانيين جدا لدرجة التعذر اعادة العجلة الى الوراء: معالجة قضبان الوقود مرة اخرى الى مادة يمكن من خلالها انتاج سلاح نووي.

ماذا ستفعل ايران مع ذلك بهذه الوقود؟ في اثناء محادثات جنيف، نجح الممثلون الايرانيون في اقناع القوى العظمى بان الوقود النووية ستنقل الى معهد بحث طبي قرب طهران، حيث تنتج ايزوتوبات لمعالجة مرض السرطان. ويقدر الخبراء بأن العملية بأسرها ستستغرق سنة على الاقل. في اثناء هذه السنة لن يكون ظاهرا خوف من ان تكون ايران تخصب اليورانيوم لاهداف عسكرية وتتعاظم المساعي الدبلوماسية لتحقيق اتفاق شامل.

الاتفاق المتبلور يعطي ظاهرا القوى العظمى السلم للنزول من الشجرة: روسيا والصين تحتاجا الى قطع علاقاتها مع نظام احمدي نجاد، والرئيس اوباما يمكنه ان يتباهى في انه كان محقا حين ادعى انه يمكن ازالة التهديد الايراني بوسائل الضغط الدبلوماسي.

غير ان الرئيس الامريكي يفضل الحفاظ على رباطة الجأش وكذا وزير الخارجية الروسي شدد على ان المسار لم يتفق عليه بعد بشكل نهائي ويفترض ان يوقع فقط في جولة المفاوضات التالية، التي ستعقد في فينا في 19 تشرين الاول. سبب الحذر : في واشنطن لا يزال يشتبهون في ان الاتفاق التاريخي سيتبين كمناورة تسويف اخرى من خلالها تحاول ايران كسب الوقت والتقدم في برنامجها النووي.

وبالفعل من الاتفاق المتبلور لا تزال تنشأ بضع علامات استفهام مقلقة: ما الذي سيمنع ايران من اساءة استخدام حقيقة ان القوى العظمى لا تلزمها بالكف التام عن تخصيب اليورانيوم على اراضيها؟ ماذا ستفعل ايران بـ 600 طن من اليورانيوم لا يلزمها الاتفاق بتسليمها الى روسيا؟ ومن اين تأتي الثقة في ان ايران لا تخفي المزيد من المنشآت التي يمكنها من خلالها ان تخصب اليورانيوم دون عراقيل، فضلا عن المنشأة في نتناز والمنشأة التي تبنى في قم؟

موفاز، الذي بادر الى الخطوة، يعتقد اليوم بان احتمالات نجاجها طفيفة: "انا لا ارى هذا يحصل ولست واثقا من الايرانيين على الاطلاق سيوافقون عليه. كشف المنشأة في قم يثبت كم كانت اسرائيل محقة في  الماضي عندما قلنا ان الايرانيين طوروا برنامجا نوويا سريا. الايرانيون سيواصلون التمسك باستراتيجية محاولة كسب الوقت".