خبر أصغر أسير في العالم .. يوسف كان ونيس والدته في السجن يجد نفسه غريباً خارج أسواره

الساعة 07:18 ص|04 أكتوبر 2009

كان يظن أن الزنزانة هي الكون ويعتقد أن كل ألأطفال يحملون اسمه

أصغر أسير في العالم .. يوسف كان ونيس والدته في السجن يجد نفسه غريباً خارج أسواره

كتب : عبد الغني الشامي

لم يتوقف الطفل يوسف، والذي أفرج عنه برفقة والدته فاطمة الزق في إطار صفقة العشرين يوم الجمعة الماضي، عن البكاء لحظة واحدة منذ أن وصل قطاع غزة، نظراً لتغير الوجوه عليه، بعدما كان يعتقد أن الكون هو فقط الزنزانة التي أبصر فيها النور.

وكانت سلطات الاحتلال أفرج عن الزق يوم الجمعة (2/10) ضمن صفقة العشرين برفقة طفلها يوسف الذي أنجبته داخل السجن قبل عشرين شهرا، بعد اعتقال دام عامين ونصف العام.

لم تكن تعرف فاطمة (42 عاما) حينما رافقت ابنة أخيها المريضة "روضة" في أيار (مايو) 2007 للعلاج، أن قوات الاحتلال ستعتقلها عن معبر بيت حانون "ايرز" شمال قطاع غزة وتقتادها إلى سجن عسقلان للتحقيق معهما بذريعة تنفيذ عملية استشهادية لحركة الجهاد الإسلامي .

ورغم التحقيق القاسي ظلت فاطمة تحتفظ بجنينها لتكون له قصة لم تحصل من قبل لأي طفل على الإطلاق بأن يبصر النور في داخل احد السجون ليكون أصغر أسير في العالم.

وبعد مخاض صعب وآلام مزدوجة للحمل والاعتقال؛ رُزقت فاطمة في السابع عشر من كانون ثاني (يناير) 2007، بالطفل الذي كانت تنتظره في ظروف غاية في الصعوبة وأسمته يوسف تيمنا بسيدنا يوسف عليه السلام الذي أمضى في السجن بضع سنين عله يؤنس وحشتها فكان الونيس لها ولزميلاتها في السجن اللاتي كن يستمتعن في مداعبته واللعب معه، مخففا عنهن آلام السجن.

رافق يوسف والدته إلى السجن ليدخل إلى ظلماته بعدما خرج من ظلمة رحمها وليعيش حياة أخرى وتجربة ربما تكون فريدة من نوعها، وليطلق سراحه برقتها في الصفقة كأصغر محرر عرفته صفقات التبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وتقول الأم فاطمة الزق: "يوسف كان يعتقد أن الزنزانة التي كانت يعيش فيها بالسجن هي الكون كله، وأنها وبقية زميلاتها العالم، وعاش وكبر على ذلك على الرغم من أن الفترة التي أمضاها لم تكون طويلة إلا أنها كانت مهمة في تكوينه وبدء نضوجه".

ووصفته بأنه ذكي جدا واكبر من سنه، وأضافت: "انه على الرغم من أن عمر يوسف لا يتجاوز العشرين شهرا إلا انه يدرك كل شيء حوله، وكنت أخشى أن تطول فترة الاعتقال ويتجذر فهم يوسف للواقع الذي يعيشه حيث سيصعب لاحقا التغير من أطباعه وسلوكه داخل السجن كون يعيش طفولة محرومة من كل شيء".

 

وأضافت: "يوسف بصدق غلبني كثيرا منذ وصلنا غزة، لان الجو تغير عليه بوجود الناس، ودائما يصرخ ولا يتوقف عن البكاء، وأنا لا اعرف ماذا اعمل له لكي يكف عن البكاء"، مؤكدة أن الوضع صعب للغاية عليه وهي تحاول أن تخرجه من الذي فيه.

وقالت: "هو دائما يبكي، ولا يتقبل احد ومتعلق بي بصورة كبيرة، ودائما يضرب نفسه، ويشعر نفسه بأنه غريب".

وأضافت: "إن تغير الجو على يوسف كثيراً هو السبب وراء الحالة التي يعيشها، حيث لم يكن داخل السجن يرى هذه الجموع من الناس ولم يكن يرى الأطفال، وحينما يرى أي طفل يقول عنهم يوسف، لان كل طفل بالنسبة له يوسف".

وأشارت أنها وجدت صعوبة في تعريفه على أشقاءه الثمانية، منوها إلى أن أكبر هؤلاء الأولاد محمود (22 عاما) وأصغرهم سليمان الذي يبلغ من العمر سبع سنوات.

وقالت: "إن لحظات تعرف أخوة يوسف عليه كانت صعبة جدا، لحظات ممزوجة بالفرح (..) ممزوجة بالبكاء، لقاء كان صعب علي، فبعد هذا الفراق الذي كان عامين ونصف العام تقريبا نلتقي وأنا معي يوسف الذي أنجبته داخل أسوار السجن بعيدا عن أخوته".

وأعربت الأم عن أملها أن يتمكن يوسف خلال فترة قصيرة أن يتأقلم مع الواقع الجديد ويعيش حياته كبقية الأطفال وان يكف عن البكاء، مشيرة إلى أنها كانت تتوقع أن يمر يوسف بهذه الحالة لكن ليس بهذا المستوى من الغربة التي يشعر بها والبكاء المستمر والتعلق بي بهذا الشكل.